عاجل

واللا: على قادة الجيش التكيف في حال تعيين ساعر وزيرا للدفاع وإلا ستحدث استقالات بين كبار القادة

logo
مقالات مختارة

الصين والردع الاستراتيجي

الصين والردع الاستراتيجي
07 أغسطس 2023، 9:58 م

يلعب الردع دورين أساسيين: أحدهما هو ثني الخصم عن القيام بشيء ما من خلال الردع، والآخر هو إقناع الخصم بما يجب عليه القيام به من خلال الردع، وكلاهما يطالب الخصم بالخضوع لإرادة الرادع، وهو سلوك شائع في التفاعل بين الدول في إطار النظام العالمي والتبادلات التنسيقية والتعاونية بشقيها الاختياري والجبري، والذي لا يترك خياراً للخصم أو المنافس أو حتى الشريك بما في ذلك أقرب الحلفاء.

وتقوم جميع القوى الكبرى والصاعدة لمصاف الكبرى وحتى تلك التي لا تعد كبرى، أو لا تملك قدرات لأن تصبح كبرى بالمعنى التقليدي حجماً وانتشاراً وتأثيراً على الاقتصاد والسياسة في العالم من حيث الموارد والإمكانيات، ولكنها كبرى بقدرتها على لعب أدوار جوهرية في صناعة النظام العالمي..

وبالتالي يكون سلوك الردع جزءاً لا يتجزأ من سياستها الخارجية والأمنية مع تباين واختلاف في التقاليد الاستراتيجية للردع بالمفهوم الغربي ونظيره الشرقي ممثلاً في الصين.

وبالنسبة للمفكرين الغربيين، فالردع في المقام الأول، يتعلق بالتهديد الذي يهدف إلى منع الخصم من القيام بشيء ما، وبمعناه الأوسع يعني إقناع الخصم بعدم الشروع في إجراء محدد لأن الفوائد المتصوّرة لا تبرر التكاليف والمخاطر المقدرة، ووفق المفهوم الغربي يعد الردع القدرة على الردع وليس القوة بالإكراه أو الإجبار..

وفي المقابل فإن المصطلح الصيني الذي غالباً ما يتم ربطه بالردع هو (وايشي) وهو وفق اللغة الصينية يجسد كلاً من الردع والإكراه، أي يرتبط الردع بإستراتيجية عسكرية للاستعراض بقصد إيصال رسالة ما أو التهديد باستخدام القوة المسلحة من أجل إجبار الخصم على الخضوع..

ولا يوجد تمييز بين الردع أو الإجبار في التعريف الصيني، وفي الواقع فالمصطلح يشير ضمنياً إلى وجود استراتيجيات ردع هجومية واستراتيجيات ردع دفاعي، والتي قد تبدو وكأنها تمثل نهجاً إجبارياً ورادعاً في نفس الوقت وعلى التوالي.

وتوضّح الكثير من المراجع في جامعة الدفاع الوطني بجيش التحرير الشعبي الصيني على أن الغرض من الردع هو «وقف أو منع الطرف الآخر من بدء الصراع، وبالتالي حماية مصالح المرء من العدوان»، أو «زعزعة إرادة الطرف الآخر في المقاومة» وبالتالي الاستيلاء على تلك المصالح أو المنافع التي كانت في الأصل تتطلب الصراع من أجل الحصول عليها.

ولهذا فالفكر الاستراتيجي الصيني يعتبر الردع من أشكال القتال العسكري حيث يُجبر الخصم على «إفساح المجال أو التسوية أو التسليم»، وتشير الأدبيات المتاحة إلى أن الصينيين لا يفكرون بالضرورة من منظور الردع حسب ما هو متعارف عليه في الأدبيات الاستراتيجية الغربية، ولكن من حيث الإكراه سواء وافق الخصم على القيام بشيء ما يفضل عدم القيام به، أو تجنب القيام بشيء يفضل القيام به، فإن كلاهما يتناسب مع المصطلح الصيني الذي يتضمن كلاً من الإجبار والردع.

فإن صانعي القرار الصينيين يقيّمون الردع الناجح بشكل مختلف عن نظرائهم الأميركيين الذين يميلون إلى ردع الخصم عن العمل في مجال معين، وأما بالنسبة لصناع القرار الصينيين، فإن الردع الناجح هو في النهاية شكل من أشكال النشاط السياسي والحرب النفسية، حيث يتم تقييد الخصم في أفعاله مما يسمح للصين بتحقيق أهدافها..

ويعد الردع النووي هو الاستثناء، ويستخدم الصينيون أكثر من وسيلة لمحاولة ردع و(إجبار) الخصم بدمج وضم الجهود العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية، والإجراءات التقليدية والفضائية والمعلوماتية في خطة عمل مشتركة من أجل إجبار الخصم على الخضوع، ولا ينصب التركيز على ردع العمل في مجال أو آخر ولكن في تأمين الهدف الاستراتيجي الصيني الأكبر. ويعد فعل الردع هو المساعد في تحقيق هدف معين، وليس الهدف نفسه.

صحيفة "الاتحاد" الإماراتية

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC