حزب الله يعلن مقتل القيادي عباس إبراهيم شرف الدين من كفر تبنيت جنوبي لبنان

logo
العالم العربي

حزب الله يرد "منفردا".. هل انهار مفهوم "وحدة الساحات" بين إيران وحلفائها؟

حزب الله يرد "منفردا".. هل انهار مفهوم "وحدة الساحات" بين إيران وحلفائها؟
خامنئي وهنية في طهرانالمصدر: رويترز
26 أغسطس 2024، 1:58 م

منذ حوالي شهر، وعقب عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، يواصل المسؤولون الإيرانيون التحذير من رد "قاس" لـ"معاقبة" إسرائيل. لكن في الاجتماعات الخاصة مع قادة وكلائها المسلحين، تدعو طهران إلى الحذر، ضمن مساعيها للموازنة بين أي إظهار للقوة والرغبة في تجنب حرب شاملة في المنطقة. وهذا ما ظهر جليا في رد حزب الله "المنضبط" و"المحسوب"، وفقا للمراقبين.

ليس هذا فحسب، فإيران وميليشياتها الذين هددوا إسرائيل بـ"الويل والثبور وعظائم الأمور" عبر رد منسق بين جميع أطراف "المحور الممانع"، ومن مختلف الجبهات، وفقا لما سموه "وحدة الساحات" اكتفوا اليوم بالرد المنفرد لكل جبهة على حِدة. 

"اعتبارات"

جاء هذا التحول نحو "المسارات المنفردة" على لسان حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، الذي قال في كلمة أعقبت هجومه على إسرائيل، إنّ رد الحزب على الاستهداف الإسرائيلي لإسماعيل هنية وفؤاد شكر "تطلب بعض الوقت للدراسة والتشاور لبحث ما إذا كان محور المقاومة بأكمله سيرد في وقت واحد، أم ترد أطرافه بشكل منفرد".

وأضاف أن القرار كان بالرد بشكل منفرد "لاعتبارات ستظهر مع الوقت"، مشيرا إلى أن هناك ردًا قادمًا من إيران وردًا آخر من ميليشيا الحوثي.

إذًا.. ما هي "الاعتبارات" التي توصل إليها "محور الممانعة" ليقرر أن على كل ذراع فيه أن يرد منفردا (وهو ما بدأه حزب الله فجر الأحد). وهل هناك إشكالية ما بين أطراف المحور أو اختلاف على طبيعة الرد وشكله، خاصة مع غياب سوريا عن التنسيق والانخراط في المسألة برمتها حتى الآن؟

أخبار ذات علاقة

نفيا لموقف سابق.. إسرائيل تعلن جهوزيتها لأي مواجهة مع حزب الله وإيران في الشمال

 

تكتيك متفق عليه

الخبير العسكري الأردني مأمون أبو نوار يعتقد أن مسألة الرد المنفرد من قبل كل طرف هو نوع من التكتيك المتفق عليه بين إيران وميليشياتها. ويضيف أن سبب هذا التكتيك هو إعطاء إيران نوعًا من المرونة في وجه الضغوط التي تواجهها، والمواجهات السياسية الحالية والمستقبلية لإيران.

ويعتقد أبو نوار أن الرد المنفرد من كل طرف هو نتيجة تنسيق بين إيران وأذرعها، ولكن بعيدا عن انخراط سوريا التي اختارت طريقا آخر على ما يبدو.

ولا يرى الخبير العسكري الأردني أن هذا "التكتيك" هو مقدمة لتراجع إيران عن تنفيذ انتقامها ضد إسرائيل؛ لأنها مضطرة للرد بشكل أو بآخر، بعد أن تضررت كرامتها بفعل عملية اغتيال هنية على أراضيها، ومن ثم عليها استعادة هيبتها على الأقل أمام الرأي العام العربي.

لكن بالمقابل، يقول الخبير العسكري، من الواضح أن هذا الرد سيكون في الحدود المتفق عليها نتيجة الوساطات والمفاوضات التي جرت خلال الفترة الماضية، والذي يجب أن يكون منضبطا ضمن جغرافيا معينة، ولا يؤدي بالنتيجة إلى تصعيد كبير في المنطقة.

"ثمة تنسيق لا ينقطع بين إيران وأذرعها" وفقا لأبو نوار، ومن هذا المنطلق كان الاتفاق على رد الأطراف على نحو فردي، (اليوم حزب الله وغدا الحوثي، وبعدها الميليشيات في العراق..)، تمهيدا ربما للرد الإيراني بعد أن تكون إيران قد أخذت وقتها الكامل في التفاوض. والمحدد الأكبر لطبيعة الرد وحجمه هو اتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي سيكون وحده كافيا لنزع فتيل الانفجار عن المنطقة التي لا تحتمل صراعا كبيرا ومفتوحا، كما قال.

تباين في التوقعات

الباحث السياسي السوري المقيم في بريطانيا د. محمد صالح الفتيح، يقول من جهته "بات من الواضح أن هناك، من ناحية أولى، تبايناً في التوقعات بين حماس من جانب، وباقي مكونات محور الممانعة، من جانب آخر، حول حجم المشاركة الواجبة في المواجهة مع إسرائيل".

ويرى الفتيح أن "حماس" تنتظر بوضوح مشاركة أكبر، وربما تراهن على تحول الحرب الحالية لحرب مفتوحة لعل هذا يكون سببًا في تغيير مسار الحرب الحالية. ويلفت إلى أن "حماس أصدرت عدة بيانات هذا الشهر تطلب، من الجمهور الإسلامي، التدخل بما أمكن من الطرق للتخفيف عنها".

ومن هنا جاء البيان الأخير للناطق باسم الجناح العسكري، أبو عبيدة، بُعيد عملية حزب الله الأخيرة، والذي اعتبر العملية جزءًا من الرد الأولي بما يعكس الرهان أو الاعتقاد بأن هناك المزيد من العمليات التي تنتظرها حماس من حزب الله. بينما جاء الموقف الرسمي للأخير واضحاً في اعتبار أن ما حصل صباح الأحد هو كامل الرد الذي تم التخطيط له من جانب "حزب الله" الذي أعاد الكرة لملعب إسرائيل لتكون هي من يختار المسار المقبل، وفقا للباحث.

أخبار ذات علاقة

إيران: هجوم "حزب الله" كشف فقدان إسرائيل "قوة الردع"

 

عملية مراجعة

ومن الناحية الثانية، يعتقد محمد صالح الفتيح أن "هناك عملية مراجعة واضحة لتصورات باقي مكونات محور الممانعة حول حجم الرد الممكن أو الواجب من جانبهم على الضربات الإسرائيلية". ويقول إن مراجعة مواقف نصرالله خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة تظهر تراجعًا واضحًا في سقف التهديدات الموجهة لإسرائيل، وكذلك التوقف عن الحديث عن رد عسكري إيراني غير مسبوق يأتي انتقامًا لاغتيال إسماعيل هنية في طهران، والذي اعتبره حسن نصر الله، من بين أشياء أخرى، اعتداءً إسرائيليًّا على الشرف الإيراني. 

ويخلص الكاتب والباحث السياسي إلى أن المواقف الإيرانية تراجعت بوضوح حول طبيعة وحجم العمل العسكري الواجب القيام به ردًّا على اغتيال هنية. "ما يفسر هذا التراجع في سقف التهديدات من قبل باقي مكونات محور الممانعة هو، على الأرجح، الإدراك المتأخر لكون الحرب الحالية مختلفة عما سبقها خلال العقدين الماضيين من المواجهات مع إسرائيل".

وجه الخلاف كما يشرحه الفتيح أن "إسرائيل غير مرتدعة عسكريًّا. ونتنياهو البراغماتي الذي حرص خلال فترة حكمه الممتدة منذ 2009 على تجنب التدحرج نحو المواجهات العسكرية لصالح التركيز على الشؤون الداخلية الإسرائيلية، يجد نفسه اليوم مضطرًا لوضع الرهان بالكامل على الخيار العسكري".

ويضيف: موقف نتنياهو يقوض المبدأ الذي تقوم عليه إستراتيجية المحور الإيراني، وهو استخدام الخيار العسكري فقط ضد الخصم المتردد بالمضي نحو الحرب. فاستخدام الخيار العسكري ضد طرف مستعد بالرد بحرب مفتوحة يفقد المحور نقاط تفوقه المتمثلة بحروب الوكالة وتكتيكات الحرب الهجينة.

ويختم الباحث السوري بالقول إن "إسرائيل الآن لا تظهر فقط أنها مستعدة للرد بالحرب، بل تظهر، خصوصًا منذ الاغتيال المتزامن في ضاحية بيروت الجنوبية وطهران، في 31 يوليو/تموز، أنها هي المبادرة عسكريًّا بشكل بات يفهمه المحور على أنه استدراجٌ له للحرب".

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC