logo
منوعات

تشريع زواج القاصرات.. تعديل مرتقب لقانون الأحوال الشخصية يثير جدلًا بين عراقيين

تشريع زواج القاصرات.. تعديل مرتقب لقانون الأحوال الشخصية يثير جدلًا بين عراقيين
البرلمان العراقي (تعبيرية)
08 أغسطس 2024، 2:19 م

جدل واسع أثاره مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، والذي تقدمت به أحزاب "إسلامية" داخل قبة البرلمان، مشرعنين عبره "زواج القاصرات"، إضافة إلى التشديد على الوصايا على المرأة وحرمانها من ميراث العقار.

ويعد قانون الأحوال الشخصية، رقم 188 الذي شرع عام 1959، أحد أفضل القوانين في المنطقة، حسب خبراء في القانون ومنظمات حقوقية، كونه شُرع في عهد حكومة عبد الكريم قاسم، الذي تميز بطابعه القومي اليساري.

ويمنع قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 زواج القاصرات داخل المحاكم، ويحفظ للمرأة حقوقها كاملة وفق القوانين المدنية النافذة، إلا أن مقترح تعديل القانون المطروح يبيح زواج القاصرات.

النائبة السابقة في البرلمان العراقي والناشطة الحقوقية في شؤون المرأة، شروق العبايجي، وصفت التعديلات بـ"الاعتداء على حقوق المرأة والفتيات صغيرات السن".

وقالت لـ "إرم نيوز"، إن "مقترح القانون رفضته، وما زالت غالبية الفعاليات السياسية والشعبية ترفضه، إذ يضفي شرعية على زواج القاصرات، ويتعدّى صريحة على حقوق المرأة بما ينافي مبادئ حقوق الإنسان والقضاء العراقي".

ووفقًا للمسودة التي تقدم بها النائب، رائد المالكي، أحد نواب الإطار التنسيقي الذي يضم غالبية الكتل السياسية "الشيعية" ذات الطابع الإسلامي، فإنه "يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في مسائل الأحوال الشخصية جميعها".

ونص التعديل اعتماد "مدونة الأحكام الشرعية في تنظيم أحكام مسائل الأحوال الشخصية للفقه الشيعي الجعفري، ومدونة أخرى تنظم أحكام مسائل الأحوال الشخصية طبقًا للفقه السني، إذ تعد في وضعها على آراء المشهور عند فقهاء كل مذهب في العراق".

وركز التعديل على المادتين الثانية والسابعة والخمسين من القانون، واللتين تخصان كل ما يتعلق بالمرأة من الزواج والطلاق والميراث للمرأة وحضانة الأطفال.

وشمول التعديل تلك المادتين دون غيرهما من القانون، دفع المنظمات الحقوقية، لا سيما النسوية منها عدَّه قنبلة "موقوتة تستهدف حقوق المرأة خاصة، بعد أن ضمن القانون العراقي حقوقها بشكل مرضٍ"، حسب الناشطة المدنية، فرح علي.

وتقول لـ"إرم نيوز"، إن "قانون الأحوال الشخصية، وعلى مدى نصف قرن ضمن حقوق المرأة، حتى أصبح حقًّا مكتسبًا لها، وغيّر من نظرة الرجل تجاهها ودفعه لاحترام حقوقها، واليوم يأتي من يريد أن يعيد المرأة لعصر الجاهلية والوصايا".

وأنهى مجلس النواب، الأحد الماضي القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، فيما من المرتقب أن يُقرء للمرة الثانية خلال الأسبوع المقبل".

ولاقى مقترح القانون داخل مجلس النواب اعتراضًا من أعضاء البرلمان من العنصر النسوي، لا سيما النائبات المستقلات ذات الطابع المدني.

وتقول عضو المجلس، عالية نصيف، إن "تعديل قانون بهذا الأهمية، ويمس حياة المواطن مباشرة، لا بد من عرضه أولًا على مجموعة من القضاة المختصين، كونهم في تماس مباشر مع القضايا التي تخص المرأة في المحاكم، وهم يعرفون جيدًا تكييف القوانين بما يتناسب مع المجتمع وحقوقه".

وحسب التعديل المطروح، فستوجد محكمة تُخصص لكل طائفة دينية، وإلغاء القوانين والاعتماد على مدونة يكتبها الوقفين (الشيعي والسني) لإصدار الأحكام، ويجيز تعديل الزواج خارج المحاكم.

وحذرت نصيف، خلال حديثها لـ"إرم نيوز"، من أن "التعديل الجديد سيؤدي إلى انتشار الأمراض المناعية والوراثية، فعملية الزواج خارج المحاكم يعني عدم خضوع الزوجين للفحوصات الطبية التي تؤشر وتكشف أي أمراض أو عدم تطابق في الجينات، ما قد يؤثر في الأطفال مستقبلًا".

وفيما يخص زواج القاصرات، فإن مقترح القانون المرتقب، سيتيح وفق الروايات الدينية زواج الفتيات بعمر 9 سنوات.

ودائمًا ما يُحَذَّر من تفشي زواج القاصرات؛ لما له من مردودات سلبية على المجتمع بعدِّه "انتهاكًا لحقوق الطفولة من جانب، وتأثيراته السلبية على بنية المجتمع المدنية والاقتصادية في الوقت ذاته".

وتقول وزيرة المرأة السابقة وأستاذة القانون، بشرى الزويني لـ"إرم نيوز", إن "زواج القاصرات يعد أحد أكبر الكوارث المجتمعية، إذ يؤدي إلى ارتفاع نسب الطلاق ارتفاعًا كبيرًا، ومشكلات اجتماعية كبيرة، هذا مع زيادة أعباء الدولة الاقتصادية التي ترعى المطلقات".

وأضافت أن "تعديل قانون الأحوال الشخصية يجري بشكل غير مدروس، وسيؤدي إلى حرمان المرأة من كثير من حقوقها المكتسبة"، مؤكدة أن "التعديل بهذه الكيفية سيؤدي إلى شرعنة زواج القاصرات رسميًّا".

وترفض المحاكم العراقية عقد قران النساء ما دون 16 عامًا؛ منعًا منها وفق قانون الأحوال الشخصية لانتشار زواج القاصرات، بعد أن منح حق الفتاة القبول والرفض للزواج من دون إجبار الوالدين ووصاياهما.

ويقول الحقوقي، هادي الدراجي، لـ"إرم نيوز"، إن "المقترح المطروح للقانون، سيسلب المرأة حرية الاختيار؛ لأنه قرن الموافقة على الزواج بولي الأمر في الإيجاب والقبول، وهو يخالف بذلك الاتفاقيات الدولية التي تمنح المرأة اختيار الزوج".

وفي الوقت ذاته سيسلب الأمهات، حسب الدراجي، الأحقية في تربية أطفالها وحضانتهم في حال الطلاق، إذ إن مشروع التعديل يذهب إلى جعل المحضون من أحقية الأب والجد للأب أو الجدة لأب، وهذا سيؤثر سلبيًّا على الأطفال أولًا والنساء الأمهات أخيرًا".

ودفع مقترح تعديل القانون، المنظمات الحقوقية لوقفات احتجاجية، رافضين الاستمرار بقراءة القانون وصولًا إلى إقراره.

وتقول الناشطة حقوق المرأة، ميسون الربيعي، لـ"إرم نيوز"، إن "التعديلات المقترحة ستعرض النساء والأطفال في العراق لمزيد من العنف والانقسام الأسرى، وينطوي على مغالطات كبيرة تتنافى مع متبنيات العصر الحديث، خصوصًا أن فيه انتهاكًا صارخًا لحقوق الطفولة عبر تشريع زواج القاصرات عبر الزواج المبكر، وخارج المحاكم".

النائبة في البرلمان العراقي، نور نافع، أعلنت عن تشكيل كتلة نيابية نسوية داخل البرلمان لمنع تمرير تعديل قانون الأحوال الشخصية، وأكدت خلال حديثها لـ"إرم نيوز"، أن "التعديلات ستشكل عبئًا ثقيلًا على المرأة العراقية، ويحرمها من أيسر حقوقها، وتعزيز للذكورية داخل المجتمع"، مشيرة إلى "ذهابها للمحكمة الاتحادية للطعن بأي تعديل سيُصَوَّت عليه في هذا الاتجاه".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC