محللون: تمسك نتنياهو بمحور فيلادلفيا يزيد تعقيد هدنة غزة

أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن الجيش الإسرائيلي سيبقي على تواجده في محور فيلادلفيا بين قطاع غزة ومصر لوقت طويل، ما سيؤثر على فرص نجاح عمليات التفاوض بين حركة حماس وتل أبيب، بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة.

وقال نتنياهو في تصريحات للقناة 14 الإسرائيلية، مساء الاثنين، "إن إسرائيل ستبقى في محور فيلادلفيا، لأن ذلك سيكون له مزايا سياسية وأمنية"، مشيرًا إلى أن المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينيت) سيصوت لحسم مسألة البقاء في ذلك المحور الحدودي.

 وبدأ الجيش الإسرائيلي فعلًا خلال الأيام القليلة الماضية، بأعمال تجريف في المنطقة المحيطة بالمحور لتوسعته، ما أدى لتدمير مئات منازل الفلسطينيين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي ما زال الجيش الإسرائيلي ينفذ عملياته البرية فيها منذ السابع من مايو/أيار الماضي.

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي، محمد مصلح، "أن محور فيلادلفيا يمثل أهمية إستراتيجية وأمنية بالنسبة لإسرائيل تعزز من خلالها أحد أبرز أهدافها من الحرب على غزة، والمتمثل في الحيلولة دون تطوير حركة حماس لقدراتها العسكرية، وقطع شريان الإمداد الرئيس للسلاح".

وقال مصلح، لـ"إرم نيوز"، "إنه ولسنوات طويلة عملت حماس على تطوير ترسانتها العسكرية بالاعتماد بشكل رئيس على الأنفاق التي تصل غزة بالأراضي المصرية، وهو ما مكنها من إيصال الكثير من المعدات لغزة"، لافتًا إلى أن سيطرة إسرائيل على المحور ستحول بشكل كبير دون عودة ذلك مجددًا.

وأضاف أن "وُجود الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا سيكون بمثابة خنق كامل لمدينة رفح جنوب قطاع غزة، والحفاظ على نقاط تتيح للجيش الإسرائيلي التقدم في أية لحظة تجاه أي جزء من أجزاء المدينة انطلاقًا من المنطقة الحدودية، دون الحاجة للعبور من قلب المدينة".

وأوضح أن "إسرائيل ببقاء جيشها بالمحور، والذي سيكون مركزًا إستراتيجيًا لأي عمليات عسكرية مباغتة، ستنجح في إحكام قبضتها الأمنية على قطاع غزة"، لافتًا إلى أن إسرائيل ستحقق هدفًا آخر يتمثل في السيطرة الأمنية على غزة دون المدنية، وهو ما يرغب به نتنياهو.

وأشار إلى أن "نتنياهو يتمسك بالبقاء بالمحور من أجل إقناع حلفائه اليمينيين بضرورة القبول بأي صفقة للتهدئة مع حركة حماس، ويعد ذلك أحد الأوراق الرابحة في المفاوضات معهم بهذا الشأن"، مبينًا أنه في حال نجاحه بذلك فإنه يضمن بقاء ائتلافه الحكومي ومستقبله السياسي. 

وحسب المحلل السياسي، فإن "مثل هذا القرار قد يؤدي إلى نسف العملية التفاوضية بين إسرائيل وحماس برعاية الوسطاء، خاصة وأنه يمثل هزيمة ساحقة للحركة"، مستدركًا: "لكن يمكن أن يتم تجاوزه من قبل حماس في حال حصلت على ضمانات بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المحور خلال تنفيذ مراحل اتفاق التهدئة".

عقبات أمنية وسياسية

وبدوره، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إياد جودة، أن قرار إسرائيل الاستمرار بالوُجود على محور فيلادلفيا سيعيد وضعًا أمنيًا كانت عليه الحدود بين مصر وقطاع غزة لما قبل الانسحاب الإسرائيلي من غزة العام 2005، لافتًا أن ذلك سيواجه عقبات سياسية وأمنية معقدة.

وحول العقبات السياسية، قال جودة لـ"إرم نيوز"، "إن بقاء الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا سيتطلب إجابات إسرائيلية وخطة واضحة لملف إدارة معبري كرم أبوسالم ورفح، والذي ترفض مصر تشغيله في ظل التواجد الإسرائيلي فيه".

وأضاف "إصرار إسرائيل على رفضها لوجود أي طرف فلسطيني لتشغيل معابر قطاع غزة مع مصر وإسرائيل، سيفاقم الأزمات الإنسانية في القطاع، ما سيجعل إسرائيل أمام ضغط دولي دائم للمطالبة بالبحث عن آلية لتشغيله".

وتابع "إسرائيل ستحقق عزلًا كاملًا لقطاع غزة في حال سيطرتها على محور فيلادلفيا، حيث ستصبح محاصرة للقطاع من ثلاث جهات بريًا، وبحرًا من الجانب الغربي لغزة، ولكنها في المقابل ستضطر لنشر آليات عسكرية على منطقة بطول أكثر من 7 كم، ما سيجعل مهمة حماية هذه الآليات تحديًا أمنيًا سيصعب عليها التعامل معه".

وقال جودة، "إن المنطقة الحدودية مكتظة بالسكان ورغم أن إسرائيل دمرت غالبية المناطق المحاذية لمحور فيلادلفيا، بيد أنها إذا قررت البقاء طويلًا في المنطقة الحدودية، فإنها ستضطر لتوسيع دائرة تدمير منازل الغزيين هناك لخلق منطقة عازلة تحمي تواجد الجنود الإسرائيليين". 

وأشار إلى أن تمسك إسرائيل بالبقاء على محور فيلادلفيا، سيؤثر سلبًا على جهود التفاوض على التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، مضيفًا: "ملف التواجد العسكري الإسرائيلي في محور نتساريم وسط القطاع كان عقبة طوال مراحل التفاوض السابقة، والبقاء في محور فيلادلفيا سيكون نقطة لن تتساهل معها حماس".