"أيقونة أفريقيا الأشهر في التاريخ".. من هو قاهر العنصرية نيلسون مانديلا؟

متسامح مع جلاديه.. أمضى أكثر من ربع قرن في السجن وحين خرج دافع عن سجانيه.. رجل قهر الفصل العنصري ورفض الظلم وحارب العنصرية.. يشكل علامة فارقة في تاريخ السياسة والسلطة.. حائز على جائزة نوبل للسلام.. تم إنشاء يوم باسمه لتكريم إرثه.. وصفوه بأنه أحد عظماء هذا العصر.. رسم واحدة من أشرف صور النضال في القرن العشرين.. أول رئيس أسود لجنوب أفريقيا.. من هو نيلسون مانديلا الأيقونة الأشهر فى تاريخ قارة أفريقيا؟

ولد نيلسون مانديلا في الثامن عشر من تموز عام 1918 في جنوب أفريقيا سمَّاه والده "دولي هلاهلا" أي المشاكس باللغة الأفريكانية لكنه سُمي في المدرسة الابتدائية "نيلسون" بعد أن عجز أساتذته البيض عن نطق اسمه.

كان مانديلا أحد الأطفال الأفارقة القلائل الذين استطاعوا دخول المدرسة الابتدائية فأكمل دراسته وسجل نجاحا وتفوقا ملحوظا في فيها والتحق بكلية فورت هاري لكنه طرد منها عام 1940 بسبب مشاركته في الاحتجاجات الطلابية على سياسة التمييز العنصري ولم يستطع إكمال دراسته بشكل منتظم فأكملها بالمراسلة في جوهانسبرغ وحصل على بكالوريوس في الحقوق.

بدأ رحلته مع السياسة في العشرين من عمره فانضم عام 1942 إلى حزب المؤتمر الوطني الأفريقي المعارض لسياسة التمييز العنصري ونشط فيه وعمل على تحويله إلى حركة جماهيرية تستقطب مختلف الفئات الأفريقية، وكان أحد مؤسسي "اتحاد الشبيبة" في الحزب.

حين بدأ الحزب ما عُرفت بـ"حملة التحدي" تنقل مانديلا داخل البلاد محرضا على مقاومة قوانين التمييز العنصري فصدر حكم بسجنه مع وقف التنفيذ ومُنِع من مغادرة جوهانسبرغ 6 أشهر استغلها لإعداد خطة لتحويل فروع الحزب إلى خلايا للمقاومة السرية.

بعد أحداث مذبحة "شاريفيل" عام 1960 حظرت السلطات كافة نشاطات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي واعتُقِل مانديلا، وبعد الإفراج عنه عام 1961 قاد المقاومة السرية وسافر إلى الجزائر لترتيب دورات تدريبية لأعضاء الجناح العسكري للحزب، وبعد عودته اعتقل بتهمة مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية والتحريض على الإضرابات وأعمال العنف. وحين بدأت محاكمته تولى الدفاع عن نفسه.

حكم عليه بالسجن 5 سنوات وقبل أن ينهيها صدر بحقه حكم بالسجن المؤبد عام 1964 فكانت بداية رحلة نضال وعزيمة وصبر استمرت أكثر من ربع قرن خلف القضبان تحول خلالها مانديلا إلى أيقونة للحرية ورمز للكفاح والنضال ضد العنصرية، فرضخت حكومة جنوب أفريقيا للضغوط الداخلية والدولية وأطلقت سراحه عام 1990 بعد أكثر من 27 عاما في السجن.

وبعد الإفراج عنه أعلن وقف الكفاح المسلح وقاد المفاوضات مع رئيس جنوب أفريقيا في ذلك الحين لإنهاء التمييز العنصري وتحقيق طموحه في تحرير الظالم والمظلوم معا.

خرجت جنوب أفريقيا من نظام التمييز العنصري وتبنت دستوراً جديداً تعددياً، وانتخب مانديلا رئيساً للبلاد عام 1994، فكان أول رئيس أسود يحكمها وفي عام 1999 قرر التقاعد فلم يترشح لفترة رئاسية ثانية واشتغل بالأعمال الخيرية.

حصل مانديلا على الكثير من الجوائز العالمية والأوسمة والشهادات التكريمية كان من أبرزها جائزة نوبل للسلام عام 1993 واختارته الأمم المتحدة سفيراً للنوايا الحسنة عام 2005 وقال عنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنه لا يزال يلهم العالم من خلال المثال الذي جسده في الشجاعة والرحمة، فيما قال عنه الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما إنه "مصدر إلهام للعالم كله".

بقي مانديلا حتى وفاته في 5 من ديسمبر كانون الأول عام 2013 رمزاً لم تثنه سنوات القهر عن مواصلة النضال والتمسك بمبادئ الحق والحقيقة ورفعة الإنسان، لذلك تحتفل جنوب أفريقا كل عام بذكرى ميلاده بيوم سمي باليوم الدولي لنيلسون مانديلا ومعها يحتفل العالم كله بشعلة مضيئة لن تنطفئ.