logo
العالم

بريطانيا تتجنب إطلاق وصف "الصراع العرقي" على الاضطرابات الأخيرة

بريطانيا تتجنب إطلاق وصف "الصراع العرقي" على الاضطرابات الأخيرة
جانب من الاحتجاجات في بريطانياالمصدر: رويترز
05 أغسطس 2024، 12:40 م

يتناول تقرير لصحيفة "التايمز" اللندنية التوترات العرقية وأعمال الشغب الأخيرة في بريطانيا، مع التركيز على الصعوبة التي تواجهها البلاد في معالجة هذه القضايا بسبب القيود الإيديولوجية. كما يقارن التقرير بين الاضطرابات الأخيرة في بريطانيا والاضطرابات السابقة في دبلن، مشيرا إلى أن الهجرة الجماعية والصراع العرقي يشكلان محور الاضطرابات الحالية. 

وفي ساوثبورت، تحولت القضية التي أثارت أحداث الشغب والفوضى، وهي مقتل ثلاث فتيات طعنا، بسرعة إلى شعور أوسع بالعداء تجاه الهجرة، إذ حمل المحتجون لافتات تطالب الدولة "بترحيلهم" و"إيقاف القوارب" و"حماية أطفالنا بأي ثمن". وعلى غرار مظاهرات دبلن، لعبت النساء المحليات دورا بارزا في الاحتجاجات من خلال مهاجمة قوات الشرطة وتحديها.

ويقارن التقرير بين أعمال الشغب العرقية الأخيرة في بريطانيا والاحتجاجات السابقة التي قادتها شخصيات مثل تومي روبنسون، مشيرا إلى أن الاضطرابات الحالية تعكس مشاعر معادية للمهاجرين على نطاق أوسع، وليس مجرد تعبئة في الشوارع. كما ينتقد التقرير المعلقين الليبراليين البريطانيين، لإلقائهم اللوم على شخصيات مثل تومي روبنسون ونايجل فاراج في أعمال العنف، عوضا عن معالجة التوترات العرقية الأساسية التي تحرك أعمال الشغب.

 وعلى الرغم من أن مصطلح "الصراع العرقي" يمثل وصفا دقيقا للاضطرابات في بريطانيا، إلا أن الدولة البريطانية تتجنبه نظرا لحساسيته السياسية. 

أخبار ذات علاقة

بعد تصاعد أعمال العـنف.. ماذا يحدث في بريطانيا؟

 

وكما لاحظت الأكاديمية إلين توماس في مقالها الصادر عام 1998، يُعتبر النهج البريطاني في التعامل مع الصراعات بين الأعراق فريداً من نوعه في أوروبا. فقد كانت الدولة ليبرالية بشكل ملحوظ في منح الحقوق السياسية للمهاجرين الجدد، مع تجنب المناقشات المفتوحة حول الصراع بين الأعراق. وقد نجح هذا النهج عموماً في منع الصراعات الشديدة أو المطولة أو العنيفة، ولكنه أيضاً يترك الدولة غير مستعدة لإدارة مثل هذه التوترات عندما تنشأ.

تعتقد "التايمز" أن الافتقار إلى المناقشة المفتوحة حول الصراعات العرقية وقضايا الهجرة في بريطانيا جعل الليبراليين والدولة غير مستعدين للتعامل مع هذه القضايا بشكل فعال. وقد أدى التركيز على إسكات المناقشة عوضا عن معالجتها بشكل استباقي إلى نهج تفاعلي لإدارة التوترات المجتمعية.
 
 ومع استمرار بريطانيا في التعامل مع هذه التحديات، أصبحت الحاجة إلى محادثة منفتحة وصادقة حول العلاقات العرقية وسياسة الهجرة أكثر إلحاحًا، خاصة وأن قدرة البلاد على التعامل مع هذه القضايا المعقدة ستحدد تماسكها الاجتماعي واستقرارها في السنوات القادمة.

وفي ظل حكومة العمال الجديدة، تخلت بريطانيا عن سياسات الهجرة السابقة والقيود المفروضة عليها، بهدف تحويل البلاد إلى مجتمع متعدد الأعراق، يحتضن الهويات العرقية المتنوعة داخل إطار جديد متعدد الثقافات. بينما يكشف تركيز رئيس الوزراء البريطاني "كير ستارمر" على قضايا مثل "جرائم السكاكين" في رده على التوترات العرقية، إحجام الدولة البريطانية المستمر عن معالجة الأسباب الجذرية للصراع العرقي وإدارتها بشكل مفتوح.

بموازاة ذلك، أدى استخدام الدولة البريطانية لتعبيرات ملطفة مثل "العلاقات المجتمعية" لتجنب مناقشة الصراعات العرقية إلى تبني نهج رد الفعل. فمن خلال التعامل مع أعمال الشغب العرقية باعتبارها "مشاكل مجتمعية" وتفويضها إلى "زعماء المجتمع"، تتجنب الدولة التعامل المباشر مع الجوانب العرقية للصراعات. 

ومع تجنب المناقشات حول الهوية البريطانية العرقية، يتم غالبًا تهميش المدافعين السياسيين عن مثل هذه الهوية وتصنيفهم على أنهم من أقصى اليمين، عوضا عن اعتبارهم جزءًا من نقاش مشروع حول الهوية الوطنية. 
وقد أدى هذا التجنب، وفقا للصحيفة، إلى خلق مشهد معقد حيث يُنظر إلى الهوية البريطانية على أنها غير عرقية أو عنصرية، عوضا عن أن تعكس الحقائق المتنوعة للبلاد.

أخبار ذات علاقة

بريطانيا تواجه "أسوأ" أعمال شغب منذ 13 عاماً

 

وفي الوقت الحاضر، تظل المملكة المتحدة مجتمعاً تعددياً إلى حد كبير حيث تُعَالَج الصراعات العرقية ضمن الإطار السياسي القائم. ويسعى هذا النهج إلى الحفاظ على التماسك ومنع صعود الأحزاب العرقية التي قد تؤدي إلى استقطاب المشهد السياسي. 

ومع ذلك، هناك دلائل تشير إلى تحول نحو سياسات عرقية أكثر وضوحاً حيث اكتسبت بعض التجمعات السياسية ذات الانتماءات العرقية، مثل تلك التي تمثل المجتمعات الباكستانية والبنغلاديشية، زخماً متزايداً، ما يعكس تسييساً متزايداً للهويات العرقية.

من جانبها، تبدي الدولة البريطانية حذرا حيال هذه التطورات، وتسعى إلى تجنب سيناريو هيمنة الأحزاب العرقية على المشهد السياسي. ومن خلال تفويض زعماء المجتمع المعنيين بالتعامل مع القضايا العرقية، والتركيز على قضايا أوسع نطاقاً مثل "جرائم السكاكين"، تحاول الدولة التخفيف من خطر التفتت العرقي والحفاظ على استقرار النظام السياسي.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC