الصين: مستعدون للقيام بدور بناء لإنهاء حرب أوكرانيا
يبرز أتلتيكو مدريد بقيادة دييغو سيميوني كالفريق الوحيد الذي تمكن من فك شفرة دفاعات البلوغرانا، وتسجيل حصيلة تهديفية غير مسبوقة في مباراتين، هي 6 أهداف كاملة استقبلتها شباك برشلونة من "الأتلتي"، وهو رقم لم يتمكن أي فريق آخر من تحقيقه هذا الموسم، حتى أن بنفيكا، صاحب الرباعية الشهيرة في مرمى برشلونة في دوري أبطال أوروبا، لم يسجل سوى أربعة أهداف في مباراة واحدة، وليس ستة في مباراتين.
هذا التفوق التكتيكي لأتلتيكو مدريد يفتح الباب أمام تساؤلات مهمة حول كيفية تحقيق هذا الإنجاز، وهل يمكن لريال مدريد، الغريم التقليدي لبرشلونة، الاستفادة من "مفتاح" سيميوني لـ"ضرب" دفاعات البلوغرانا في المواجهات القادمة؟
ثنائية الكرات الثابتة والأخطاء الدفاعية
لم يأتِ تفوق أتلتيكو مدريد على برشلونة من فراغ، بل كان نتيجة تخطيط تكتيكي محكم واستغلال نقاط ضعف واضحة في منظومة البلوغرانا الدفاعية.
فقد ركز سيميوني على سلاحين أساسيين أثبتا فعاليتهما القصوى في هز شباك النادي الكتالوني، الكرات الثابتة والأخطاء الدفاعية الفردية والجماعية.
أظهرت المباراتان بوضوح مدى هشاشة دفاعات برشلونة في التعامل مع الكرات الثابتة، سواء كانت ركلات ركنية أو حرة مباشرة، فقد استغل لاعبو أتلتيكو مدريد ضعف الرقابة والتمركز الخاطئ لمدافعي برشلونة في هذه المواقف، وتمكنوا من تسجيل هدف في مواجهة الكأس وتشكيل خطورة من كرات أخرى.
إلى جانب ذلك، لم يتوانَ لاعبو أتلتيكو مدريد عن استغلال الأخطاء الدفاعية المتكررة التي ارتكبها لاعبو برشلونة في المباراتين، سواء كانت أخطاء في التمرير أو التمركز أو التغطية الدفاعية، فقد كانت هذه الأخطاء بمثابة هدايا ثمينة استغلها مهاجمو الأتلتي ببراعة، وحولوها إلى أهداف هزت شباك البلوغرانا.
كسر مصيدة التسلل.. إنجاز تكتيكي فريد
لا يقتصر إبداع سيميوني التكتيكي في مواجهة برشلونة على استغلال الكرات الثابتة والأخطاء الدفاعية فحسب، بل يتعدى ذلك إلى إنجاز فريد من نوعه، وهو كسر مصيدة التسلل التي يعتمد عليها دفاع برشلونة بشكل كبير.
عرف عن برشلونة هذا الموسم اعتماده على خط دفاع متقدم يهدف إلى تقليل المساحات أمام المنافسين وإيقاعهم في مصيدة التسلل. إلا أن أتلتيكو مدريد نجح في المباراتين الأخيرتين في تفكيك هذه المصيدة بشكل مثالي، من خلال تحركات ذكية من المهاجمين وتمريرات بينية متقنة من لاعبي الوسط؛ ما سمح لمهاجمي "الأتلتي" بالانفراد بحارس مرمى برشلونة وتسجيل أهداف حاسمة.
هذا الإنجاز التكتيكي لأتلتيكو مدريد في كسر مصيدة التسلل لبرشلونة يعتبر سابقة لم يشهدها الفريق الكتالوني هذا الموسم، ويؤكد القدرة الفائقة لسيميوني على تحليل نقاط قوة وضعف المنافسين وإيجاد الحلول التكتيكية المناسبة للتغلب عليهم.
هل يمتلك ريال مدريد "العناصر" و "الخطة"؟
السؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يمتلك ريال مدريد "العناصر" و "الخطة" اللازمة للاستفادة من "مفتاح" سيميوني لـ "ضرب" برشلونة؟
بالنظر إلى العناصر المتاحة في ريال مدريد، يمكن القول إن الفريق الملكي يمتلك بالفعل الأدوات اللازمة لتطبيق استراتيجية مشابهة لاستراتيجية أتلتيكو مدريد.
ففي خط الهجوم، يمتلك ريال مدريد لاعبين يتمتعون بمهارات فردية عالية وقدرة على استغلال الأخطاء الدفاعية للمنافسين، مثل: فينيسيوس جونيور وكيليان مبابي ورودريغو.
تحديات ريال مدريد ووصفة سيميوني
قد يجد ريال مدريد صعوبة في تطبيق "وصفة" سيميوني بشكل كامل، خاصة أن الفريق الملكي لا يمتلك القدرة ذاتها على الضغط العالي المكثف الذي يتميز به أتلتيكو مدريد.. فثلاثي هجوم ريال مدريد، بالإضافة إلى بيلينغهام، ليسوا بقوة وفاعلية خط هجوم أتلتيكو مدريد في الضغط على مدافعي المنافسين وإجبارهم على ارتكاب الأخطاء.
ومع ذلك، يمكن لريال مدريد الاستفادة من بعض جوانب استراتيجية سيميوني في مواجهة برشلونة، فيمكن للفريق الملكي التركيز بشكل أكبر على استغلال الكرات الثابتة، التي تعتبر نقطة ضعف واضحة في دفاعات البلوغرانا.
كما يمكن لريال مدريد محاولة استغلال الأخطاء الدفاعية التي يرتكبها لاعبو برشلونة، من خلال الضغط المنظم والمراقبة اللصيقة لمفاتيح اللعب لدى المنافس.
العامل البدني و"جوكر" سورلوث
لا يمكن إغفال العامل البدني في تفوق أتلتيكو مدريد على برشلونةـ فقد أظهر لاعبو الأتلتي لياقة بدنية عالية وقدرة على الحفاظ على المستوى ذاته من الأداء طوال مجريات المباراة.
كما أثبتت التغييرات التي أجراها سيميوني، خاصة الدفع بالمهاجم البديل سورلوث في أوقات حاسمة، فعاليتها الكبيرة في قلب موازين المباريات.
سورلوث، الذي تم الدفع به كبديل في مباراتي برشلونة، نجح في تسجيل هدف الفوز في الأولى وهدف التعادل في الأخرى، وكلاهما جاء بالسيناريو ذاته، في وقت كان فيه برشلونة يهاجم فيه بجنون، استغل سورلوث المساحات المتاحة في دفاعات البلوغرانا وسجل هدفًا حاسمًا.
هذا العامل البدني والتغييرات التكتيكية الناجحة لسيميوني يؤكد أهمية الجاهزية البدنية والذهنية للاعبين، وقدرة المدرب على قراءة مجريات المباراة وإجراء التغييرات المناسبة في الوقت المناسب.
خلاصة واستشراف للمستقبل
ختاما، يمكن القول إن أتلتيكو مدريد بقيادة سيميوني قدم نموذجًا فريدًا في كيفية "ضرب" برشلونة، من خلال استغلال نقاط الضعف في دفاعات البلوغرانا والاعتماد على استراتيجية تكتيكية محكمة تركز على الكرات الثابتة والأخطاء الدفاعية وكسر مصيدة التسلل.
يبقى السؤال مطروحًا: هل يتمكن ريال مدريد من استنساخ "مفتاح" سيميوني وتطبيقه بنجاح في مواجهاته القادمة ضد برشلونة؟ الإجابة ستتضح في المواجهات الكلاسيكية المرتقبة بين الفريقين، والتي ستكشف مدى قدرة ريال مدريد على الاستفادة من دروس أتلتيكو مدريد، وهل يتمكن أنشيلوتي من إيجاد "وصفة" خاصة به لـ"ضرب" دفاعات البلوغرانا.