مبعوث ترامب: المحادثات مع روسيا بشأن حرب أوكرانيا تنعقد الأحد المقبل في جدة
يتزايد الاهتمام حول العالم بالمركبات ذاتية القيادة ودعم انتشارها وتهيئة البنى التحتية لها، وشهد العام 2022 توجها رسميا ملحوظا لإدخالها إلى الشوارع، في خطوات طموحة لمجاراة أحدث التقنيات.
وتستطيع السيارة ذاتية القيادة حاليا السير في شوارع المدينة والأماكن قليلة الاكتظاظ من خلال تمييز المشاة والمركبات الأخرى بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبية الاصطناعية المدربة على رؤية البيئية المحيطة بالمركبة، بما يشبه آلية رؤية البشر.
ولم يقتصر الأمر على إنتاج السيارات، بل أطلقت شركات طائرات وسفنا وغواصات ذاتية القيادة.
رقم قياسي
وفي هذا الإطار، سجلت سيارة ذاتية القيادة صنعها باحثون في إيطاليا، رقما قياسيا في السرعة، أواخر أبريل/نيسان 2022.
وحققت السيارة بنظام قيادتها المعتمد على الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته سرعة وصلت إلى حوالي 309.3 كيلومتر في الساعة، وذلك في مهبط طائرات مكوك الفضاء في مركز "كيندي" للفضاء التابع للوكالة الأمريكية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا) في قاعدة "كيب كانافيرال" للقوات الجوية.
مركبات نقل عام
وفي مايو/أيار 2022، بحث فريق من معهد "ماساتشوستس" الأمريكي للتقنية، إمكانية تحويل النقل العام في المركبات الخفيفة، مثل الدراجات الكهربائية والسكوتر إلى أنظمة ذاتية القيادة.
واقترح الباحثون استخدام أنظمة القيادة الذاتية لتجاوز مشكلات متعلقة بالازدحام وسوء تنظيم القطاع، ما يجعل خدمات النقل الخفيف أكثر فعالية وراحة، من خلال إعادة توزيع المركبات عبر المدينة ذاتيا، وتجنب الحاجة لزيادة عددها بما يتجاوز الحدود المطلوبة.
وتمتاز أداة المحاكاة الجديدة بمرونتها وقدرتها على التكيف، بمعايير قابلة للتعديل والتحكم بصفات النموذج، وهي تتيح لمستخدميها نمذجة أنظمة نقل عدة، مثل الدراجات والسكوتر والدراجات ثلاثية العجلات، ما يسمح بمقارنة الأنظمة ببعضها.
تاكسي دون سائق
وفي توجه رسمي، أصدرت ولاية كاليفورنيا الأمريكية، مطلع يونيو/حزيران 2022، قرارا يسمح بإطلاق خدمات أسطول من سيارات الأجرة الذاتية القيادة لنقل الركاب في شوارع مدينة سان فرانسيسكو.
وأصبحت كاليفورنيا بذلك، أول ولاية أمريكية تطبق التقنية بشكل عملي بعد محاولات كثيرة لشركات سعت لإدراج المركبات الذاتية القيادة على طرقاتها المزدحمة.
وتتألف الخدمة مبدئيا من 30 سيارة كهربائية، مخصصة لنقل الركاب في الأماكن الأقل ازدحاما في مدينة سان فرانسيسكو، من الساعة 10 مساء حتى 6 صباحا، بشرط عدم وجود ضباب أو مطر.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، أطلقت شركة "أوبر" الأمريكية، وصانعة تقنيات المركبات ذاتية القيادة (موشينال) خدمة "روبوتات الأجرة" العامة في لاس فيغاس.
أول قارب ذاتي القيادة يقطع الأطلسي
وفي الشهر ذاته، حققت المركبات ذاتية القيادة إنجازا جديدا، إذ نجح قارب ذاتي القيادة، للمرة الأولى، في عبور المحيط الأطلسي، ليصل بسلام إلى شواطئ القارة الأمريكية الشمالية دون طاقم بشري.
ووصل القارب إلى محطته النهائية في مرفأ مدينة "هاليفاكس" في مقاطعة "نوفا سكوتشيا" الكندية، بعد مرور 5 أسابيع من انطلاقه من الشواطئ الإنجليزية، في رحلة اجتاز خلالها المحيط الأطلسي؛ وفقا للشركة التقنية الأمريكية "آي بي إم"، التي ساعدت في بنائه.
وقاد نظام ذكاء اصطناعي القارب الذاتي القيادة الذي يبلغ طوله 15 مترا، دون وجود قبطان سفينة أو ملاح أو أي بشري على سطحه.
ذاكرة رقمية لتجنب تكرار الخطأ
ويعوق التحول إلى المركبات ذاتية القيادة عقبة تتعلق بغياب الذاكرة، فهي لا تمتلك ذاكرة عن الماضي، وفي كل مرة تتعرض للتجربة وكأنها هي المرة الأولى، ما قد يسبب مشكلات في ظروف الطقس السيئة، عندما تضعف قدرة حساساتها.
وفي هذا الإطار، نشر باحثون من جامعة "كورنيل" الأمريكية، منتصف العام 2022، ثلاث أوراق بحثية، تهدف إلى تزويد المركبة ذاتية القيادة بالقدرة على إنشاء ذكريات عن التجارب السابقة واستخدامها مستقبلا خلال حركتها.
وعمل الباحثون على تطوير طريقة تسمح للشبكات العصبية الاصطناعية بحساب أوصاف الأشياء التي تمر المركبة بجانبها، ومن ثم ضغطها وحفظها في خريطة افتراضية تشبه الذاكرة في الدماغ البشري.
وتستطيع المركبة ذاتية القيادة أن تسترجع البيانات اللازمة عند مرورها في الطريق ذاته، يمكنها أيضا مشاركة مجموعة البيانات مع المركبات الأخرى، وتحديثها تباعا.
وفي ورقتهم البحثية الثالثة، استطاع الباحثون تدريب المركبة على تحديد أهمية الأشياء التي تمر بها أول مرة، من خلال تمييز الأشياء الثابتة والمتحركة في طرق لم تمر بها من قبل.
غواصة ذاتية القيادة
وفي استغلال آخر للتقنية، أعلنت شركة "إم سابز" البريطانية، في ديسمبر/كانون الأول 2022، عن أول غواصة عسكرية متقدمة ذاتية القيادة، ضمن مشروع "سيتوس" العسكري.
وتصل الغواصة إلى عمق يفوق جميع الغواصات العسكرية، وتقطع مسافة 1600 كيلومتر في الرحلة الواحدة.
ومنحت البحرية الملكية البريطانية شركة "إم سابز" عقدا بقيمة 19 مليون دولار لبناء الغواصة، التي تُبحر ذاتيا دون طاقم قيادة.
وأصبحت الغواصة ذاتية القيادة أكبر غواصة معقدة تشغلها البحرية البريطانية بعدما فاق مستوى العمق الذي وصلت إليه جميع الأرقام التي حققتها غواصات عسكرية سابقة.
مستقبل التنقل الذكي
ويبدو أن المركبات ذاتية القيادة سترسم ملامح مستقبل حواضرنا، في ظل تنامي الحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية؛ مثل النمو السكاني والتغير المناخي.
ويشكل النقل مجالا يحتاج لتغيير جذري، من خلال إعادة تصميم أنظمة النقل الداخلي في المدن، لجعلها مدنا أكثر حيوية واستدامة.
وبإمكان المركبات الذاتية القيادة تخفيض تكلفة النقل، وتقليل حوادث المرور والوفيات الناتجة عن السائقين المتهورين، ويشجع الداعمون للتقنية الجديدة انتشارها في جميع المدن، مع مراعاة عنصر الأمان.