هل تغير دير لاين من سياستها بعد إعادة تعيينها رئيسة للمفوضية الأوروبية؟

اعتبر محللون، أن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، يمكن أن تغير من سياستها، بعد إعادة انتخابها لولاية ثانية، لا سيما في الملفات المطروحة على الطاولة مثل الأزمة الأوكرانية والحرب في غزة والصفقة الخضراء.

وقال أستاذ العلوم السياسية الفرنسي، بجامعة باريس، جون فانسان هولين إن "أورسولا فون دير لاين دعت عقب إعادة انتخابها لولاية جديدة إلى "أوروبا قوية" وسط "فترة من القلق الشديد وعدم اليقين" والدفاع عن الديمقراطية ضد "التلاعب بالمعلومات والتدخل الأجنبي"، كما وعدت بجعل الصناعة والدفاع والإسكان من أولوياتها.

وأضاف هولين لـ"إرم نيوز" أن "فون دير لاين حددت الأولويات السياسية لعمل المفوضية الأوروبية خلال السنوات المقبلة، والتي تتمثل في الصناعة أو الدفاع، كإحدى أولى مهامها هي تشكيل فريقها وهي "بناءً على مقترحات من الحكومات الوطنية".

 

 
مهام رئيسة المفوضية الأوروبية

وتترأس فون دير لاين رئاسة هيئة المفوضين، وتجتمع كل أسبوع معهم، وتتخذ بشكل جماعي مبادرات تشريعية في مجالات الاختصاص التي تحددها المعاهدات الأوروبية. 

كما أن أورسولا فون دير لاين مسؤولة أيضًا عن المساهمة في المناقشات الرئيسة في البرلمان الأوروبي وبين حكومات الاتحاد الأوروبي في المجلس الأوروبي.

ويمتد دور رئيس المفوضية الأوروبية أيضًا إلى ما هو أبعد من إطار اللجان، مثل الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية ورئيسة المجلس الأوروبي، فهي تمثل الاتحاد الأوروبي في الخارج.

وتقوم المفوضية الأوروبية بتنفيذ ميزانية الاتحاد الأوروبي وقوانينه، وعلى عكس المؤسسات الأخرى، لديها القدرة على اقتراح القوانين الأوروبية، بما في ذلك التوجيهات واللوائح. 

وينتهي هذا الاحتكار للمبادرات التشريعية عند هذا الحد، لأن الأمر متروك لأعضاء البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في مجلس الاتحاد الأوروبي لتبني هذه المقترحات.

ومع ذلك، فإن صلاحيات المفوضية الأوروبية محدودة بموجب القانون، إذ يتمتع البرلمان الأوروبي، بموجب المادة 234 من معاهدة أداء الاتحاد الأوروبي، بسلطة دفع المفوضية إلى الاستقالة بشكل جماعي من خلال التصويت على سحب الثقة بأغلبية ثلثي الأصوات المدلى بها وأغلبية الأصوات أعضائها.

وصوت أعضاء البرلمان الأوروبي لصالح إعادة تعيين رئيسة للمفوضية الأوروبية.

ولضمان الأغلبية، قدمت الزعيمة الألمانية فون دير لاين التي تتولى منصبها منذ عام 2019، خريطة الطريق الخاصة بها للسنوات الخمس المقبلة، بأغلبية 401 صوتا، أي أكثر بـ 21 صوتًا مقارنة بعام 2019.

وزاد عدد النواب من 705 إلى 720 مقعدًا لهذه الهيئة التشريعية الجديدة.

 

وكانت بعض الجماعات اليسارية طلبت تأجيل التصويت، بسبب قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الذي يقضي بإلغاء التصويت بسبب توجيه اتهامات لفون دير لاين بتهمة إخفاء معلومات تتعلق بعقود لقاح كوفيد-19.

ولكن تم رفض طلب تأجيل التصويت أخيرًا، وفازت أورسولا فون دير لاين. 

"تغيير نهجها السياسي"

ووفقاً للخبير السياسي الفرنسي، فإنه "قبل هذا التصويت الحاسم، قدمت لهم المسؤولة الألمانية صباح الخميس مشروعها السياسي للسنوات الخمس المقبلة، وحاولت، خلال خطاب استمر لمدة ساعة، الرد على التوقعات المتناقضة أحيانا لمختلف المجموعات السياسية. 

وأشار فانسان هولين إلى أن فون دير لاين باعتبارها مناصرة منذ فترة طويلة لإنشاء "لجنة جيوسياسية"، دعت إلى "أوروبا قوية" في "وقت يتسم بالقلق الشديد وعدم اليقين" في مواجهة "الديماغوجيين والمتطرفين الذين يدمرون أسلوب حياتنا الأوروبي".

أما فيما يتعلق بـ"ضمانة للاستقرار" في مواجهة التوترات العالمية، فأشار الخبير السياسي إلى أنها كانت تقصد النزاعات التجارية مع بكين، واحتمال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط... ووصفت "حمام الدم في غزة بأنه يجب أن يتوقف فورا" ودعت إلى "وقف فوري ودائم لإطلاق النار".

 

"الوعود البيئية"

من جانبه، قال مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، فيديريكو سانتوبينتو المتخصص في الشأن الأوروبي: تتمثل أولويات أورسولا فون دير لاين في تعزيز القدرة التنافسية وتعزيز الاستثمارات بشكل كبير في الصناعات الحيوية والدفاع.

وأشار سانتوبينتو إلى أن فون دير لاين تعتزم استهداف هدف مناخي طموح لعام 2040، وهو خفض صاف بنسبة 90% في انبعاثات غازات الدفيئة في الاتحاد الأوروبي مقارنة بعام 1990.

وتابع لـ"إرم نيوز": "سيظهر هذا الهدف، وهو خطوة رئيسة نحو تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050، في نص تشريعي مقترح لـ الدول الأعضاء من قبل اللجنة المقبلة، كما وعدت بخطة "الصناعات النظيفة" لخفض فواتير الطاقة و"خطة الإسكان الميسر" للأسر غير المستقرة، مع تعيين مفوض، لأول مرة، لهذه القضية".

ووفقاً للباحث السياسي الفرنسي، فإنه "ربما تكون هذه الوعود قد أقنعت أعضاء حزب الخضر، الذي يمتلك 53 مقعداً، بالتصويت لصالحها وكان زعيمهم المشارك، الهولندي باس إيكهاوت، حذر من أن مجموعته تنتظر "وعدها برفض أي تراجع عن الصفقة الخضراء، والتدابير المتعلقة بالمشكلات التي تركت دون حل: التكيف مع المناخ، والمحيطات".