logo
العالم

انقلاب النيجر يكرس "اللااستقرار" ويزعزع توجهات دول الساحل

انقلاب النيجر يكرس "اللااستقرار" ويزعزع توجهات دول الساحل
أنصار الانقلاب العسكري في بوركينا فاسو 2023المصدر: رويترز
26 يوليو 2024، 4:06 م

على منوال مالي وبوركينافاسو، وبعد مرور عام على الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم من السلطة في "النيجر"، دخل حكام الدول الثلاث "الانقلابيون"، في معارك معلنة ضد فرنسا والولايات المتحدة والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ودول الجوار، تحت عنوان مشترك، وهو "طرد" ما يسمونه بـ"الاستعمار الجديد".

وتلك السياسة أثّرت على توجهات باقي دول الساحل الإفريقي، وعلى رأسها تشاد.

 وتكريسا للقطيعة مع النظام السابق في "نيامي"، جعلت السلطات تاريخ 26 يوليو \ تموز المصادف لمرور عام على حادثة تنحية الرئيس المنتخب محمد بازوم بالقوة عن الحكم، عطلة وطنية يحتفل بها المواطنون.

أخبار ذات علاقة

وفد من البنتاغون يناقش في نيامي انسحاب القوات الأمريكية من النيجر‎

وأكد رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني في حفل العطلة الوطنية، التزام بلاده بمسار "القطيعة مع النظام الاستعماري الجديد"، قائلا، "لن تملي علينا أي دولة أو منظمة مشتركة بين الدول، ما هو الإجراء الذي يجب اتخاذه، إن مسيرتنا نحو السيادة الكاملة لا هوادة فيها"، في إشارة إلى التحالف الثلاثي الذي أصبح يجمع عبر كونفدرالية الساحل مع بوركينافاسو ومالي.

ومثلما فعلت مالي ثم بوركينافاسو، احتفت نيامي بسلسلة من الإجراءات التي شكلت نتائج السنة الأولى في الانقلاب، وتتعلق بإنهاء اتفاقيات الدفاع التي ربطت النيجر بفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، وإقالة السفير الفرنسي، وتعليق عمل بعض وسائل الإعلام الفرنسية والانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، وإلغاء العضوية في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، وإلغاء قانون الاتجار غير المشروع بالمهاجرين، وقطع الحدود والنفط عن التدفق إلى بنين، في مقابل تعزيز العلاقات مع روسيا وإيران وتركيا.

ولكن هذه التدابير لم تمنع تدهور الأمن والرفاهية الاقتصادية والقدرة الشرائية للمواطنين في الدول الثلاث، وهو ما يؤكده المركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية، فعلى الرغم من الوعود النبيلة، لم يحقق المجلس العسكري نتائج ملحوظة ضد المتطرفين، وقُتل عشرات الجنود، وما زال انعدام الأمن يقوّض سبل عيش المدنيين المحاصرين في "المناطق الحمراء"، وهي المواقع التي يسيطر عليها المسلحون قرب الحدود مع مالي وبوركينافاسو.

ولأكثر من عقد من الزمان، تقاتل الدول الثلاث، جماعات متشددة مرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، مما أسفر عن مقتل الآلاف من الأشخاص وتشريد ملايين آخرين.

أخبار ذات علاقة

بوركينا فاسو ومالي والنيجر تعلن توحدها ضمن "كونفدرالية"

 كما أجبر التدهور الأخير للوضع الأمني في بوركينافاسو، عشرات الآلاف من الأشخاص على اللجوء إلى النيجر، حيث سجلت الأمم المتحدة ما لا يقل عن 153000 نازح داخليا، وأكثر من 36000 طالب لجوء من بوركينافاسو في النيجر.

وتقييما لتطورات حصيلة سنة من الانقلاب، قال المحلل السياسي النيجري تيام صاولي في تصريح لـ"إرم نيوز"، إنه بناء على معطيات تناولتها المنظمات غير الحكومية المتخصصة، فإن الوضع الأمني لم يتحسن بتاتا بل تدهور.

وأضاف: حين كان محمد بازوم، رئيسا للبلاد أطلق ما يسمى بسياسة "اليد الممدودة" مع المسلحين للتخلي عن الهجمات ضد أجهزة الدولة، كما بذل الكثير من الجهد في تجسيد المصالحة بين المجتمعات المحلية التي غالبا ما تغذي التمرد الجهادي، إلى جانب اعتماد تطوير استراتيجية لتأمين السكان مع الهيئة العليا لتوطيد السلام وهي اللجنة التي تم حلها مؤخرا.

ويرى صاولي الذي كان يتحدث من فرنسا، أن الانقلابيين في الدول الثلاث، يزعمون أنهم يرفضون الاستعمار الغربي الجديد، غير أنهم عوّضوا الوجود الفرنسي والأمريكي بالروس، في خطوة لن تجلب السلام والاستقرار ما دامت الدولة خاضعة لإملاءات الأجنبي.  

وتابع: تثار مخاوف من انتقال عدوى طرد القوات الغربية إلى دولة تشاد المجاورة، بعدما عززت كونفدرالية الساحل تعاونها مع نجامينا لضمها إلى التكتل وتعويض تعثر تدفق النفط إلى بنين بتشاد، في وقت بدأ الرئيس إدريس محمد ديبي في التقارب مع موسكو.

 ولكن المحلل السياسي يدافع عن خيار تنويع الشركاء وإمدادات الأسلحة والمعدات العسكرية من الصين وروسيا وتركيا، ما يساهم لاحقا في إبطاء التوسع الجهادي.

ووفق وجهة نظر المحلل السياسي المالي أداما بكازونغو، فإن ما ينذر بخطورة مستقبل الحكم في النيجر مثلها مثل بوركينافاسو ومالي، هو انتهاج سياسة التفرد بالسلطة، حيث دخلت نيامي في مرحلة انتقالية طويلة، في ظل غياب الحديث عن موعد لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وقمع الاحتجاجات السلمية المنادية بالتغيير.

وأكد أداما بكازونغو في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، مأزق السلطات التي تحكم البلاد منذ الانقلاب العسكري في 26 يوليو \ تموز 2023، لذلك سعت للتركيز على تحسين الظروف المعيشية للسكان عشية ذكرى الاستيلاء على السلطة عن طريق سن مرسوم يقضي بتخفيض سعر البنزين، التي سبّبت ارتفاع سعر الديزل خلال السنوات الأخيرة في احتجاجات قوية، كخطوة لتهدئة الجبهة الاجتماعية.

وأضاف: لقد دافع الرئيس الانتقالي عبد الرحمن تياني في خطاب عن حكمه، وردّ على الاتهامات، معتبرا أن "نهب الموارد، وتكميم الحريات الأساسية، كانتا بمثابة براءة اختراع لدى النظام المخلوع، على الرغم من الوجه الديمقراطي الذي أظهرته، وأشادت به القوة الاستعمارية السابقة مكافأة لتبعية النظام لها".

وأضاف: إن هذا الوضع جعل الشعب النيجري "الضحية"، ينضم إلى "المسيرة الجديدة التي قادها المجلس الوطني لحماية الوطن، لتحويل الانقلاب إلى حركة واسعة للتحرر الوطني واستعادة الكرامة الشعبية".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC