logo
حرب الجواسيس بين روسيا وأوكرانيا
فيديو

من الحيتان للأشباح.. حرب الجواسيس بين روسيا وأوكرانيا خلف "خط النار"

09 سبتمبر 2024، 7:23 ص

بشر بهيئة أشباح، رجال يخفون خلف بِذلاتهم جواسيس يبرعون في اصطياد المعلومات ونقلها في سوقها السوداء وحيتان محملة بأجهزة تنصّت تسبح بالقرب من شواطئ العدو بحثًا عن إشارة ما.

هكذا تشتعل حرب الجواسيس بين روسيا وأوكرانيا خلف "خط النار" حيث يتكلم سلاح المعلومة، وتصمت البنادق 

"الأشباح"

أمام السلاح الروسي الثقيل والجيش الذي يتحدث بلغة القوة والعدة والعتاد، كان لا بد لأوكرانيا أن تطور أساليبها في التصدي، حتى لو وصل الأمر إلى اللجوء إلى مجموعة الأشباح، التي تقبل أو ترفض المتطوعين بالاعتماد على درجة الولاء لأوكرانيا. 

هنا إليكم نيكولا الاسم المستعار لقائد شبكة التجسس الأوكرانية يتحدث لسكاي نيوز البريطانية عن ما سمّاه المقاومة الأوكرانية، ويشير إلى أنها بدأت بعد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم في 2014، لكنها باتت تعمل بشكل أكثر تنظيمًا بعد الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022، حيث يظهر أفراد هذه الشبكة بزي أسود ووجوه مغطاة،..

يتمحور عملهم حول تصوير القوات الروسية ومراقبتها ومشاركة المعلومات مع القوات المسلحة الأوكرانية عبر الخط الساخن، كما تظهر المقاطع التي نشرتها الشبكة لحظة إشعالهم أجهزة إرسال الكهرباء في منطقة فورونيج في جنوب غربي روسيا كجزء من مهامهم التي يلفها الغموض والسرية التامة.

"الخيانة العظمى"

"كل شيء مباح في الحرب" نظرية تؤمن بها الأطراف المتنازعة، لكن حقيقة ارتفاع عدد الجواسيس في روسيا كانت صعبة التصديق، فخلال الـ 30 عامًا الماضية كانت الخيانات في روسيا نادرة الحدوث، لكن بعد عام 2022 ارتفعت نسبة الخيانة، وزادت معها ملاحقات المشتبه فيهم بتهمة التجسس، وهذا ما قاله المحامي يفجيني سميرنوف لوكالة أسوشيتد برس. 

"كان هناك أكثر من 100 قضية خيانة عام 2023 في روسيا، وربما يكون هناك 100 قضية لم يسمع بها أحد". وبالطبع، فإن كلام المحامي لم يكن الدليل الأول أو الأخير فهناك الصور والفيديوهات والأخبار التي تأتي من روسيا محملة بأنباء القبض على جاسوس يهرّب المعلومات في زابوريجيه، وآخر يعمل لحساب المخابرات الأوكرانية، ويصنع عبوة ناسفة لاستهداف خط أنابيب غاز في القرم وغيرهم الكثير من حاملي الجنسية الروسية العاملين لصالح أوكرانيا، لكن يا تُرى هل تقف أوكرانيا وحدها في حرب الظل هذه؟

"الشراكة الاستخباراتية بين واشنطن وكييف هي حجر الزاوية في قدرة أوكرانيا عن الدفاع عن نفسها"هكذا تقول صحيفة نيويورك تايمز، التي رصدت 12 موقعا سريًّا على الحدود الروسية تم إنشاؤها في السنوات الثماني الماضية بالتعاون مع CIA، والتي تعد جزءًا من شبكة قواعد التجسس المدعومة أمريكيًّا.

كما يضيف تقرير الصحيفة أنه في عام 2016 دربت CIA قوة كوماندوز أوكرانية من النخبة تعرف باسم الوحدة 2245، حيث استولت على طائرات مسيرة روسية ومعدات اتصالات مكنتهم من إجراء هندسة عكسية لها واختراق أنظمة التشفير في موسكو.

ولأن واشنطن لا تتوقف هنا، فقد أشرفت على برنامج في مدينتين أوروبيتين لتعليم ضباط المخابرات الأوكرانية كيفية تقمص أدوار شخصيات مزيفة لسرقة الأسرار الروسية، وكل ذلك تحت إشراف شخص واحد وهو كيريلو بودانوف، قائد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، والضابط الذي عمل سابقًا في وكالة "سبيتسناز" السوفيتية التي كانت اليد العسكرية الضاربة للاتحاد السوفيتي، وهو الشخص الذي أثيرت الشكوك حول سماح زيلينسكي له بإثارة المشاكل في روسيا، إذ عرف بأنه شخص لا يرحم، كما رجحت أن يكون للمخابرات العسكرية الأوكرانية يد في التفجير الذي أخرج قطار الشحن عن مساره في منطقة بريانسك عام 2023، والهجوم بالمسيرات على الكرملين. 

الجاسوسية الروسية والجواسيس النائمون

في روسيا.. أنت على موعد مع تاريخ يزخر بقصص الجواسيس وخباياهم في بلاد ال KGB  قديمًا، والـFSB  حديثًا..

أكثر من 800 مسؤول أوكراني تم تجنيدهم للعمل لصالح جهاز الأمن الفيدرالي الروسي سواء أكان ذلك طوعًا أم بالإكراه، وهذا رقم جاء على لسان الصحافة الغربية التي سلطت الضوء أيضًا على إقحام الأماكن الدينية في حرب الجاسوسية، فالحديث هنا يدور حول الكنائس الأرثوذكسية في أوكرانيا التابعة لبطريركية موسكو، والتي اعتبرتها صحيفة نيويورك تايمز بمثابة "أداوت تجسس" بالاعتماد على تصريحات مسؤولين أوكرانيين أكدوا أنه تم اعتقال أكثر من 30 من رجال الدين للاشتباه فيهم وحينها طالب زيلينسكي برلمان بلاده بحظر أي كنيسة تخضع لروسيا، لكن رد الأخيرة جاء بالرفض لتلك الاتهامات، ووصفها بالاعتداء على الحرية الدينية. 

وبعيدًا عن الاتهامات والردود، فهنا من داخل هيئة الأركان العامة الأوكرانية وتحديدًا في عام 2022 خرجت خلية من الجواسيس الروسية مكبلة بعد إعلان السلطات الأمنية الأوكرانية عن فضح توجهاتها، لكنها بالطبع لم تكن الوحيدة فقائمة المسؤولين الأوكرانيين الذين أُقيلوا بتهمة التجسس طويلة، ومن بينهم المدعية العامة إيرينا فينيديكتوفا ورئيس جهاز الأمن إيفان باكانوف، وذلك بسبب شكوك بالخيانة لصالح روسيا وعدم القدرة على مواجهة الاختراقات الداخلية في البلاد..

كما أنه في عام 2024 أعلنت أوكرانيا إلقاء القبض على موظفين سابقين وحاليين في الاستخبارات الأوكرانية بعد اتهامهم بنقل معلومات حول المواقع العسكرية والتحصينات الدفاعية والبيانات الشخصية إلى روسيا. 

وبالتزامن مع الاختراقات التي حققتها روسيا في أوكرانيا، فقد بدأ الغرب بالحديث أكثر والبحث المكثف عن "الجواسيس الروس النائمين" في أوروبا وهم أشخاص باتت روسيا تعتمد عليهم أكثر بعدما طالت الحرب في أوكرانيا حيث يتخذون هوية مزورة، ويندمجون في المجتمعات لسنوات قبل الانخراط في مهامهم، ولعل هذه السمة هي التي تميزهم مقارنة مع الجواسيس العاملين تحت غطاء دبلوماسي، وبالمناسبة فقد طردت أوروبا منذ بدء الحرب عشرات الدبلوماسيين الروس من بلادها بتهمة التجسس مثل أمريكا، وهولندا، وسلوفاكيا، والتشيك، وبلجيكا وغيرها من الدول..

أما بالعودة إلى ملف الجواسيس النائمين فقد قال توم روزيث، الأستاذ في كلية الدفاع النرويجية الجامعية لنيويورك تايمز إن الزيادة الأخيرة في ضبط هذه الحالات -أي الجواسيس- تعكس حاجة روسيا إلى "جواسيسها النائمين" في هذه المرحلة في أوروبا، مع ضغط الوضع الذي تعيشه موسكو، تريد شبكتها أن تفي بوعودها".

ومن الجدير بالذكر أن الدول الأوروبية أطلقت الكثير من التحذيرات فيما يتعلق بمخاطر التجسس، وجاء أحدثها بعد نفوق الحوت هفالديمير الذي حمل حزامًا قيل إنه مزود بكاميرات مراقبة كتب عليها "معدات سانت بطرسبرغ" والذي لطالما أُثيرت الشائعات حول خضوعه لتدريبات روسية وإطلاقه لخدمة مصالح موسكو ومراقبة غواصات أعدائها. 

قد يسهل تتبع طائرة أو دبابة أو التصدي لهجوم بالسلاح الثقيل، لكن تتبع شخص واحد يحمل الكثير من المعلومات الحساسة، ويختبئ خلف بذلة أو منصب أو قناع، أو تتبع حوت في الأعماق قد يبدو أكثر صعوبة فحروب الجيوش ربما تنتهي، إلا أن الحروب خلف خط النار لا تعرف معنى النهاية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC