لم يكن عنصر المفاجأة وحده ما ميّز تفاصيل الهجوم المباغت الذي شنته القوات الأوكرانية على مدينة كورسك الروسية الحدودية، فبعد تقدمها لمسافة وصلت إلى 11 كيلومترًا داخل الأراضي الروسية، ووسط صدمة اعتلت وجوه الروس، بدأت كواليس الهجوم تخرج إلى العلن تباعًا.

صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت في تقرير لها أن المسؤولين الأوكرانيين اختاروا التعتيم على تفاصيل العملية، حتى إن الرئيس الأوكراني الذي اعتاد التعليق على كل كبيرة وصغيرة فيما يتعلق بالحرب، التزم الصمت، ولم يُعلن شيئًا عن عملية كورسك حتى يوم السبت الماضي، لدرجة أن التعتيم وصل أيضًا إلى الجنود الذين لم يكن معظمهم على علم مسبق بالخطة، وعلى سبيل المفاجأة فحتى حلفاء كييف، مثل أمريكا، لا يعرفون منطق العلمية وأسبابها.

تُظهر الخرائط والتقارير التي جمعت على يد محللين مستقلين حول العملية، بحسب الصحيفة، أن انتقالاً للجنود الأوكرانيين من الشرق إلى منطقة سومي حدث بشكل سري عبر الحدود مباشرة من كورسك تحت ذريعة التدريب واستلام معدات جديدة..

لكن في الحقيقة كان يتم نقل أسلحة ثقيلة، وتكديس الجنود في المنازل، مع إصدار تعليمات للضباط بعدم ارتداء الزي العسكري عند دخول البلدات للابتعاد عن إثارة الشبهات، وعلى الرغم من أن الجانب الروسي قد لاحظ هذا التحرك إلا أن الاستجابة لم تكن حاضرة كما يجب، وفق ما قال أندريه غوروليوف العضو في البرلمان الروسي، خاصة مع يقين الروس بأن الذخيرة بدأت تنفد من الألوية الأوكرانية.

وفيما يتعلق باختيار القوات الأوكرانية لـ "كورسك"، فهذا يعود، بحسب محللين، إلى أنها تضم عددًا أقل من الخنادق المضادة للمركبات المدرعة، وعددًا أقل من عوائق الدبابات ومواقع القتال، كما أن التحصينات الروسية تعد أقل كثافة في كورسك من المناطق الأخرى.

إذن هي عناصر المفاجأة والخداع والمجازفة، التي ميزت التوغل الأوكراني بحسب الصحيفة، لكن مع ذلك فقد أبدى الجانب الأمريكي تحفظه بشأن خلق أوكرانيا نقاط ضعف جديدة، حيث تمتد القوات على طول الجبهة، لكن بشكل هش.