عاجل

هيئة البث: الجيش الإسرائيلي سيدرب قوات البحرية على القتال البري بسبب نقص المقاتلين

logo
اتجاهات

عندما يتقاتل الإسرائيليون على العرب

عندما يتقاتل الإسرائيليون على العرب
26 فبراير 2023، 8:47 م
الخجل عملة محظورة في السياسة الإسرائيلية، وسؤال بنيت ينطوي على سذاجة أو على تظاهر بالسذاجة، ولكن الأهم هو: كيف يتقاتل المسؤولون اليهود في إسرائيل حول العرب، وكيف يكون حالهم؟!، حتى وهم يفعلون شيئًا مفيدًا كهذا، يتبادلون إلقاء السموم.

رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، نفتالي بنيت، ثار على حكومة بنيامين نتنياهو، لأنها صادقت على خطته الحكومية تخصيص ميزانية كبيرة للمجتمع العربي، وكتب عبر حسابه على الشبكات الاجتماعية كلمات حادة تدل على عمق جرحه من سياسة الكذب والتحريض السامة، التي تجتاح الحلبة السياسية الإسرائيلية، واختتم تغريدته، قائلًا: "لقد سمّمتم عقول ملايين الإسرائيليين بشكل متعمد، والتاريخ لن ينسى لكم هذا الكذب المقيت". وكما هو متوقع، فإن حزب الليكود ردَّ على بنيت بكلمات لا تقل قسوة وعاد ليردد الموقف المغيظ.

القصة تتعلق بالمواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)؛ فهم، كما هو معروف، يعانون من سياسة تمييز عنصري دامت 74 عامًا ولا تزال.

المرة الأولى التي بحثت فيها الحكومة إمكانية سد الهوة التي نشأت بين العرب واليهود بسبب هذه السياسة، كانت، في العام 1993، عندما قررت حكومة إسحق رابين تخصيص مبلغ 5 مليارات شيكل (ما يعادل 1.8 مليار دولار في حينه) للبلدات العربية على مدى 5 سنوات، وكان ذلك بموجب اتفاق مع الحزبين اللذين كانا يمثلان العرب في الكنيست، وهما: الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة بقيادة النائب توفيق زياد، والحزب الديمقراطي العربي بقيادة النائب عبد الوهاب دراوشة..

وينص الاتفاق على أن يساند النواب الخمسة للحزبين حكومة رابين ويمنعوا سقوطها، وبالمقابل تغير الحكومة موقفها لسلبي من منظمة التحرير الفلسطينية وتسعى إلى السلام، وتباشر خطة لتحقيق المساواة تبدأ بتخصيص المبلغ المذكور.

بعد اغتيال رابين، انتخب نتنياهو رئيس حكومة (1996) وتوقفت خطة المساواة، ولم تعد تطرح على جدول أبحاث الحكومة إلا في زمن حكومة أيهود أولمرت؛ ففي العام 2008، ومن دون حاجة لدعم حكومته من النواب العرب، قرر بمبادرته البحث في أوضاع المجتمع العربي وتغييرها، وفي إحدى المرات عقد اجتماعًا مع قادة هذا المجتمع لمدة 9 ساعات متواصلة، لسماع شكاويهم ومطالبهم، لكن خصوم أولمرت تمكنوا من إسقاطه عن الحكم قبل أن يتمكن من التقدم في خطته، وتم طيُّ هذه الصفحة من جديد، وفقط في العام 2015، تمكن العرب من طرح قضية المساواة من جديد.

حكومة نتنياهو الجديدة صادقت على خطة حكومة بنيت تجاه لعرب وقررت تبنيها بالكامل، ولم يعترض أحد، فعندما يأتي القرار من حكومة اليمين تكون شرعية، لهذا صعق بنيت.

في حينه اتحدت الأحزاب العربية في "القائمة المشتركة"، ومن خلال صفوف المعارضة، أدار رئيسها النائب أيمن عودة، ومعه السيد مازن غنايم، محادثات مع حكومة نتنياهو الرابعة، تكللت بقرار إضافة 15 مليار شيكل (حوالي 4.5 مليار دولار) للمجتمع العربي.

وفي حينه، علّل نتنياهو قراره بأن العرب هم مواطنون في الدولة ولهم حقوق، وباشر اتصالات مع الحركة الإسلامية للتعاون وحتى لإشراكها في الائتلاف مستقبلًا، لكن هذه المحاولات فشلت، لأن حلفاء نتنياهو، بقيادة بتسلئيل سموترتش، رفضوا ذلك، وبعد الانتخابات تجرأ نفتالي بنيت على ضم الحركة الإسلامية إلى الائتلاف، دون أن يكون لها تمثيل في الحكومة. .

اتخذت هذه الحكومة قرارًا، في العام 2021، بالمصادقة على تخصيص مبلغ 30 مليار شيكل (حوالي 8 مليارات دولار) على مدى 5 سنوات للمجالس المحلية والبلدية العربية في إسرائيل، بهدف السعي إلى سد الهوة التي أحدثتها سياسة التمييز العنصري ضدهم.

هنا، راح نتنياهو ورفاقه في المعارضة يهاجمون بنيت بطريقة صاعقة، وهكذا كتب بنيت (الأحد): "الجمعة الماضية، تم الكشف عن أكذوبة بنيامين نتنياهو الأكثر وضاعة، كما هو معروف فإن حكومتي صادقت على خطة خمسية للمجتمع العربي بقيمة 6 مليارات شيكل في السنة على مدى 5 سنوات، وقد حوّل نتنياهو وآلته السامة ذلك إلى 53 مليارًا للحركة الإسلامية وحماس، ولهذا السبب يُقتل اليهود في الشوارع، واتهمني بدماء أولئك الذين قتلوا على يد حماس، لقد نجح نتنياهو - إلى أبعد حد - بخداع ملايين الإسرائيليين الذين اقتنعوا بأنني حولت فعلًا تلك المبالغ للحركة الإسلامية ولحماس، وأن الإرهاب ناجم عن ذلك".

ولماذا يكتب بنيت هذه الكلمات؟ لأن حكومة نتنياهو الجديدة صادقت على خطة حكومة بنيت تجاه لعرب وقررت تبنيها بالكامل، ولم يعترض أحد؛ فعندما يأتي القرار من حكومة اليمين تكون شرعية، لهذا صعق بنيت: "اليوم أقرت حكومة نتنياهو بصمت تلك الخطة التي مررتها الحكومة برئاستي وجيد أنهم فعلوا، ولكن أحدًا لم يذكرهم بما فعلوه لي ولحكومتي طيلة سنة ونصف السنة: شتائم، وتهديدات بالقتل، وحصار على بيوت نواب حزبي، وأكاذيب حقيرة، والسياسة تبرر كل الوسائل، وأقول لكم فقط: أين الخجل؟".

الخجل هو عملة محظورة في السياسة الإسرائيلية، وسؤال بنيت ينطوي على سذاجة أو على تظاهر بالسذاجة، ولكن الأهم هو: كيف يتقاتل المسؤولون اليهود في إسرائيل حول العرب، وكيف يكون حالهم؟!، حتى وهم يفعلون شيئًا مفيدًا كهذا، يتبادلون إلقاء السموم.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC