لحظات لن ينساها العرب في تاريخ الأولمبياد.. القمودي والمتوكل وكرم جابر

يحفل تاريخ العرب بالكثير من النجاحات واللحظات الملهمة خلال مشاركاتهم في الألعاب الأولمبية الصيفية التي كانت الرياضة المصرية أول من ظهر فيها وذلك  في ستوكهولم 1912 عبر المبارز المصري أحمد حسنين.

وبعد 16 عامًا من أول مشاركة، وفي دورة أمستردام في العام 1928، بدأت الرياضة العربية في إثبات وجودها في الساحة الأولمبية، وذلك عندما أحرز الرباع المصري سيد نصير  ذهبية رفع الأثقال للوزن خفيف الثقيل لتكون تلك الميدالية أول إنجاز أولمبي عربي في التاريخ.

وحذا الكثير من الرياضيين حذو سيد نصير خلال ما يقارب قرنًا من الزمن، عندما حصد العرب 129 ميدالية 32 منها ذهبية، و31 فضية و64 برونزية طيلة مشاركتهم في دورات الألعاب الأولمبية حتى النسخة الأخيرة في 2021.

لكن بعض الأسماء صنعوا لأنفسهم ولبلدانهم وللرياضة العربية تاريخًا ناصعًا في الألعاب ونحتوا أسماءهم بأحرف ذهبية ظلت راسخة حتى الآن، ليكون من بين أبرز هؤلاء العداء التونسي البطل محمد القمودي صاحب الميداليات الأولمبية الأربع، والعداءة المغربية الشهيرة نوال المتوكل والمصارع المصري البطل كرم جابر.

ويلقي التقرير التالي الضوء على مسيرة هؤلاء الأبطال الثلاثة الذين صنعوا أبرز إنجازات الرياضة العربية في الألعاب.

محمد القمودي.. جندي مغمور يتحول إلى بطل مغوار

لم يكن محمد القمودي الشاب التونسي الخجول في أوائل الستينيات من القرن الماضي أكثر من مجرد جندي في الجيش التونسي وعداءً مبتدئًا ضمن المنتخب العسكري التونسي لألعاب القوى، لكن قدارته البدنية اللافتة في العدو في اختصاصات المسافات الطويلة، وعزيمته الفولاذية ورغبته في التألق في عالم ألعاب القوى صنعت منه بطلًا تاريخيًا ووطنيًا في ذلك الوقت.

ويعد القمودي المولود في قرية سيدي عيش النائية في محافظة قفصة جنوب غرب البلاد عام 1938، أول رياضي تونسي يهدي بلاده ميدالية أولمبية وذلك في طوكيو 1964، وأول تونسي يتوج بالميدالية الذهبية في مكسيكو 1968.

ولم تتوقف إنجازات القمودي عند ذلك الحد، بل إنه كان أول رياضي عربي يتوج في 3 دورات أولمبية متتالية وذلك عندما حصد 4 ميداليات في المسافات الطويلة:

ـ الميدالية الفضية لسباق 10 آلاف متر في طوكيو 1964.

ـ الميدالية الذهبية لسباق 5 آلاف متر (14:05 دقيقة) والبرونزية في سباق 10 آلاف متر في مكسيكو 1968.

ـ الميدالية الفضية لسباق 5 آلاف متر في ميونخ 1972.

وتلقى القمودي بعد ذلك الإنجاز الأولمبي التاريخي الكثير من التكريمات كما أصبح أيقونة ألعاب القوى العربية وأحد صانعي الإنجازات القليلة للرياضة التونسية في الأولمبياد، ناهيك أن أول ميدالية ذهبية بعد إنجاز مكسيكو 1968 كانت في بيكين 2008، أي بعد 40 عامًا بالتمام والكمال وذلك عبر السباح أسامة الملولي.

نوال المتوكل: فخر الرياضيات العربيات

وبعد إنجازات القمودي، عادت رياضة ألعاب القوى لتكون شاهدة على إنجاز أولمبي عربي غير مسبوق، وهذه المرة استطاعت البطلة المغربية نوال المتوكل أن تصبح أول امرأة عربية وأفريقية تتوج بميدالية ذهبية.

وشاركت المتوكل ضمن منتخب ألعاب القوى المغربي في ألعاب لوس أنجلس  1984 بحصولها على ميدالية ذهبية في سباق 400 متر موانع.

وفتحت المتوكل، التي تقلدت بعد اعتزالها منصب وزيرة للرياضة في المغرب، الباب أمام إنجازات عربية نسوية أخرى كان أغلبها، من الصدف في ألعاب القوى وذلك بتألق كل من مواطنتيها نزهة بيدوان وحسناء بنحسي، الجزائرية حسيبة بولمرقة الفائزة بذهبية 1500 متر في أولمبياد برشلونة 1992.

 كما تألقت المغربية نورية بنيدة التي حصلت على ذهبية سيدني 2000 في  سباق 1500 متر، ثم التونسية حبيبة الغريبي التي حازت على الميدالية الذهبية في الألعاب الأولمبية في لندن 2012 في سباق 3000 متر حواجز.

وفضلًا عن إنجازاتها الأولمبية، حظيت نوال المتوكل المولودة في 15 أبريل 1962 بالدار البيضاء، بتقلد مسؤوليات في هياكل رياضية دولية، إذ أصبحت عضوًا في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لألعاب القوى ثم في اللجنة الدولية الأولمبية عام 1995.

كرم جابر: قائد إنجازات المصارعة العربية في الأولمبياد

تملك مصر أكبر رصيد من الميداليات بين البلدان العربية في تاريخ الأولمبياد، برصيد 38 ميدالية، لكن الإنجاز الأبرز حققه المصارع كرم جابر الذي يعد الرياضي المصري الوحيد الذي أحرز ميداليتين في نسختين مختلفتين. 

ونجح كرم جابر المولود في 1 سبتمبر 1979، في التتويج بذهبية المصارعة في أولمبياد أثينا 2004، قبل أن يعود بعد 8 أعوام ويحرز فضية المسابقة في دورة لندن 2012 وينحت اسمه بأحرف ذهبية في مشاركات بلاده في الألعاب.

واستطاع المصارع كرم جابر أن يعيد "عزف" النشيد الرسمي لمصر في الألعاب للمرة الأولى بعد أكثر من نصف قرن، إذ انتظرت مصر 56 عامًا كاملة لتشاهد أحد رياضييها على منصة التتويج بالذهب الأولمبي، وتحديدًا منذ ذهبيتي رفع الأثقال في أولمبياد لندن 1948.

وخلال مسيرته الذهبية في أثينا، معقل الألعاب وشاهد بداياتها، واجه كرم جابر أبرز الأبطال في المصارعة العالمية بدءًا بالبطل البولندي مارك يستنيك مرورًا بكل من اليوناني يورغو كوتسيومومباس ثم  الكازاخي عزت مامبيتوف ليضرب موعدًا في نصف النهائي مع التركي محمد أوزال ويهزمه بنتيجة تاريخية  11-0 .

وفي المباراة النهائية، واجه جابر المصارع الجورجي راماز مسدازه ليتقدم بنتيجة 9-1 قبل أن يوقف الحكم المباراة لعدم التكافؤ معلنًا تتويج جابر بالذهبية، وإحراز مصر ميدالية من المعدن النفيس للمرة الأولى منذ 56 عامًا.