logo
العالم

أثار استياء واشنطن.. الصين "تجني الكنز" بتدشين الميناء الأضخم في البيرو

أثار استياء واشنطن.. الصين "تجني الكنز" بتدشين الميناء الأضخم في البيرو
رافعات تعمل على بناء محطة ميناء تشاناكي المصدر: AP
30 أغسطس 2024، 5:28 ص

توجّه الصين ضربة جديدة لواشنطن، في نوفمبر المقبل، عبر استهداف "الحديقة الخلفية" لها، حيث سيطير الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى البيرو لافتتاح ميناء "تشاناكي" الأضخم من نوعه، ليحصد منه موارد معدنية مهمة من النحاس، والحديد الخام، والليثيوم.

ومن المقرر أن يعيد الميناء تشكيل التجارة العالمية بين قارتي آسيا وأمريكا اللاتينية، من خلال الربط بين مدينتي تشينغهاي الصينية وتشانسي في جمهورية البيرو، في وقت إبحار يقل بثلاثين يومًا عن المسار الحالي.

وبهذا المشروع تصبح ليما شريكا في المشاركة الاقتصادية مع أمريكا اللاتينية لاستقبال السفن العملاقة لتكون بكين الأقرب للهيمنة على الموارد الطبيعية في القارة التي ظلت لعقود "الحديقة الخلفية" لأمريكا.

وتأمل السلطات البيروفية أن يصبح ميناء "تشاناكي" الضخم الذي تبلغ تكلفته 3.5 مليار دولار مركزًا في منطقة المحيط الهادئ في أمريكا الجنوبية، لكن المشروع أثار استياء اللاعبين في الولايات المتحدة وأوروبا الذين يسعون إلى وقف صعود النفوذ الصيني في أمريكا اللاتينية، بحسب ما نقلته "رويترز" في وقت سابق.

أخبار ذات علاقة

هل تكون فنزويلا "بوابة" واشنطن للتغيير في حديقتها الخلفية؟

 

موارد معدنية في أقصر وقت وبأقل تكلفة

وأوضحت تقارير أن الميناء الجديد سيتيح للصين الحصول على الموارد المعدنية ذات الأهمية الإستراتيجية في وقت أقصر وبتكلفة أقل، ومن أهم تلك المعادن: النحاس، والحديد الخام، والليثيوم، وغيرها من المواد الضرورية للصناعات الإستراتيجية الجديدة كصناعة السيارات الكهربائية.

واللافت هو أن 60% من الاحتياطات العالمية من معدن الليثيوم تقع بين البيرو، والبرازيل وبوليفيا، وهي المنطقة التي تقع على بعد 10 كيلو مترات من الميناء الجديد.

ويخطط شي لافتتاح ميناء "تشانكاي" وهو ميناء ضخم للمياه العميقة على بعد 44 ميلاً شمال ليما، بموجب حقوق التشغيل الحصرية لشركة "كوسكو" المملوكة للصين.

موقع Atlantic Council أشار إلى أن حصرية "كوسكو" على الميناء من شأنها أن تجعل "تشانكاي" أول مركز لوجستي للصين في أمريكا الجنوبية، وبالمثل فإن استحواذ شركة Enel المستمر على حصص الأسهم الإيطالية لشركة كهرباء ليما سيضع الكهرباء في أيدي الشركات الصينية بنسبة 100%.

ماذا يعني المشروع للدبلوماسية الاقتصادية الأمريكية؟

أشار الموقع إلى أنه لا بد أن تشعر الولايات المتحدة بالقلق، لا سيما بعد زيارة رئيسة البيرو دينا بولوارت في يوليو الماضي إلى الصين برفقة مسؤولين كبار التقت فيها قادة أعمال من شركات كبرى مثل هواوي وكوسكو للشحن.

ويقول الموقع إن هذه الزيارة تسلط الضوء على العلاقات الاقتصادية المتعمقة بين الصين وأمريكا اللاتينية، في ظل المشاركة الاقتصادية المحدودة للولايات المتحدة مع البيرو.

وأضاف: "يتجلّى هذا التناقض في قرار البيت الأبيض بعدم دعوة بولوارت لحضور اجتماع ثنائي خلال زيارتها لواشنطن في نوفمبر 2023".

ونظرًا للمشاركة الأمريكية المحدودة مع البيرو، يشير تقرير الموقع إلى أن زيارة بولوارت الرسمية الأخيرة للصين يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لصناع السياسات الأمريكيين.

ذروة إستراتيجية ناجحة

وأكد التقرير أن التقارب الكبير بين الصين والبيرو تمثل ذروة إستراتيجية ناجحة للمشاركة الاقتصادية بينهما، والتي أسفرت عن تعميق العلاقات السياسية بين البلدين، ومن الممكن أن تتعارض المشاريع التي تثمر عن هذه العلاقات العميقة بشكل مباشر مع المصالح الأمريكية في المنطقة.

ولفت إلى أن واشنطن أثارت بالفعل مخاوف بشأن ميناء  "تشانكاي" واحتمال استخدامه كمرفق مزدوج الاستخدام من جانب البحرية الصينية.

وأردف الموقع: "شجع المسؤولون الأمريكيون الحكومة البيروفية على إنشاء لجنة لفحص الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الإستراتيجية، مثل الكهرباء، لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ولكن التعبير عن المخاوف الأمريكية لم يسفر عن نتائج مهمة".

وفي وقت سابق، نقل موقع "Cgtn" الصيني تصريحات لشي جين بينغ قال فيها إن بلاده مستعدة للعمل مع البيرو لدفع الشراكة الإستراتيجية الشاملة إلى آفاق جديدة، معربًا عن عدمه لاجتماع قادة اقتصادات منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "آبيك" في هذا العام الذي تستضيفه البيرو.

وأكد شي أن البيرو هي واحدة من أوائل دول أمريكا اللاتينية التي أقامت علاقات دبلوماسية وشراكة إستراتيجية شاملة مع بكين، كما أنها أول دولة في أمريكا اللاتينية توقع اتفاقيات التجارة الحرة مع الصين.

وحث الرئيس الصيني خلال لقائه الأخير برئيسة البيرو دينا إرسيليا بولوارتي على إفساح المجال كاملاً لدور آلية الحوار الإستراتيجي بشأن التعاون الاقتصادي بين الحكومتين ومواءمة جهود الصين من أجل التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق مع احتياجات النمو في البيرو.

وأضاف حينها: "البلدان يجب أن يعزّزا التعاون في المعادن والطاقة والتصنيع والزراعة، وتوسيع التعاون في الطاقة الجديدة، والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، والرعاية الصحية الرقمية".

ولفت إلى أن الصين ترحب بدخول المزيد من المنتجات البيروفية عالية الجودة إلى السوق الصينية، وتأمل أن توفر البيرو البيئة المواتية من حيث القانون والسياسة حتى تتمكن الشركات الصينية من الاستثمار في البيرو على المدى الطويل.

وقال شي إن الجانبين يجب أن يعملا لضمان إكمال ميناء "تشاناكي" أحد مشاريع التعاون الرئيسة في إطار مبادرة الحزام والطريق بين الصين والبيرو، في الموعد المحدد لجعله ممرًا بريًا وبحريًا جديدًا بين الصين وأمريكا اللاتينية.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري للبيرو، كما تعد البيرو ثاني أكبر وجهة استثمارية للصين في أمريكا اللاتينية.

وفي العام 2009، وقّعت الدولتان اتفاقية التجارة الحرة، التي دخلت حيز التنفيذ في العام 2010، ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق في العام 2019.

أخبار ذات علاقة

البيرو تهدم "جدار العار" الفاصل بين الأغنياء والفقراء

 

عقد من الصيني

وعودة لتقرير موقع Atlantic Council فيشير إلى أنه بعيدًا عن مشاريع بكين في البيرو، أتت زيارة بولوارتي الرسمية إلى الصين في أعقاب عقد من النفوذ الاقتصادي الصيني المتزايد في الدولة الأنديزية. 

ففي الفترة من العام 2018 إلى العام 2023، أصبحت بيرو ثاني أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وأكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أمريكا الجنوبية، وفقًا للناتج المحلي الإجمالي.

ونمت الاستثمارات الصينية في البيرو على الرغم من عدم الاستقرار السياسي. فمنذ العام 2016 فصاعدًا، تورطت البلاد في أزمة مؤسسية وسياسية.

ومع وجود 6 رؤساء يحكمون البلاد منذ العام 2016، لم تتمكن البيرو من تقديم أي استقرار سياسي للمستثمرين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC