تشير سلسلة الزيارات التي أجراها مسؤولون أفارقة إلى المغرب خلال الفترة الماضية، إلى شراكة غير مسبوقة في العلاقات بين الرباط وباقي العواصم الأفريقية.
وكان أحدث فصول التقارب المغربي الأفريقي، زيارة وزيرة الخارجية السنغالية ياسين فال إلى الرباط، ولقائها نظيرها المغربي ناصر بوريطة.
وأتاحت هذه الزيارات تعزيز العلاقات الدبلوماسية وتفعيل مشاريع استراتيجية كبرى، إلى جانب مضاعفة الشراكات.
وتسعى المملكة إلى تطوير علاقاتها مع البلدان الأفريقية على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي والأمني وغيرها.
ومنذ عودة المغرب إلى مقعده في الاتحاد الأفريقي سنة 2017، عزز حضوره بالقارة السمراء بشكل لافت عبر مجموعة من القطاعات والمجالات الحيوية.
وتستحوذ أفريقيا على 43% من الاستثمارات المغربية المباشرة في الخارج، بحسب أرقام مكتب الصرف المغربي (مؤسسة حكومية) لعام 2021.
ويرى مراقبون، أنه بفضل استراتيجية مدروسة ومبادرات أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، صار للمملكة رصيد من المصداقية في غرب ووسط أفريقيا.
ورأى مدير مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية عبد الفتاح الفاتحي، أن المغرب يمضي قدماً في اختراق الأسواق الأفريقية كتوجه جيواستراتيجي لتحقيق مكاسب حضارية واقتصادية وسياسية.
وأضاف الفاتحي لـ"إرم نيوز"، أن "المملكة توجت عودتها الدبلوماسية إلى الاتحاد الأفريقي بالتوقيع على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات مع دول أفريقية".
وأكد أن "هذه الاتفاقيات عززت اختراق المغرب للفضاء الأفريقي ليشمل حتى الدول التي كانت تشكل قلاعا في مساندة خصوم البلاد".
وأشار الفاتحي، إلى أن "العديد من الشركات الاستثمارية المغربية حققت الريادة الاقتصادية في الأسواق الأفريقية؛ كما هو الحال بالنسبة لقطاع البنوك والتأمينات والنقل الجوي".
ومن خلال التعاون بمنطق "رابح- رابح"، أسس المغرب استراتيجيته لولوج الفضاء الاقتصادي لأفريقيا جنوب الصحراء.
ووضع المغرب بتعاونه مع العديد من الدول الأفريقية، مشاريع إقليمية استراتيجية في مقدمتها خط أنبوب الغاز نيجيريا - المغرب، ووحدات ضخمة لإنتاج الأسمدة.
وتستمر التجارة بين المغرب وبقية دول القارة الأفريقية في النمو، ففي عام 2022، ارتفعت هذه المعاملات بنسبة 39.9% وفقًا لبيانات مكتب الصرف المغربي (مؤسسة حكومية).
وأكد أن حرص المملكة على الاهتمام بالفضاء الأفريقي "لا يعد حاجة براغماتية صرفة، ولكن مسؤولية حضارية وثقافية وجيواستراتيجية، فضلا عن مآرب اقتصادية بقارة هي في أبهى فترات نموها".
ويعتقد الفاتحي أن "تخطيط المغرب ضمن له احتراماً وتقديراً عميقين من لدن شركائه الأفارقة، يترجم اليوم في الحضور المغربي الوازن على المناحي كافة".
وأضاف أن "مجموعة من الدول الأفريقية تؤيد اليوم سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وأكدت ذلك بفتح قنصليات عامة لها بمدينتي العيون والداخلة".