عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
اتجاهات

هل "تستفيد" الصين من زلزال تركيا؟

هل "تستفيد" الصين من زلزال تركيا؟
20 فبراير 2023، 5:17 م
نظريا، هناك 4 طرق محتملة لتوسيع قنوات إمدادات الطاقة من روسيا ودول آسيا الوسطى وبحر قزوين: الصين وتركيا، وإيران، وباكستان، والهند عبر أفغانستان.

أتاح موقف تركيا الفريد تجاه روسيا المزيد من الفرص التي لم تكن تخشى الاستفادة منها.

على الرغم من عضويتها في حلف الناتو، والعلاقات الاقتصادية الوثيقة التي تربطها مع الاتحاد الأوروبي، وتقديم بعض أنواع الدعم الأمني والعسكري لأوكرانيا، لم تفرض تركيا عقوبات على صادرات الطاقة الروسية، وأبقت علاقاتها مفتوحة وقوية مع موسكو.

نتيجة لذلك، تتلقى تركيا كميات معتبرة من النفط/الغاز الروسي بأسعار مخفضة، ما يوفر دفعة من الدعم لاقتصادها المترنح حاليا.

وقد رفع موقع تركيا الإستراتيجي بين أوروبا، أكبر مستورد للطاقة في العالم، ومنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وبحر قزوين، من طموحات أنقرة للتحول إلى مركز إقليمي/عالمي للطاقة.

ولعل هذه الطموحات قد تلقت زخما إضافيا مؤخرا، بعد أن أعاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إحياء فكرة استخدام تركيا كمركز نقل إستراتيجي، مقترحا توسيع قدرة خط أنابيب الغاز الذي يربط روسيا مباشرة بتركيا تحت مياه البحر الأسود.

تتطلع إيران إلى فتح قنوات إمداد النفط والغاز إلى أوروبا، وتنويع أسواق صادراتها خاصة في حال رفع العقوبات الاقتصادية.

وزادت أهمية تركيا منذ بدء الصراع بين روسيا وأوكرانيا، الذي أعقبته مباشرة عقوبات غربية ضد موسكو، حيث تم تقييد إمدادات النفط والغاز الروسية عبر خطوط الأنابيب البرية التي تمر عبر أوكرانيا وبولندا إلى حد كبير، والتي يمكن إيقافها تماما في المستقبل القريب، وبعد تعرض خطي أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 1 و2” للتفجير/التخريب، تحتاج روسيا بشكل عاجل لتوسيع طرق تصدير النفط والغاز.

من ناحية أخرى، تطمح دول آسيا الوسطى وأذربيجان إلى فتح طرق جديدة لتصدير النفط والغاز خاصة إلى أوروبا، وهي خطط تحظى بدعم سياسي من بروكسل وواشنطن في محاولة لإضعاف سيطرة روسيا على إمدادات الطاقة في المنطقة.

في المقابل، تتطلع إيران إلى فتح قنوات إمداد النفط والغاز إلى أوروبا، وتنويع أسواق صادراتها خاصة في حال رفع العقوبات الاقتصادية.

نظريا، هناك 4 طرق محتملة لتوسيع قنوات إمدادات الطاقة من روسيا ودول آسيا الوسطى وبحر قزوين: الصين وتركيا وإيران، وباكستان، والهند عبر أفغانستان.

طبعا الاقتصاد الإيراني يترنح تحت وطأة العقوبات الغربية، وقد يواجه عقوبات جديدة أشد من السابق في حال فشل مفاوضات الاتفاق النووي، وحتى في حال رفع العقوبات فإن العقبات المالية والتقنية والزمنية تجعل الطريق الإيراني غير واقعي في المستقبل المنظور.

مشاركة الشركات الغربية في توفير الاستثمارات والتكنولوجيا والتأمين صعبة إن لم تكن مستحيلة في ظل الأوضاع الحالية.

في حين إن أي خط أنابيب يمر عبر أفغانستان إلى باكستان والهند، يحمل مخاطر جسيمة نتيجة عدم الاستقرار في البلاد، علاوة على المشاكل المالية واللوجستية والمخاوف السياسية خاصة لدولة مثل الهند التي لا تزال تراودها شكوك كبيرة تجاه طالبان وباكستان، بالتالي، فإن الخيارين الواقعيين الوحيدين هما خطوط الأنابيب عبر تركيا والصين.

بالنسبة لموسكو فإن استمرار الصراع في أوكرانيا واحتمالات توسعه يمكن أن يؤدي إلى تشدد مواقف الدول الغربية فيما يتعلق بأي مشاركة روسية في المشروع المقترح لتحول تركيا الى مركز للطاقة، علاوة على ذلك، ستلعب الاعتبارات المالية والعقوبات دورا رئيسا في تحديد الجدوى العامة للمشاريع المقترحة.

كما أن إنشاء خطوط أنابيب جديدة بين روسيا وتركيا عبر البحر الأسود، الذي يعد حاليا منطقة حرب، يتطلب جلب استثمارات كبيرة، والحصول على تقنيات/أنابيب متطورة تناسب مياهه العميقة، وسفن نقل الأنابيب، وجميعها أهداف محتملة للعقوبات الأوروبية والأمريكية.

الأهم، أن موسكو لا تستطيع ضمان أمن مثل هذه المشاريع، في حين إن مشاركة الشركات الغربية في توفير الاستثمارات والتكنولوجيا والتأمين صعبة إن لم تكن مستحيلة في ظل الأوضاع الحالية.

وفي المقابل، تُعد تركمانستان وأذربيجان عنصرين رئيسينِ في مشروع أنقرة المحوري حيث تتطلع إلى الاستفادة من التوترات الجيوسياسية وخطط الاتحاد الأوروبي للتنويع بعيدا عن روسيا، لرفع مكانة تركيا في مجال الطاقة وجلب إمدادات إضافية.

من المحتمل أن تُجبر أوروبا على الاعتماد بشكل أكبر على شمال وغرب أفريقيا لاستبدال المزيد من الغاز الروسي، علاوة استيراد المزيد شحنات الغاز الطبيعي المسال الأغلى ثمنًا.

وعند الحديث عن تركمانستان، تعد احتياطيات الغاز في البلاد من بين الأكبر في العالم، وقد يكون المركز المدعوم من أنقرة فرصة لتسييل المزيد من هذه الموارد الهائلة والوصول إلى السوق الأوروبية، لكن السؤال المهم هنا، ما إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في التوقيع على عقود طويلة الأجل لتأمين الإمدادات من تركمانستان.

وبصرف النظر عن العقبات اللوجستية والنوايا الأوروبية، قد تواجه تركمانستان أيضا مشاكل سياسية يمكن أن تخيف المستثمرين، وذلك يشمل عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، واحتمال معارضة إيران و/أو روسيا (وربما الصين) على خطط التنويع لعشق آباد خاصة في حال استبعاد الغاز الروسي والإيراني من حسابات المركز التركي المقترح.

في حين إن الاتحاد الأوروبي في حاجة ماسة للحصول على مزيد من الغاز الأذربيجاني كبديل طويل الأجل للإمدادات من شركة غازبروم الروسية، حيث وقع في شهر يوليو/تموز الماضي اتفاقية مع أذربيجان لمضاعفة واردات الغاز عبر "غازبروم" بحلول عام 2027، ومع ذلك، هناك شكوك كبيرة في أن أذربيجان تملك احتياطيات غاز كافية لزيادة المبيعات إلى أوروبا بما يتجاوز المستويات الحالية.

وفوق ذلك كله زاد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا خلال الشهر الحالي من مخاوف الاعتماد على تركيا كمركز لإمدادات الطاقة، صحيح أنه لم يكن هناك توقف في الأنابيب التي تربطها مع روسيا، في حين لم تمس معظم خطوط الأنابيب التي تمر عبر البلاد إلى أوروبا، لكن حجم الكارثة الكبير، والتحذيرات من زلازل أخطر قد تحدث في المستقبل ربما يزيد الشكوك حول جدوى الاستثمارات الأجنبية الضخمة في قطاع الطاقة التركي.

كل تلك الحسابات مجتمعة ربما تصب في النهاية لصالح بكين وتقوي موقفها التفاوضي، لأنها قد تزيد حدة المنافسة بين روسيا ودول آسيا الوسطى لتصدير مواردها من الطاقة شرقا إلى المستهلكين الصينيين أو عبر الأراضي الصينية نحو آسيا.

ومن المحتمل أن يجبر ذلك أوروبا على الاعتماد بشكل أكبر على شمال وغرب أفريقيا لاستبدال المزيد من الغاز الروسي، علاوة استيراد المزيد من شحنات الغاز الطبيعي المسال الأغلى ثمنا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC