البيوت الطينية تواجه الغلاء وتقلبات الطقس في شمال سوريا

ما إن يبدأ فصل الخريف في مدن وأرياف الحسكة، شمال شرق سوريا، حتى ينطلق السكان نحو ترميم أسقف بيوتهم الطينية وجدرانها، حيث تخضع للترميم سنويا مع قدوم فصل الشتاء.

ولا تزال البيوت الطينية تمثل مرآة تعكس جزءا من ثقافة وتراث السكان في شمال سوريا، ولكن رغم ظهور الأبنية الحديثة، إلا أن معظم السكان لا يستطيعون التخلي عنها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد نتيجة الحرب.

ولهذه البيوت خصائص فريدة تجعلها دافئة في فصل الشتاء وعازلة لحرارة الصيف اللاهبة، فضلا عن كونها تُبنى من مواد متوفرة وغير مكلفة، وترمم بالمواد ذاتها وهي أغصان الأشجار وطين ممزوج بالقش (التبن).

ويقول يوسف العلي (60 عاما)، يسكن في بيت طيني: "كأيّ منطقة في العالم، كانت منطقة الجزيرة والشمال السوري تتكون أساسا من بلدات قديمة، تعود أصولها لمئات السنين، حيث بدأ السكان ببناء مسكنه على شكل أكواخ صغيرة تقيه الأمطار والعواصف، وازدهرت بعدها الأرياف وتعدد أشكال المساكن فيها، إلا أن نسبة المنازل الطينية في الحسكة تتجاوز 75%، من مجموع المنازل في المنطقة".

ويضيف العلي، لـ"إرم نيوز"، أنّ "البيوت الطينية تمتاز بسهولة بنائها، كما تتوفر معظم موادها في الطبيعة، فبعض هذه البيوت تُبنى بالكامل من الطين وبعضها نصفها مبنية من البلوك والنصف الآخر من الطين، حيث تصنع كتلا من الطين في قوالب خاصة، وحتى يزداد تماسك هذه الكتل يخلط معها القش، وبعدما تأخذ اللبنات شكل القالب، توضع تحت أشعة الشمس حتى تصبح صلبة، ثمّ تُستخدم في بناء جدران البيت".

ويتابع: "أسقف هذه البيوت تُصنع من الأخشاب وأغصان الأشجار وفوقها المزيج نفسه الذي تُصنّع به اللبنات، في حين تُفرش بين العوارض الخشبية المثبتة والخلطة الطينية طبقة كثيفة من القصب والقش، أما العتبات العلوية التي تُوضع فوق النوافذ والأبواب فتُجهز من دعامات خشبية أيضا؛ كما أن آخر خطوة هي اللياسة أو تسوية الجدران بالمزيج ذاته من الداخل والخارج".

ويؤكد العلي:" يشترط صيانة وترميم هذه البيوت كل عام، عقب أول تساقط للأمطار، إذ إنّ الترميم يكون بإعادة تلييس الجدران والسقف المتشقق، بالإضافة إلى رش الملح لمنع إنبات الحشائش والأعشاب، وعند الانتهاء يضع بعض السكان شادرًا من النايلون لضمان منع تسرب المياه".

وتعد تكاليف بناء البيوت الطينية، التي تتميز بعزلها الكبير لأشعة الشمس وتقلبات الطقس، أخفض بثلاث مرات من تلك التي يتم بناؤها من الأسمنت والحديد نظرا للارتفاع الكبير في أسعار المواد المستخدمة وانخفاض قيمة الليرة السورية، ما جعل سكانها بمعظمها يحافظون عليها، كما أنها الحل الوحيد للنازحين في الآونة الأخيرة، على خلفية المعاناة التي يعيشونها خاصة في فصل الشتاء وما يرافقه من تسرب المياه لخيامهم.