نتانياهو لماكرون: إسرائيل تتوقع دعم فرنسا وليس فرض "قيود" عليها

logo
العالم العربي

بعد عام من الدمار.. مأساة النازحين في غزة بانتظار "تسوية كبرى"

بعد عام من الدمار.. مأساة النازحين في غزة بانتظار "تسوية كبرى"
نازحون في إحدى مدارس "الأونروا" بغزةالمصدر: رويترز
06 أكتوبر 2024، 1:51 م

في الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر لا تزال أصوات القصف في غزة، تعلو على أصوات النازحين من ويلات الحرب الإسرائيلية ضد حركة "حماس"، ما يستدعي تسوية دولية كبرى.

ويئن نحو مليوني فلسطيني في غزة من النزوح القسري، تحت وطأة ظروف إنسانية ومعيشية ومناخية قاسية.

ورغم ظروف النزوح القاسية، لم يسلم النازحون في المدارس والمساجد والخيم من آلة الحرب الإسرائيلية، التي لطالما استهدفتهم في مراكز الإيواء تلك، ما أسفر عن "مجازر" راح ضحيتها مئات لا بل آلاف المدنيين من شيوخ ونساء وأطفال، أمعنت إسرائيل في تبريرها بذرائع شتى، لا تتعدى كونها "عذرًا أقبح من ذنب"، وفق مراقبين.

كما أمعنت إسرائيل في قطع قوافل المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول والمنظمات الإغاثية عن النازحين في غزة، ليكتمل المشهد القائل "لا يسمن من جوع ولا يؤمن من خوف" في عيون النازحين، في محاولة لدفعهم إلى اللجوء لدول مجاورة، مثل جمهورية مصر العربية، الحدودية مع غزة، وتفريغ القطاع من سكانه وهويته الفلسطينية بغية التوسع الاستيطاني.

إصرار على البقاء

غير أن النازحين أصروا على البقاء والتحمل، رغم التحديات على اختلافها، إيمانًا بقضيتهم الهادفة إلى الاستقلال والتحرر، آملين في مبادرة دولية تنهي معاناتهم.

ولم تتوقف معاناة النازحين عند إيجاد المأوى والغذاء والكساء والخدمات الأساسية، بل تعدت ذلك إلى حد التأثيرات النفسية، لا سيما على الأطفال الذين يعيشون في بيئات غير مستقرة، ويعانون من صدمات متعددة ناجمة عن المجازر الإسرائيلية المرتكبة في مراكز النزوح.

أخبار ذات علاقة

عشرات القتلى.. إسرائيل تستهدف خيام النازحين جنوب خان يونس

 ولم يخطر ببال أخصائية الاضطرابات النفسية واضطرابات ما بعد الصدمة، الدكتورة نوال عسقول، أن الطب البشري والنفسي بالإضافة إلى ما درسته على مدار سنوات، سيقف عاجزًا عن فهم ما يحدث في التعامل مع الأمراض الغريبة والأعراض الأغرب بعد المجازر التي يتعرض لها قطاع غزة.

وقالت عسقول، في تصرح لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا": "لا أكاد أصدق فظاعة الحالات التي تمر علي، فالأعراض غريبة إلى درجة تجعلك عاجزًا عن تقديم العلاج، والحالات بتفاصيلها القاسية لا تدل إلا على وحشية هذه الحرب التي لا يقبلها عقل ولا منطق ولا يحتملها بشر".
   
سياق تاريخي

ويمكن إرجاع نزوح الفلسطينيين في غزة إلى الصراع العربي الإسرائيلي عام 1948، المعروف باسم النكبة، إذ أُجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم أثناء إنشاء دولة إسرائيل.

وسعى العديد من هؤلاء النازحين إلى اللجوء إلى غزة، التي كانت آنذاك تحت السيطرة المصرية.

وفي السنوات التي تلت ذلك، أصبحت غزة موطنًا لعدد متزايد من اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم في ما يُعرف الآن بإسرائيل.

وتفاقم الوضع في غزة عام 1967، عندما احتلت إسرائيل المنطقة خلال حرب الأيام الستة، ما أدى إلى المزيد من النزوح والمصاعب للسكان الفلسطينيين.

ومنذ ذلك الحين، أصبحت غزة موقعًا للصراع المستمر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية المختلفة، مما أدى إلى حروب متعددة وعمليات عسكرية أسفرت عن نزوح الآلاف.

حصار إسرائيلي

وفي خضم الصراع طويل الأمد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وفي طليعتها حركة "حماس" الحاكمة للقطاع، لطالما فرضت السلطات الإسرائيلية حصارًا اقتصاديًا على غزة لإضعاف قدرات الحركة، وتفريغ القطاع من سكانه.

وتسبب الحصار الإسرائيلي في افتقار أهل غزة إلى الفرص الاقتصادية، ما رفع معدلات البطالة والفقر، ليصبح الاعتماد على المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول والمنظمات الإغاثية عنوانًا للبقاء على قيد الحياة.

ورغم ذلك، لم تسلم منظمات الإغاثة، لا سيما وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، من الاستهداف الإسرائيلي، حيث اتهمت إسرائيل "الأونروا" بتقديم الدعم لـ "حماس"، الأمر الذي أثار استهجانًا دوليًا.

وفي مقابلة سابقة مع شبكة "سي إن إن"، رفض الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشدة المزاعم الإسرائيلية بأن وكالة "الأونروا" قدمت الدعم لحركة "حماس".

وقال غوتيريش : "بالطبع، هناك أنفاق تحت مباني "الأونروا"، كما توجد أنفاق بكل مكان في غزة، ولكن لم يكن هناك أي التزام من جانب "الأونروا" بشكل عام بتقديم أي نوع من الدعم لحماس، وهذا واضح جدًا".

وفي أبريل الماضي، قُتل 7 أشخاص يعملون مع منظمة "المطبخ المركزي العالمي" في غزة، في "غارة إسرائيلية"، وفق بيان صدر عن المنظمة.
ووسط تجاهل إسرائيل للقانون الدولي الإنساني، تبرز الحاجة لتكاتف الجهود الدولية لحماية المدنيين المتضررين من الصراع في غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل فوري وفعال. 

أخبار ذات علاقة

"حياة بدائية".. نازحو غزة يتدفؤون بإشعال أنقاض منازلهم

  
 نظرة مستقبلية

ولا يزال مستقبل النازحين في غزة غير مؤكد، حيث تعاني المنطقة من الصراع وعدم الاستقرار السياسي.  

وفي هذا الصدد، يرى الباحث الفلسطيني المتخصص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، أن قضية النزوح هي واحدة من ظواهر الحرب في غزة، لافتًا إلى أن هذا النزوح لم يقتصر على حركة السكان وتنقلهم من أماكنهم في القطاع، بل يتجاوز ذلك لحد العيش في ظروف بائسة وسط انعدام مقومات الحياة، وتدمير البنية التحتية.

وقال منصور، لـ"إرم نيوز"، إن مسألة النزوح قضية ضاغطة أكثر من غيرها، ويجب أن تحظى باهتمام دولي.

وأوضح أن إسرائيل استخدمت في البداية قضية النزوح كنوع من الضغط على "حماس"، وفصائل المقاومة الفلسطينية، لكنها تحولت إلى قضية كبرى بحد ذاتها، تسعى إسرائيل من خلالها إلى الدفع باتجاه التهجير، وإخراج السكان من القطاع.

وأكد منصور أنه ما لم تتم معالجة هذا الأمر عبر خلق ظروف معيشية مناسبة، فإنه سيكون له تداعيات خطيرة على مجمل بقاء النازحين في قطاع غزة.

واختتم منصور حديثه بالقول إن "المشكلة تتمثل في عدم انفتاح إسرائيل التي لا تتعاطى مع أي طرح إنساني أو سياسي، أو من أي نوع، وتتعامل مع النزوح والمساعدات كقضايا للابتزاز"، مشددًا على ضرورة الضغط الدولي والتدخلات الدولية الجدية، خارج سياق البيانات، لمنع تفاقم هذه القضية بشكل أكبر وأكثر تعقيدًا. 

ومن جانبه، يرى المحلل الاستراتيجي، الدكتور عامر السبايلة، أنه لا يمكن أن تحل حرب غزة في داخل القطاع فقط، ولا حتى في أطر إقليمية.

وقال السبايلة، لـ"إرم نيوز"، إن تدويل غزة بدأ تدريجيًا بعد إدامة الصراع، وهذا يعني أن الحلول لتداعيات الحرب، سواء بوجود قوات دولية، أو في وجود ممرات إنسانية تشرف عليها الأمم المتحدة أصبحت حتمية، خصوصًا أننا نتحدث عن 3 ملفات أساسية شاغرة.

وبين أن هذه الملفات الشاغرة تتمثل في الإغاثة الإنسانية من حيث الطريقة والشكل، والسيطرة على الحدود وضبط الأمن، والموضوع الأهم هو الحلول المستدامة والإدارات المدنية لهذه المناطق. وأكد السبايلة أن جميع هذه الملفات تحتاج لأفق دولي للحل.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC