logo
العالم

سيناريو ديغول أم تعايش الضرورة… ما مآلات المعركة مع حزب بارديلا؟

سيناريو ديغول أم تعايش الضرورة… ما مآلات المعركة مع حزب بارديلا؟
جوردان بارديلاالمصدر: رويترز
03 يوليو 2024، 1:50 م

لا تكاد الساحة السياسية الفرنسية تهدأ منذ إعلان نتائج الجولة الأولى للانتخابات التشريعية التي أجريت، الأحد، وأظهرت فوز اليمين المتطرف بنحو ثُلث أصوات الناخبين.

وتضجّ الساحات العامة والقاعات المغلقة بالنقاشات التي تصبّ جميعها في كيفية منع هذا الصعود والتصدي لما يعتبره الفرنسيون من الوسط واليسار "خطرًا قادمًا" سيترك أثره وتداعياته لا على فرنسا فحسب، بل على كامل القارة الأوروبية.

سيناريوهات

وتتعدّد السيناريوهات والمقاربات التي يطرحها السياسيون الفرنسيون من أجل منع فرضية أن يصل "التجمع الوطني" إلى الحكم، من إبرام "تحالفات مؤقتة" ولو على مضض بين قوى من اليسار ومعسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصولاً إلى "حلول من خارج الصندوق" طرحها البعض من خلال الدعوة إلى "حكومة مؤقتة" لقيادة البلاد التي تواجه خطر الانسداد السياسي.

وجاءت آخر هذه المقترحات من رئيس حزب "الجمهوريين" بمنطقة أوت دي فرانس كزافييه برتراند، الذي دعا إلى تشكيل "حكومة مؤقتة" لمنع الانسداد في الجمعية الوطنية، وهي مقاربة تعيد إلى الأذهان مصطلح الحكومة المؤقتة للجمهورية الفرنسية التي تم تشكيلها في يونيو 1944، وقادها في البداية الجنرال ديغول للتحضير للعودة إلى الشرعية الجمهورية بعد نظام "فيشي" الموالي للنازيين خلال الحرب العالمية الثانية.

ويبرر النائب الفرنسي هذا الطرح بالقول إنّ الفرنسيين "مضطرون إلى إعادة البناء بعد سنوات ضعفت خلالها فرنسا وصارت حياة الفرنسيين أسوأ، خاصة بعد زلزال" حل الجمعية الوطنية.

ويضيف برتراند أنّ "الصدمة الأولى كانت، يوم الأحد الماضي، لا أريد هزة ارتدادية تقودنا إلى الخطر"، معتبرًا أنّ حزب التجمع الوطني غير قادر على الحكم، وقال:"إنهم ليسوا مستعدين، وليس لديهم الحلول"، وفق تقديره.

وتطرح هذه المقاربة حالة من القلق البالغ والإرباك في الساحة السياسية الفرنسية، وربما حالة من الهلع التي خلفها شبح وصول اليمين المتطرف إلى السلطة، وما يعنيه ذلك من صدامات بين المعسكر الرئاسي وحكومة يرأسها جوردان بارديلا وتحمل هوى لوبان وأدبيات اليمين المتطرف الذي لم تعهده فرنسا ولا تقبله أوروبا و"قيمها".

ويعكس الحديث عن فرضية تشكيل حكومة مؤقتة "تجمع بين الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة، القادرين على الانفتاح على مشروع ملموس" وفق تعبير برتراند، أنّ المعسكر الرئاسي من جهة وجبهة ائتلاف أحزاب اليسار من جهة ثانية فشلا في تشكيل ما أسماه البعض "جبهة جمهورية" موحدة قادرة على التصدي لليمين المتطرف لا كقوة سياسية باتت على أبواب السلطة فحسب، بل كفكر كامل يُخشى انتشاره في الأوساط السياسية والشعبية الفرنسية، وأن تبلغ تأثيراته المحيط الأوروبي عامة.

تهيئة للتعايش

وفي هذا المشهد الذي يتراوح بين "التخبط" وعرض المقاربات التي قد تبدو "غير ديمقراطية" يبدو موقف رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال الأكثر توازنًا ودبلوماسية، حيث دعا إلى "جمعية وطنية تعددية" تضم كتلاً تعمل معًا، وتدرس المشاريع المعروضة، مشروعًا بمشروع" و"تطبق حوكمة جديدة بطريقة عمل جديدة" وفق تعبيره.

وتعبّر هذه المقاربة عن بداية تهيئة للرأي العام لفرضية "التعايش" التي لا يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يخشى حدوثها، وفق ما يؤكده مقربون منه، وخطوة للتهدئة والتغطية على الانقسامات الواسعة داخل المعسكر الرئاسي والقوى الوسطية، والتناقضات التي تجمع بين هذه القوى وائتلاف اليسار بمختلف تشكيلاته.

ولا يبدو أنّ هذا الجدل سيتوقف إلى حين إجراء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الأحد المقبل، ولن يكون أمام الجميع سوى خيار احترام ما سيقرره الفرنسيون في النهاية من خلال التصويت، خاصة انّ أكثر من نصفهم يقولون إنهم غير مُلزمين بتطبيق "التعليمات" التي يتلقونها من قادة الأحزاب السياسية القريبة من توجهاتهم.

وهذا ما يضع فرنسا أمام اختبارين، أولهما اختبار للطبقة السياسية ومدى قدرتها على قبول الاختلاف والتعايش مع الخصوم، واختبار للشارع الذي سيقول كلمته وسيكون تصويته بمثابة استفتاء على شعبية اليمين المتطرف، وما إذا كان فكرًا سياسيًا يتشكل ويجد صداه بين الناس أم أنه مجرد ظاهرة سياسية أفرزتها سياقات سياسية واقتصادية واجتماعية محددة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC