حزب الله يؤكد أنه "لا يمكن أن يقبل" بأن تواصل اسرائيل هجماتها على لبنان

logo
اتجاهات

"الحرب التكنولوجية" الأمريكية.. هل تشل اقتصاد الصين؟

"الحرب التكنولوجية" الأمريكية.. هل تشل اقتصاد الصين؟
24 أكتوبر 2022، 7:46 م

أعلنت الحكومة الأمريكية، خلال الشهر الحالي، عن لوائح جديدة غايتها منع وصول الصين إلى تكنولوجيا ومعدات صناعة الرقائق أو أشباه الموصلات التي يمكن استخدامها في إنتاج التقنيات المتطورة وتسريع القدرات العسكرية أو عجلة التنمية الاقتصادية في الصين..

وبموجب القواعد الجديدة، لن يُسمح للشركات الأمريكية أو الأمريكيين وحتى المقيمين (البطاقة الخضراء) في الولايات المتحدة التعامل في مجال أشباه الموصلات المتطورة ما لم يحصلوا أولاً على ترخيص.

وقد تطبق هذه القيود لاحقا أيضا على شركات تصنيع الرقائق العالمية، بما في ذلك سامسونج الكورية و"تي أس أم سي" التايوانية، كما قد يمتد تأثير حظر الرقائق للصين إلى ما وراء أشباه الموصلات أي إلى القطاعات التي تعتمد على الحوسبة المتطورة، مثل السيارات الكهربائية والفضاء وحتى الإلكترونيات الاستهلاكية مثل الهواتف الذكية.

من المرجح أن تؤدي القواعد الجديدة إلى إبطاء جهود الصين لتطوير صناعة أشباه الموصلات الخاصة بها، وتعزيز البحث والتطوير بما في ذلك الدفاع والأمن والذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات وغيرها من المجالات التي تدعمها أجهزة الكمبيوتر العملاقة والرقائق المتطورة..

كما أنها من المتوقع أن تكون لها تداعيات سلبية على آفاق النمو الاقتصادي طويل الأجل للصين من خلال ثلاث قنوات رئيسية:

أولاً: من المرجح أن يدفع ذلك الشركات متعددة الجنسيات إلى إعادة تقييم مخاطر ممارسة الأعمال التجارية في الصين، ما سيؤثر على مناخ الاستثمار.

ثانياً: من المحتمل أن يتباطأ نمو الإنتاجية، نظرا لانقطاع الوصول إلى المدخلات التكنولوجية الأكثر تقدما. 

وأخيرا، بما أن الولايات المتحدة هي أكبر شريك تجاري ووجهة التصدير الأولى للشركات الصينية، بالتالي فإن أي تحركات انتقامية من جانب بكين قد تضر بقطاع التصنيع الموجه للتصدير.

الإجراءات الأمريكية الجديدة يمكن اعتبارها بمثابة "إعلان حرب" على القطاع التكنولوجي في الصين، حيث تتوقع واشنطن أنها أفضل فرصة لمنع الصين من استبدالها كقوة عظمى عالمية خلال العقد القادم عبر شل قدرة البلاد على التطور في المجال التكنولوجي، وبالتالي إضعاف اقتصادها بشكل كبير، وتمهيد الطريق لإضعاف القبضة السياسية الحزب الشيوعي داخل الصين، ومن ثم زيادة احتمالات اندلاع اضطرابات سياسية/اجتماعية/اقتصادية داخلية تزعزع استقرار البلاد.

على الرغم من أن الصين قوة اقتصادية وتعتبر حاليا (بعد أمريكا) ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أن صناعة الرقائق أو أشباه الموصلات المحلية لديها لا تزال متأخرة بسنوات عن تلك الموجودة في كوريا الجنوبية وتايوان أو حتى الولايات المتحدة، (في الوقت الحالي على الأقل)، وتأمل واشنطن أن يستغرق الأمر من الصين بقية هذا العقد أو حتى بداية العقد القادم للحاق بالركب، ما يمنحها فرصة لتعميق الفجوة التكنولوجية بين البلدين.

مع ذلك، قد يكون من السذاجة الاستهانة بقدرات الصين المتنوعة، فالبلاد تملك أكثر سلاسل التوريد العالمية تطورا، وتعتبر أكبر اقتصاد استهلاكي وفقا لمعايير تعادل القوة الشرائية، وتتوجه مئات المليارات من الدولارات من الاستثمارات الحكومية والخاصة لتطوير صناعة أشباه الموصلات المحلية، كما لا تنقصها المواهب المطلوبة، حيث تملك 20 من أفضل 50 كلية هندسة في العالم، وتخرج سنويا 7 أضعاف ما تخرجه الولايات المتحدة من المهندسين،  وفقا للعديد من التصنيفات الغربية.

هذا وتتمتع الصين بميزة كبيرة أخرى في رأس المال البشري، حيث بعض التقديرات الأمريكية تشير إلى أنها وظفت في شركاتها أكثر من 10% من مهندسي تصنيع الرقائق في تايوان، كما تحظى بدعم من كبار مصنعي أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية، حيث إن صناعات التكنولوجيا المتطورة في الصين وكوريا الجنوبية متشابكة للغاية لدرجة أن إدارة بايدن لم يكن لديها خيار سوى منح إعفاء للكوريين الجنوبيين لمواصلة الاستثمار في صناعة الرقائق الصينية.

المفارقة هنا أن المزيد من الحصار التكنولوجي على الصين قد يهدد مستقبل شركات أشباه الموصلات الأمريكية نفسها، ويخاطر الإضرار بأرباحها، وهي التي تواجه حاليا تباطؤا اقتصاديا وأجواء من عدم اليقين..

وينبغي الإشارة إلى أن العديد من الشركات الأمريكية المرتبطة بصناعة أشباه الموصلات تجني أرباحا معتبرة في الصين، حيث تتراوح إيراداتها بين 13% إلى 35% من المبيعات في السوق الصينية وحدها، وفقا للبيانات المعلنة من قبل تلك الشركات.

وتظهر بيانات مؤسسة "غلوبال داتا" أن الصين وحدها تستهلك حوالي 40% من أشباه الموصلات المصنعة على مستوى العالم، لكنها تتمتع بالاكتفاء الذاتي بنسبة 12% فقط.

في حين بلغت مبيعات أشباه الموصلات في عام 2021 نحو 600 مليار دولار، اشترت الصين وحدها أكثر بقليل من نصفها، ومن المتوقع أن ينمو السوق إلى أكثر من تريليون دولار بحلول عام 2030، حيث تمثل الصين 90% من النمو على مدى السنوات الثماني المقبلة. 

النتيجة الأكثر ترجيحا للحرب التكنولوجية المحتدمة حاليا قد تكون إنشاء صناعة أشباه موصلات صينية منفصلة عن الغرب، مع سنوات من الضائقة المالية للشركات غير الصينية التي تعتمد على هوامش ربح عالية للحفاظ على الإنفاق الرأسمالي والبحث والتطوير.

ولعل السيناريو الكارثي بالنسبة للولايات المتحدة أن تنجح الصين في تحقيق اختراقات كبيرة في المجال خلال وقت قصير، وأن تسعى إلى إطفاء الإعانات الهائلة لأشباه الموصلات من خلال إغراق السوق العالمية بمنتجات أرخص تضرب ميزانيات الشركات الغربية وتكسر احتكاراتها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC