تصاعدت حدة التوتر بين نادي ريال مدريد ولجنة الحكام في الاتحاد الإسباني لكرة القدم، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة، خاصة بعد البيان الناري الذي أصدرته اللجنة عقب التهديدات التي طالت الحكم خوسيه مونويرا مونتيرو، حكم مباراة ريال مدريد وأوساسونا الأخيرة في الدوري الإسباني.
هذا البيان يأتي في سياق مشحون أصلاً، حيث يعرب ريال مدريد بشكل متزايد عن شعوره بالظلم التحكيمي، وهو ما تجسد في اجتماع إدارة النادي مع لجنة الحكام مؤخرًا، سعيًا لفهم ما يصفونه بـ "الظلم التحكيمي المتكرر" الذي يتعرض له الفريق الملكي.
الشرارة التي فجرت الوضع كانت واقعة طرد لاعب ريال مدريد الشاب، جود بيلينغهام، في مباراة أوساسونا، بعد أن أشهر الحكم مونويرا البطاقة الحمراء في وجهه بداعي تلفظه بكلمة غير لائقة.
هذا الطرد، الذي جاء في مباراة انتهت بالتعادل الإيجابي 1-1 وسط اعتراضات عارمة من جانب ريال مدريد، أثار غضب النادي وجماهيره.
لم يقتصر الأمر على الاعتراضات داخل الملعب، بل امتد ليشمل هجومًا شرسًا من القناة الرسمية لريال مدريد على الحكم، مما يعكس مدى الاحتقان والغضب داخل أروقة النادي الملكي تجاه التحكيم.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن: هل تحول الأمر إلى حالة "عناد" بين ريال مدريد والحكام؟ وهل وصل التوتر إلى درجة غير مقبولة في دوري بحجم الدوري الإسباني؟ يرى البعض أن هناك مؤشرات تدعم فرضية "العند"، خاصة مع التقارير التي سبقت مباراة أوساسونا، والتي أشارت إلى أن لجنة الحكام كانت تضع سلوكيات بيلينغهام تحت المجهر، عقب واقعة شتمه لحكم مباراة الديربي في وقت سابق.
يُضاف إلى ذلك واقعة الطرد نفسها، التي يراها البعض "متحفزة" وتنم عن رغبة في معاقبة اللاعب، وهو ما يعزز فكرة أن الحكام أصبحوا "متحفزين" ضد ريال مدريد بسبب الانتقادات الإعلامية الموجهة لهم.
لا يمكن تجاهل الدور الذي تلعبه قناة ريال مدريد الرسمية في هذا التصعيد. القناة، التي تبث تقارير تنتقد أداء الحكام بشكل ساخر وتهكمي قبل كل مباراة، ربما تكون قد ساهمت بشكل كبير في تأجيج الصراع وتوتر العلاقة بين النادي والحكام.
هذه التقارير، التي تستهزئ بشخص الحكم قبل حتى أن يبدأ المباراة، من المؤكد أنها لا تخلق بيئة إيجابية أو بناءة، بل قد تدفع الحكام، بشكل لا إرادي أو مقصود، إلى اتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه ريال مدريد، كرد فعل على هذا الضغط الإعلامي.
في المقابل، يرى أنصار ريال مدريد أن هناك ازدواجية في المعايير التحكيمية، وأن برشلونة، المنافس التقليدي، يستفيد نسبيًا من الأخطاء التحكيمية.
كمثال على ذلك، يشيرون إلى مباراة برشلونة ورايو فاييكانو، حيث لم يتم احتساب ركلة جزاء لصالح رايو فاييكانو مطابقة تمامًا لركلة جزاء احتسبت لبرشلونة في نفس المباراة.
هذه الواقعة، وغيرها، تعزز من وجهة نظر ريال مدريد بأن هناك "تحيزًا" أو على الأقل "تفاوتًا" في تطبيق القانون لصالح المنافس.
وصل الأمر بريال مدريد إلى حد وصف الحكام بأنهم "المنافس الأول" للفريق على لقب الليجا، والعقبة الكبيرة أمام تحقيق التتويج.
هذا التصريح الخطير يعكس مدى الإحباط والغضب داخل النادي، ويدفعنا للتساؤل: هل هذا الوضع طبيعي ومقبول في دوري بحجم وقيمة الدوري الإسباني؟ من المؤكد أن استمرار هذا الوضع يهدد بتقويض الثقة في نزاهة المنافسة، ويضر بسمعة الدوري ككل.
في الختام، يمكن القول إن العلاقة بين ريال مدريد ولجنة الحكام وصلت إلى نقطة حرجة. هناك شعور متزايد داخل النادي الملكي بالظلم والاضطهاد التحكيمي وربما يرى البعض أن النادي تتم معاقبته من قبل الحكام، بينما يرى البعض أن ريال مدريد نفسه يساهم في تأجيج هذا الصراع من خلال انتقاداته الإعلامية الحادة.
بصرف النظر عن الأسباب، فإن استمرار هذا التوتر ليس في مصلحة أي طرف، ويتطلب تدخلًا عاجلًا لإعادة بناء الثقة وضمان نزاهة المنافسة في الدوري الإسباني.
يجب على لجنة الحكام وريال مدريد البحث عن حلول بناءة، ربما من خلال حوار مفتوح وصريح، وربما من خلال اتخاذ خطوات عملية لضمان الشفافية والعدالة في القرارات التحكيمية.
وإلا فإن الدوري الإسباني سيخاطر بفقدان مكانته كواحد من أفضل الدوريات في العالم، بسبب صراعات التحكيم المستمرة.
