آلاف الجنود ومئات الدبابات.. روسيا تحشد لمعركتها في خاركيف

صوب مقاطعة خاركيف تتوجه فوهة الآلة العسكرية الروسية، ويتم تناقل أخبار الحرب.. تقدم روسي باتجاه مدينة كوبيانسك، بمسافة تقدر بحوالي كيلومترين، بحسب ما ذكرته وزارة الدفاع الروسية، التي قالت إن القوات الروسية سيطرت على بلدة نوفوسيلوفسكوي في كوبيانسك مخترقة بهذا التقدم دفاعات الجيش الأوكراني.

تحشيد عسكري من الطرفين

على عجل بدأت القوات الأوكرانية بحشد إضافي باتجاه كوبيانسك، عشية إعلان الدفاع الروسية تقدمها في المدينة، بحسب مراقبين عسكريين. في المقابل قال المتحدث باسم قيادة العمليات الشرقية للقوات الأوكرانية سيرغي تشيرفاتي، إن روسيا حشدت أكثر من 100 ألف جندي و900 دبابة، في محور ليمان بدونيتسك وكوبيانسك بخاركيف.

فيما أكد قائد القوات البرية الأوكرانية الجنرال ألكسندر سيرسكي أن روسيا ركزت قواتها في منطقة كوبيانسك، ووصف الوضع في الجبهة الشرقية بأنه معقد لكنه تحت السيطرة.

خاركيف.. أهمية عسكرية واستراتيجية

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية قبل عام ونصف تقريبا شهدت خريطة السيطرة العسكرية على المدينة حالة مد وجزر بين القوات الروسية ونظيرتها الأوكرانية، فبعد تقدم سريع للروس في بداية المعارك وسيطرتهم على مساحات واسعة من هذه المقاطعة، عادت القوات لتنسحب بعد هجوم أوكراني وصف بالشرس في أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، وقالت موسكو حينها إنها انسحبت من مناطق مهمة لحاجتها لإعادة الانتشار وتعزيز الموقف العسكري في دونيتسك المجاورة لخاركيف، فيما احتفلت كييف حينها بهذا الإنجاز، حتى أن الرئيس الأوكراني زار المقاطعة وتجول فيها، في تحدٍ واضح لموسكو .

دخلت المقاطعة في تلك الفترة مرحلة الجمود الحربي، وانقسمت خريطة السيطرة بين روسيا وأوكرانيا، واكتفت القوات بصد الهجمات القادمة من الطرف الآخر. وتشير آخر الإحصائيات العسكرية إلى أن روسيا تسيطر على 29 قرية فقط. ويبلغ عدد سكان هذه القرى مجتمعة 3000 شخص فقط، فيما تسيطر أوكرانيا على باقي المقاطعة التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا من حيث المساحة، وعدد السكان فيها مليون ونصف مليون نسمة تقريبا، وتمتد على مساحة 350 كيلومترا مربعا.

ولخاركيف أهمية استراتيجية بعيدا عن مساحتها، وهو موقعها، إذ تعتبر خاركيف مركزا لتقاطع سكك حديدية رئيسية ويخترقها نظام الطرق السريعة في أوكرانيا وروسيا، يضاف إلى هذا حدود طويلة مع مقاطعة بيلغورود الروسية، التي شهدت هجمات أوكرانية متتالية أزعجت الكرملين، ما أجبر السلطات الروسية على إعلان بعض المناطق في المقاطعة أماكن خطرة، وتم إخلاء بعض القرى الحدودية من سكانها.

خاركيف.. دمار متتالٍ نتيجة الحروب

بعد انتصار الثورة الروسية عام 1917 كانت خاركيف أول عاصمة لأوكرانيا الاشتراكية حتى عام 1934، حتى تم استبدالها لتصبح العاصمة الحالية كييف، وخلال عهد السوفييت احتضنت المقاطعة كبرى المصانع العسكرية التي كانت تزود الجيش السوفييتي بالمعدات العسكرية الضخمة.

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية تعرضت المدينة لدمار شديد على يد الألمان، إلا أن موسكو بصفتها عاصمة الاتحاد السوفييتي أعادت إعمارها بعد انتهاء الحرب، وطورت المدينة، وعاش سكان خاركيف عصر الهدوء، حتى إعلان روسيا الحديثة الحرب على أوكرانيا المتطلعة صوب الغرب، إذ عادت ذاكرة الدمار وأصوات المدافع إلى أزقة هذه المقاطعة الكبيرة، التي ربما ستشهد مع قابل الأيام أشرس المعارك بعد التحشيدات العسكرية الضخمة التي تعدها روسيا على حدودها.