مصر وقطر تبحثان الجهود المشتركة لوقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية

logo
مقالات مختارة

خمسون عامًا بعد حرب أكتوبر!

خمسون عامًا بعد حرب أكتوبر!
10 أكتوبر 2023، 9:34 ص

صادف السادس من أكتوبر (تشرين الأول) هذا الشهر، مرور خمسين عامًا على حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا من جهة ضد إسرائيل.

وأخرجت إسرائيل قبل حلول هذه الذكرى مجموعة من الوثائق السرية التي تعزز وجهات نظرها عن علمها مسبقًا بقرار الحرب عن طريق أحد الساسة العرب، وكذلك عن طريق أشرف مروان، السياسي المصري صهر جمال عبد الناصر والمقرب من الرئيس أنور السادات وقتها، الذي تروج إسرائيل أنه كان جاسوسًا لصالحها، بالإضافة إلى إطلاق فيلم جديد عن رئيسة وزراء إسرائيل وقتها غولدا مائير، وإظهارها بشكل بطولي وأسطوري في مواجهة حرب أكتوبر وتبعاتها.

كثافة «المعلومات المضادة» التي تبثها إسرائيل عن هذه الحرب هي لتكريس «السردية البديلة» من وجهة نظر إسرائيلية بحتة، تُخفِّف فيها من كارثة الهزيمة، وفداحة الغياب والتخبّط الإداري بين أجهزة الدفاع والاستخبارات ورئاسة الوزراء.

الوثائق الأمريكية التي تم الإفراج عنها، خاصة فترة حرب أكتوبر نفسها، تظهر بشكل واضح الدور الهائل الذي قام به وزير الخارجية الأمريكي في حينها هنري كيسنجر في «إنقاذ» إسرائيل عسكريًّا ودبلوماسيًّا وسياسيًّا، بعد تعرّضه لضغوطات هائلة من قِبل غولدا مائير التي لعبت على أوتار انتمائه اليهودي؛ لأن كيسنجر تمكن من إقناع الرئيس ريتشارد نيكسون بإقامة أكبر جسر دعم جوي عسكري في التاريخ من الولايات المتحدة الأمريكية لصالح إسرائيل؛ إذ زوّدها بالدبابات والصواريخ والمدرعات لمقاومة مصر وسوريا، وكذلك قيامه بالضغط على مصر وسوريا دبلوماسيًّا، عن طريق مجلس الأمن بالأمم المتحدة، لقبول وقف إطلاق النار، وعدم ممانعته لتهديد إسرائيل الصريح لمصر بأنها سوف تستخدم السلاح النووي ضدها؛ بتصريحها بأن طائرة إسرائيلية ستكون فوق القاهرة محملة بقنبلة نووية إذا لم ينسحب الجيش المصري من سيناء.

وكان عقل كيسنجر يعمل على أكثر من جبهة في آنٍ واحد: إنقاذ إسرائيل من هزيمة مدمرة، واستغلال الحرب لمغازلة الأطراف العربية المعتمدة على الاتحاد السوفيتي في عتادها العسكري، وإقناعهم بأنهم لا يمكنهم الاعتماد على السوفيات لتحقيق أي مكسب؛ وبالتالي عزل السوفيات في منطقة الشرق الأوسط بشكل مؤثر.

ولم تكتفِ إسرائيل بما تعلنه وتسرِّبه عن سرديتها الخاصة بها فيما يتعلق بحرب أكتوبر، والتي تطلق عليها حرب «يوم كيبور» نسبةً إلى اليوم اليهودي المقدس الذي صادف يوم تاريخ الحرب، ولكنها تمادت في تلويث صورة أشرف مروان، وتكرار مقولة إنه جاسوس لها «قدم خدمات عظيمة لإسرائيل»، حسب قولها، ولكن الحقيقة هي غير ذلك.

لقد قام أشرف مروان بخداع إسرائيل، وإهانة جهاز «الموساد» الاستخباراتي الإسرائيلي، الذي قدّم معلومات مروان لـ«أمان» (جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي) بقيادة إيلي زعيرا، ووزارة الدفاع بقيادة موشي ديان، اللذين لم يأخذاها على محمل الجد فكانت الهزيمة النكراء، وتم التحقيق من قبل جهات قضائية مستقلة بحق غولدا مائير وموشي ديان وإيلي زعيرا، وحُمّل الأخير مسؤولية التقصير والإهمال؛ مما أدى إلى استقالته بشكل مهين.

وتأتي هذه الحملة الممنهجة على أشرف مروان للتغطية على الفشل الاستخباراتي الفظيع بحق «الموساد»، وهي المنظمة التي تعودت أن تحيط نفسها بهالة من الغموض والسرية، وتدعم حملة الترويج الإعلامي بحقها التي تُظهرها بوصفها منظمة لا تقهر، بينما يُظهر سجلها كثيرًا من الإخفاقات الكارثية، مثل: فضح عدد كبير من المجندين للتجسس على مصر، والقبض على إيلي كوهين الجاسوس الإسرائيلي في دمشق وإعدامه، وفضيحة قتل النادل المغربي بالخطأ في النرويج، وغير ذلك.

واقع الأمر أن حرب أكتوبر كانت صدمة قاسية للغرور والغطرسة الإسرائيلية، وهم أول من يعترفون بذلك؛ حسب يوري كوفمان، مؤلف كتاب «ثمانية عشر يومًا في أكتوبر... حرب يوم الغفران وكيف خلقت الشرق الأوسط الحديث»، الذي صدر حديثًا، ويقدم فيه قراءة جديدة للحرب من وجهة نظر إسرائيلية غير تقليدية.

خمسون عامًا على انتصار مُهِمّ حاولت إسرائيل تشويهه بأكاذيب وتضليل، وكانت نتيجة كل ذلك هي تأكيد أهمية انتصار مصر في هذه الحرب، وفداحة الهزيمة بحق إسرائيل التي أنقذها التدخل الأمريكي بلا شك.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC