انقسامات عميقة بين المسيحيين الأمريكيين تجاه الحرب في غزة

في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، نشأت انقسامات عميقة بين المسيحيين الأمريكيين؛ ما أثّر بشكل كبير على وجهة نظرهم بشأن احتفالات عيد الميلاد هذا العام وموقفهم تجاه المنطقة التي مزقتها الحرب.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، فقد ترددت أصداء إلغاء احتفالات عيد الميلاد بمدينة بيت لحم الفلسطينية في الولايات المتحدة؛ إذ اختار القس خضر خليلة، من كنيسة الفادي سانت جون اللوثرية في بروكلين، مبادرة عدم المشاركة في تبادل الهدايا هذا العام، وتوجيه المساهمات نحو مساعدة أطفال غزة ودعم جهود إعادة البناء.

ويكشف المشهد المتنوع للمسيحيين في الولايات المتحدة عن تباينات صارخة في المواقف تجاه الحرب، حيث تقدم الطوائف والانتماءات السياسية المختلفة وجهات نظر متناقضة حول الوضع في الأراضي المقدسة.

وفي أعقاب الهجمات التي شنتها حماس في أوائل شهر أكتوبر/تشرين الأول، حصل "البيان الإنجيلي لدعم إسرائيل" على تأييد نحو 90 من القساوسة والزعماء المسيحيين، مؤكداً على حق إسرائيل في الدفاع ضد المعتدين.

وعلى العكس من ذلك، حثت مجموعة من 30 زعيمًا مسيحيًا أمريكيًا، بمن في ذلك ممثلون عن الكنائس المشيخية والميثودية والأسقفية والمتحدة واللوثرية والأرثوذكسية، الرئيس جو بايدن على إعطاء الأولوية لوقف فوري لإطلاق النار وخفض التصعيد.

وتتوافق هذه الاختلافات في الرأي بشكل وثيق مع الميول المذهبية والسياسية؛ فالبروتستانت الإنجيليون، الذين يشكلون ما يقرب من 24% من السكان البالغين في الولايات المتحدة، يميلون غالباً إلى الحزب الجمهوري ويميلون إلى التعبير عن دعم أقوى لإسرائيل. وفي الوقت نفسه، فإن البروتستانت الكاثوليك وغير الإنجيليين، الذين يشكلون 21% و16% على التوالي، يظهرون وجهات نظر أكثر تنوعاً حول تصرفات الحكومة الإسرائيلية.

وأدانت الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في أمريكا، التي تضم ما يقرب من 4 ملايين عضو، الانتقام من حماس، مسلطة الضوء على محنة الفلسطينيين تحت "الاحتلال" باعتباره السبب الجذري للأزمة المستمرة.

ومع ذلك، حتى بين المؤيدين المخلصين لإسرائيل، تتزايد المخاوف بشأن تصاعد عدد القتلى في غزة، وقد دفع مقتل امرأتين تبحثان عن ملجأ داخل كنيسة في غزة، البابا فرانسيس إلى إدانة العنف والتلميح إلى استخدام إسرائيل لتكتيكات مؤلمة في جميع أنحاء القطاع.

كما اتخذت الطوائف التقدمية مثل الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة الأمريكية، وكنيسة المسيح المتحدة، مواقف قوية، ووصفت إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، ودعت إلى مقاطعة وسحب الاستثمارات من الشركات المستفيدة من "الاحتلال".

وبهذا، لم تتسبب الحرب في غزة في تعطيل احتفالات عيد الميلاد في الأراضي المقدسة فحسب، بل كشفت أيضًا عن وجهات النظر المتباينة والديناميكيات المعقدة داخل المجتمع المسيحي الأمريكي في ما يتعلق بالصراع المستمر في المنطقة.