هادئ مثل بوتين، ويحمل دهاء روسيا جعله "عراب" حملة بوتين الانتخابية، لكن بعيدا عن الأضواء، سيرجي كيرينكو، هو نائب مدير الإدارة الرئاسية، وقائد حملات التضليل الروسية، كما وصفوه.

كان أصغر رئيس وزراء في تاريخ روسيا بعمر 35 سنة في عام 1998، واستقال بعد أربعة أشهر من توليه المنصب، وخلال فترة ولايته التي استمرت شهورا قليلة في ذلك المنصب، عُيِن بوتن مديراً لجهاز الأمن الفيدرالي آنذاك، وربطت الثنائي علاقة وثيقة منذ ذلك الوقت.

منذ عام 2022 وبعد أسابيع من بدء الحرب مع أوكرانيا، دعا كيرينكو إلى ما وصفه تقرير بلومبيرغ ب"الذهان النووي"، الذي هدف إلى خلق محتوى يرفع من شأن الكرملين وروسيا بالعموم دوليا، واستخدم في هذا كل السبل التي تقزم الخصم، بدءا برسوم كاريكاتورية مهينة للرئيس الأمريكي جو بايدن وصولا إلى السخرية من معدات الجيش الأوكراني بنشره لطائرات مقاتلة معطوبة يُزعم أنها تستخدمها أوكرانيا، معتمدا في هذا على منظمة خاضعة لسيطرة الكرملين وهي منظمة ANO Dialog، التي استغلها أيضا وفق ذات التقرير لانتحال صفة شخصيات مسؤولين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتعزيز جهود التدخل الروسي في الانتخابات بواشنطن، باستخدام الذكاء الاصطناعي، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية.

صنفت وزارة العدل الأمريكية كيريينكو باعتباره أمينا على نحو 30 موقعا إلكترونيا تستخدمها الحكومة الروسية لنشر معلومات كاذبة، ويقول تقرير وول ستريت جورنال بأن صلاحيات كيرينكو شهدت توسعا في نطاق مهامه بالسنوات الأخيرة، لا سيما في قيادة جهود الدعاية للكرملين، بل إنه كان وفق الرواية الأمريكية وراء تسميم زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني وقتله عام 2021، باعتباره أمين السياسة الداخلية لبوتين، قبل أن تطاله العقوبات الأمريكية، كما أنه قاد منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية استراتيجية داخلية بروسيا تهدف لاستهداف عقول الناس فهنا تكمن الحرب وفق تعبيره، وكان من بين الداعمين لفكرة تلقين الأطفال الروس أفكارا ضد الغرب وتعزيز الخدمة العسكرية بين الأطفال في المدارس.

في عام 2005 كُلف كيرينكو بإدارة شركة روساتوم الحكومية، التي تعتبر من بين أكبر شركات صناعة الطاقة النووية عالميا، ونجح بتوقيع صفقات بمليارات الدولارات آنذاك لروسيا، قبل أن يعود عام 2016 للكرملين للإشراف على حملة بوتن لولاية رابعة، ويفرض حاليا سيطرة على محتوى الإنترنت بروسيا، بما لا يتعارض مع السياسية الداخلية.

مؤخرا، شارك كيريينكو البالغ من العمر 62 عاما في اجتماعات ناقش فيها مسؤولون روس سبل الترويج لترشيح دونالد ترمب، وتقويض الدعم لأوكرانيا وتعزيز المصالح الروسية، وفقا لمصادر أمريكية، وتجلت الخطط في حملة تضليل عُرفت باسم " دوبلجانجر"، وهو ما جعل اسمه يعود للواجهة من جديد، بوصفه خليفة محتملا لبوتين.