عندما كان المركب الذي يحمل أفراد البعثة الرياضية التونسية يعبر مياه نهر السين الشهير بالعاصمة الفرنسية باريس، في افتتاح الألعاب الأولمبية 2024، لم يكن كثير من التونسيين الذين كانوا يتابعون مراسم الافتتاح يعتقدون أن ذلك النزر القليل الذي لا يتجاوز 26 فردا سيأخذ مكانا له في جدول الميداليات، بعد ساعات فقط من انطلاق المنافسات الرسمية.
ولم يكد يمر اليوم الأول من منافسات أولمبياد باريس، التي انطلقت رسميا أمس الجمعة في حفل افتتاح مبهر، حتى خطف لاعب المبارزة التونسي فارس الفرجاني الأضواء وذلك عندما بات أول عربي وإفريقي يتوج بميدالية في ألعاب باريس 2024.
وأحرز لاعب المبارزة التونسي البالغ من العمر 27 عاما، الميدالية الفضية لمسابقة المبارزة في اختصاص سلاح السيف (السابر) ليكون أول رياضي عربي وإفريقي ينضم لقائمة المتوجين بالميداليات في أول أيام الألعاب.
وفي نهائي فردي الرجال لمسابقة سلاح السيف (السابر) خسر الفرجاني أمام الكوري الجنوبي سانغوك (15 ـ11 ) ليكتفي بالميدالية الفضية، لكن قيمتها كانت بالفعل تضاهي الذهب في بلد ضمت بعثته الأولمبية عددا هو الأقل منذ سنوات.
ورفع فارس الفرجاني رصيد تونس من الميداليات في تاريخ مشاركاتها الأولمبية إلى 16 ميدالية، فيما كانت فضيته هي الميدالية الثانية لرياضة المبارزة التونسية بعد أن أحرزت إيناس بوبكري برونزية سلاح الشيش في أولمبياد ريو دي جينيرو 2016.
وحقق الفرجاني مشوارا بطوليا مساء السبت في منافسات سلاح "السابر" لكن مسيرته توقفت في النهائي أمام الكوري أو سانغوك (15 ـ 11) رغم عودته القوية وتقليص الفارق إلى 4 نقاط.
وفاز اللاعب التونسي في مستهل مشاركته في الألعاب على الكوري الجنوبي جو بون غيل في الدور الأول بنتيجة 15-8 ثم تغلب على المجري كيساند جيميسي في ثمن النهائي بنتيجة 15-14.
وفي ربع النهائي فاز على بالصيني شين شينبينغ في ربع النهائي بنتيجة 15-14ثم هزم المصري زياد السيسي (15 ـ 11) قبل الخسارة أمام الكوري سانجوك (15 ـ 11) في النهائي.
ويعد فارس الفرجاني، الذي احتفل يوم الإثنين الماضي بعيد ميلاده السابع والعشرين واحدا من أبرز لاعبي رياضية المبارزة في تونس، وهي إحدى الألعاب التي لا تحظى بالاهتمام كغيرها من الرياضات الفردية.
لكن اللاعب الذي ولد في عائلة رياضية تعشق المبارزة، نهل منها فنون اللعبة وأبجدياتها، استطاع أن يمضي في طريق النجاح رغم الصعوبات التي واجهها وأبرزها غياب التحفيز المادي.
وتعلم الفرجاني رياضة المبارزة من والده صالح الفرجاني، وهو لاعب سابق وحكم دولي سابق في اللعبة، فيما ساعده شقيقه الأكبر أيوب الفرجاني، لاعب المبارزة، على صقل موهبته للوصول إلى المنافسة قاريا وإقليميا وأولمبيا.
وشارك فارس الفرجاني في أولمبياد ريو دي جينيرو 2016، وغادر المنافسات منذ دور الستة عشر، قبل أن يعيد الكرّة في أولمبياد طوكيو 2020، ويمنى بالإخفاق من جديد.
وفي ألعاب باريس، نجح اللاعب التونسي في إظهار الكثير من العزيمة والثبات عندما أطاح بأربعة أسماء بارزة في اللعبة من بينها المصري زياد السيسي ليضمن الميدالية الفضية ويمر بجانب إنجاز أولمبي تاريخي آخر لتونس.
ويملك اللاعب التونسي، إنجازات لافتة في لعبة المبارزة، ففي 2024، أحرز المركز الرابع ضمن مسابقة سلاح السابر في الألعاب الأولمبية للشباب في الصين، ليصبح أصغر لاعب مبارزة إفريقي يحقق ذلك الإنجاز في تاريخ الألعاب.
وبعد ذلك بعام واحد، أحرز الميدالية الذهبية لبطولة إفريقيا في مصر، في فردي الرجال، ثم في مسابقة الفرق.
وحصد فارس الفرجاني 5 ميداليات ذهبية في بطولة إفريقيا، و 4 فضيات وبرونزية في المسابقة ذاتها، كما توج بخمس ذهبيات وفضيتين في الألعاب الإفريقية، قبل أن يحقق في باريس 2024 أول إنجاز في مسابقة دولية كبرى بإحرازه فضية الأولمبياد رافعا رصيد بلاده الأولمبي إلى 16 ميدالية منها 5 ذهبيات و4 فضية و7 برونزية.