logo
العالم العربي

جدل في العراق بعد تعديل قانون يفتح الباب أمام زواج القاصرات

جدل في العراق بعد تعديل قانون يفتح الباب أمام زواج القاصرات
عراقيات خلال احتجاجات سابقة على قانون الأحوال الشخصيةالمصدر: الإعلام العراقي
08 أغسطس 2024، 6:51 م

أثار تعديل مقترح على قانون الأحوال الشخصية العراقي مخاوف ناشطين حقوقيين، إذ يرون أنه يحرم المرأة من مكتسبات وحقوق، وقد يفتح الباب أمام زواج القاصرات.

ووفق وكالة "فرانس برس"، يمنح التعديل العراقيين عند إبرام عقود زواج، حق الاختيار في تنظيم شؤون أسرهم بين أحكام المذهب الشيعي أو السني، أو تلك التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية النافذ.

ويُعمل بقانون الأحوال الشخصية الحالي، الذي يعد متقدمًا وسط مجتمع عراقي محافظ، منذ عام 1959، بعيد سقوط النظام الملكي، ويحظر الزواج دون سن 18 عامًا، ويمنع خصوصًا رجال الدين من مصادرة حق الأهل بالتوجه إلى محاكم الدولة المدنية.

وفيما يخشى ناشطون من أن يتيح التعديل الجديد زواج القاصرات، ينفي نواب مؤيدون له الأمر تمامًا.

هيمنة الرجال

وتقول المديرة التنفيذية لشبكة "النساء العراقيات"، أمل كباشي، إن التعديل المطروح "يوفر مساحة واسعة لهيمنة الرجال على قضايا الأسرة، في مجتمع لا يزال محافظًا إلى حد كبير"، ما يثير الخشية من "سحب حقوق وفرها القانون الحالي للمرأة من ناحية الحضانة وحق السكن" ومسائل عديدة أخرى.

ويدعم نواب شيعة محافظون التعديل الحالي، الذي يأتي على ذكر المذهبين الشيعي والسني فقط، من دون ذكر الأديان والمذاهب الأخرى في العراق.

وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، سحب البرلمان العراقي التعديل من الطرح بعد اعتراض نواب كثر عليه، إلا أنه عاد مجددًا إلى الطاولة، وحظي بقراءة أولى في جلسة يوم الرابع من أغسطس/آب الجاري، بعد تلقيه دعم تحالف أحزاب شيعية يتمتع بالغالبية داخل البرلمان.

وليس واضحًا حتى الآن ما إذا كان مقترح تعديل القانون سينجح، بعد محاولات عدة خلال العقدين الماضيين لتغييره، إلا أن كباشي تُشدد على رفضه قائلة "كما تصدينا لهم كحركة نسوية في السابق، سنتصدى لهم مجددًا".

وتقول الباحثة في شؤون العراق في منظمة العفو الدولية، رازاو صالحي، إن الموافقة على التعديل تعني أن "العراق يغلق حلقة نار حول النساء والأطفال"، مضيفة أنه "يجب وقف تلك التعديلات وعدم تحويلها إلى ضربة أخرى لحقوق النساء والفتيات".

"خطوة إلى الوراء"

وبالإضافة إلى اختيار أحكام بين شرعية ومدنية، يجيز التعديل للمتزوجين التقدم بطلب أمام محكمة الأحوال الشخصية لتطبيق الأحكام الشرعية عليهم، بدلًا من قانون عام 1959 النافذ.

وينص على تصديق محكمة الأحوال الشخصية على "عقود الزواج التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين، على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء، أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني".

ويقول الخبير الدستوري، زيد علي، إن قانون عام 1959 "جمع أكثر الأحكام التقدمية من مختلف المذاهب"، ويعد من قوانين الأحكام الشخصية الأكثر تقدمًا في المنطقة.

وبين أنه لطالما رفضت السلطات الدينية هذا القانون، لذلك جرت محاولات عدة لتغييره منذ الحرب الأمريكية عام 2003، التي أطاحت بنظام صدام حسين.

لكن هذه المرة، وبدلًا من تغيير القانون النافذ، أبقى داعمو التعديل عليه خيارًا، أي أن على العراقي أو العراقية عند الزواج الاختيار ما بينه وما بين أحكام شرعية لتنظيم مسائل أسرهم.

ومع ذلك، يرى علي أن المشرعين يأخذون "خطوة أبعد من الدولة المدنية".

كما يرى كثيرون بأن الأحكام الشرعية بشكل عام قد تحد من حقوق المرأة. 

ويقول علي إن داعمي التعديل يعطون "الرجال فرصة اختيار ما يقع في صالحهم، ما يعني سلطة أكبر على النساء، على الثروة، على حضانة الأطفال"، بالإضافة إلى قضايا متعددة أخرى.

ويشير علي إلى أن محاولات تعديل القانون السابقة أخفقت لأن هدفها كان كسب الناس، والإيحاء لهم بأن المشرعين الداعمين للتعديلات هم أفضل من يمثلهم في مجلس النواب، لكن هذه المرة، "أعتقد أنهم يحاولون اليوم من خلال منح الناس فرصة الاختيار زيادة فرص تبني التعديل".

أخبار ذات علاقة

تشريع زواج القاصرات.. تعديل مرتقب لقانون الأحوال الشخصية يثير جدلًا بين عراقيين

 "تقويض المساواة"

ويمنح التعديل ديواني الوقف الشيعي والسني مهلة ستة أشهر لوضع "مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية" لتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها.

وترى الباحثة في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سارة صنبر، أن منح المؤسسات الدينية السلطة في مسائل الزواج والإرث، من شأنها أن "تقوض مبدأ المساواة بحسب القانون العراقي، بالتعامل مع المرأة على أنها أدنى من الرجل".

وتضيف "قد يضفي هذا التعديل شرعية على زواج الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن تسع سنوات، ما يسرق مستقبل عدد لا يحصى منهن"، موضحة أن "الفتيات مكانهن في الملعب وفي المدرسة، وليس في فستان الزفاف".

وتقول صنبر إن التعديل "يعيد البلاد إلى الوراء".

وتقدر منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن 28% من الفتيات في العراق يتزوجن دون سن 18 عامًا.

والعام الحالي، كشف تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "رجال الدين في العراق يعقدون آلاف الزيجات سنويًا، بما فيها زيجات الأطفال التي تخالف القوانين العراقية وغير المسجلة رسميًا".

ويُعد زواج الأطفال بالنسبة لمنظمات حقوقية، انتهاكًا لحقوق الإنسان، كونه يحرم الفتيات من حقهن في التعليم والعمل وغيره، ويعرضهن للعنف.

ونفى النائب رائد المالكي، الداعم لمقترح التعديل، "نفيًا قاطعًا" أن تكون التغييرات المطروحة تسمح بزواج القاصرات، حتى إنه أبدى استعداده لإضافة فقرة تؤكد ذلك.

وقال في مقابلة تلفزيونية إن الاعتراضات على القانون تستند إلى "أجندة مشبوهة وخبيثة، هدفها حرمان طائفة كبيرة من الشعب العراقي من حقهم الدستوري، بأن تكون أحوالهم الشخصية وفق معتقداتهم ومذاهبهم".

في المقابل، حذرت صالحي من أن ثمن ترسيخ الحرية الدينية في القانون لا ينبغي أن يكون بـ"لغة غامضة وغير محددة" من شأنها أن "تحرم النساء والفتيات من الحقوق والسلامة التي يجب أن تضمنها هذه القوانين".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC