أثار تصعيد انفصاليي الطوارق في مالي ضد الجيش ومجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية تساؤلات بشأن دلالات ذلك، بعد أشهر من خسارة الانفصاليين معقلهم الرئيس في مدينة كيدال.
ودار قتال شرس بين متمردي الطوارق والجيش المالي وحلفائه في بلدة تينزاواتن القريبة من الحدود مع الجزائر في شمال البلاد؛ ما أسفر عن مقتل 20 على الأقل من مجموعة "فاغنر"، وذلك بعدما نصب الانفصاليون "كميناً محكماً لهم"، وفق قولهم.
وعلق المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، بالقول إن "المعركة التي دارت في الأيام الأخيرة في تينزاواتن كانت ضارية بالفعل، ويبدو أن صعوبة التضاريس وغياب التنسيق بين الجيش المالي وعناصر "فاغنر" من جهة، وجماعات أخرى من جهة ثانية، شكّلا عاملا مهما للانفصاليين لتحقيق مكاسب منقطعة النظير"، بحسب تعبيره.
وضع معقّد
وأوضح كايتا، لـ "إرم نيوز"، أن "الوضع الميداني الآن معقد؛ لأنه بحسب آخر المعطيات، فإن الانفصاليين نجحوا في الاستيلاء على معدات عسكرية متطورة كانت بحوزة "فاغنر" والجيش المالي، كما أن الهجوم المباغت سيشكل دفعة معنوية للانفصاليين حتى يكثفوا هجماتهم".
وتابع أن "تعقيدات الوضع تتجسد أيضا في غياب التنسيق بين الجيش المالي و"فاغنر" مع الجزائر؛ ما يعني أن لدى الطوارق هامشاً كبيراً من المناورة على طول الشريط الحدودي وهو أمر لا ينسحب على الجيش المالي والقوات المساندة له"، وفق قراءته.
وتشهد مالي، التي عاشت انقلابين في عامي 2020 و2021 استولى خلالهما الجيش على السلطة، تمردا من جماعات مسلحة منذ سنوات.
والطوارق جماعة عرقية تسكن منطقة الصحراء الكبرى، ومنها أجزاء من شمال مالي. ويشعر العديد منهم بالتهميش من جانب الحكومة المالية.
ارتباك
وعلق الخبير العسكري عمرو ديالو على التطورات الميدانية في مالي بالقول إن "هناك ارتباكاً في صفوف السلطات المالية؛ بسبب الخلافات مع الجارة الجزائر واستمرار الهجمات الدموية في عدة مناطق، لذلك حاول الطوارق استغلال هذه النقطة، ونجحوا إلى أبعد حد"، وفق تعبيره.
وأوضح ديالو، لـ "إرم نيوز"، أن "الأمور الآن يبدو أنها تسير بشكل لا يخدم المجلس العسكري في باماكو الذي يريد الترويج لمكاسب لدى الشارع، فما حدث يظهر هشاشة قواته وتحالفه مع "فاغنر"، وأعتقد أنه سيكون مضطرا إلى مراجعة حساباته الميدانية"، بحسب قوله.
