لا يمكن لتصريحات زيلينسكي إلا أن تعطي واقع الحرب في الجنوب الروسي، مؤخرًا، طابعًا يختلف عما مر به هذا الصراع منذ العام 2022، "نريد إنشاء منطقة عازلة، والتوغل العسكري في منطقة كورسك الروسية يهدف إلى هذا"، نبرة مختلفة ترافق التصعيد الأوكراني.

زيلينسكي، الذي تحولت أهداف قواته من صد هجمات روسية إلى إنشاء مناطق عازلة في الداخل الروسي أكد، مع بداية عملية كورسك، أن العملية تهدف إلى حماية المجتمعات في منطقة سومي الأوكرانية الحدودية من القصف المستمر..

لكن، اليوم، الأهداف تبدلت، هذا تزامنًا مع تطور واقع الميدان، حيث تمكن الجيش الأوكراني من السيطرة على 82 بلدة و1150 كيلومترًا مربعًا من الأراضي الروسية في عمليات شملت قصفًا لجسور الإمداد الروسية، مما يشكل تحديًا تعيشه موسكو لأول مرة منذ انطلاق الحرب.

المناطق العازلة في العموم ليست فكرة جديدة في الحرب الروسية الأوكرانية، فقبل شهر تقريبًا، أكد بوتين أن الهجوم الذي شنته موسكو في خاركيف شمال شرق أوكرانيا كان الهدف منه إنشاء منطقة عازلة، والآن في كورسك وبعد النجاح الذي حققه الهجوم، تحاول أوكرانيا تنفيذ هذا عبر تمركز لقواتها على بعد معين في المدينة، باعتبار هذا نقطة فصل أوكرانية ومنطقة عزل تتربص فيها كييف للقوات الروسية لمنعها من التقدم مستقبلاً..

فعاجلاً أم آجلاً ستنفذ إمدادات كييف مع عدم ضمان المد الغربي بالأسلحة، ما يعني أن المنطقة العازلة تعطي فكرة عن التفكير الإستراتيجي الأوكراني وراء التوغل.

يقول محللون إن إنشاء كييف لمنطقة عازلة وإن تم، سيعني نجاحًا تكتيكيًا للقوات الأوكرانية، وضربات أوكرانية بعيدة المدى خلف الخطوط الأمامية الروسية، بما في هذا القواعد الجوية ومستودعات الذخيرة، وهو مفتاح حلول عسكرية لأوكرانيا على الأقل في الجنوب الروسي، فضلاً عن منع روسيا من الاقتراب أكثر من الحدود واستخدام مدفعيتها.

وعلى الجهة الأخرى، فإن روسيا تلعب بطريقة توزيع الجهد الذي يضعف أوكرانيا، ويشتت تركيزها على كورسك، فتتوغل شرق أوكرانيا مسيطرة، مؤخرًا، على قرية سفيريدونيفكا القريبة من مدينة بوكروفسك..

وهذه المدينة هي أحد المعاقل الدفاعية والمراكز اللوجستية الرئيسة لأوكرانيا في دونيتسك، في عملية تحاول فيها موسكو إشغال جبهات جديدة تضعف أوكرانيا، التي تريد إرغام موسكو على الدخول في مفاوضات عادلة، وفق كلام زيلينسكي.