تطرح الفنانة التونسية ليلى طوبال في مسرحيتها "ياقوتة" معضلة ما تواجهه المرأة التونسية من مشاكل ومضايقات اجتماعية، رغم مرور أكثر من ستة عقود على إصدار تشريعات رائدة في الوطن العربي تضمن حقوق المرأة التونسية.
وقدّمت طوبال "ياقوتة" التي كشفت عن أنها آخر أعمالها المسرحية على خشبة مسرح الحمامات، وهو العرض الأول والأخير للفنانة في مهرجان الحمامات، أحد أشهر المهرجانات التونسية.
والعمل مصنّف ضمن "المونودراما"، وقد تولت طوبال كتابة نصّه وإخراجه وتمثيله، وتُعرف طوبال بأنها واحدة من أكثر الوجوه الفنية التونسية دفاعا عن المرأة وحقوقها، ولم يخرج سياق هذه المسرحية عن مجال الاهتمام هذا، حيث أرادته الفنانة تكريما لعدد من النساء اللواتي ذهبن ضحايا كلماتهن، بدءا بالناشطة والمدونة لينا بن مهني، مرورا بالممثلة والمنتجة المسرحية زينب بن فرحات، وصولا إلى الصحفية الفلسطينية شيرين أبوعاقلة.
وتمثّل "ياقوتة" امتدادا لأعمال طوبال القائمة على الذاكرة وعدم النسيان والاعتراف بالجميل لأصحاب الكلمة الحرة، كما هو شأن مسرحية "سلوان" التي أنتجتها 2015 وأهدتها إلى روح السياسي شكري بلعيد الذي اغتيل في فبراير/شباط 2013.
وتروي المسرحية قصة امرأة أنجبت رضيعة بعد إقامة علاقة خارج إطار الزواج، ما يدفعها إلى التخلّي عنها ووضعها أمام أحد المساجد لتعود للبحث عنها بعد 24 سنة.
وتعرض المسرحية العنف الذي يمارس على المرأة والعنصرية في التعاطي مع القضايا النسوية وحقوق المرأة ونظرة المجتمع لهذه الحقوق في تونس، وللمرأة التي تحشر في زاوية الجانية والمذنبة، ما يعكس "عقلية ذكورية" في التعامل مع قضاياها المجتمعية.
وانطلاقا من هذه القصة الاجتماعية تعرّج طوبال في "ياقوتة" على جوانب من الوضع السياسي والاجتماعي الذي عاشته تونس في السنوات العشر الأخيرة، لا سيما من الناحية الحقوقية ووضع المرأة بشكل خاص.
وليلى طوبال فنانة متعددة الاختصاصات، تغنّي وتكتب وتنتج الأعمال المسرحية وتتولى إخراجها، وقد كشفت في نهاية عرضها على مسرح الحمامات أنّ "ياقوتة" ستكون آخر أعمالها المسرحية كممثلة، وأكدت أن هذا القرار اتخذته منذ أشهر وأنّ "ليلى الممثلة يجب أن تأخذ قسطا من الراحة".
وستتولى طوبال عرض المسرحية للمرة الأخيرة في مهرجان قرطاج الدولي في 13 أغسطس/آب الجاري، تزامنا مع العيد الوطني للمرأة التونسية، وهي ذكرى إصدار مجلة الأحوال الشخصية التي تضمنت حزمة من القوانين الرائدة والمتطورة على مستوى العالم العربي لفائدة المرأة التونسية.
وأكّدت الفنانة أنّها ستواصل الكتابة والإخراج، أمّا عن مستقبل مسرحية "ياقوتة" فأكّدت أنّ النصّ قد تمّت ترجمته إلى اللغة الإنجليزية وسوف تتجسد في كتاب.
وكانت طوبال من بين المشاركين في جلسات الحوار التي سبقت إعلان الدستور التونسي الجديد، وهي معروفة بمناوأتها لتيار الإسلام السياسي.
