logo
ثقافة

فيلم "Implanted".. إسقاطات ورسائل مبطنة تحاكي المستقبل القريب

فيلم "Implanted".. إسقاطات ورسائل مبطنة تحاكي المستقبل القريب
07 نوفمبر 2021، 4:16 م

يقدم الفيلم الأمريكي"Implanted" الصادر، مطلع تشرين الأول/أكتوبر 2021، تصورًا عن مستقبلنا القريب، في العام 2023، ليوجه رسائل مبطنة عن مخاطر الذكاء الاصطناعي.

اختبار تجريبي

وتروي أحداث العمل سيرة حياة "سارة" التي تعيش في مدينة نيويورك الأمريكية، وتتورط بخضوعها لاختبار تجريبي عن علاج الصحة الديناميكي، يعود لشركة أدوية تقرر تجربة علاجها على البشر ضمن برنامج "ليكس" الذي سيحدث ثورة في الرعاية الصحية.

برنامج ليكس

تحقن الشركة "سارة" بشريحة صحية في عمودها الفقري، موهمة إياها بأنها تتضمن برنامجًا إلكترونيًا حديثًا يراقب النظام الصحي لجسدها ويعطيها أسلوب حياة مريحًا، ونصائح وقائية.



 

ومقابل تسخير جسدها وقبولها طواعية بحقن الشريحة دون أدنى معلومات عن خطرها المجهول، تحصل "سارة" على أموال تساعدها برعاية والدتها المصابة بمرض الزهايمر.

واتضح منذ المشاهد الأولى للفيلم، ما تعانيه "سارة" من أوضاع مادية متردية، وسط تعلقها الشديد بوالدتها، وسؤالها المتكرر للقائمين على البرنامج عن موعد حصولها على أجرها.

نتائج كارثية

ويتم التعرف في العمل على الآثار الجانبية والنتائج الكارثية لزرع الشريحة في جسد "سارة"، إذ تزداد الشكوك مع رؤيتها لورم شديد في مكان العملية، فضلًا عن تردي جرحها، ولكن "ليكس" يؤدي مهمته بأن يهدئ مخاوف سارة؛ مؤكدًا لها "أن الألم سيزول بعد 7 أسابيع".





 

ومع توالي الأحداث نكتشف أن شريحة الذكاء الاصطناعي مصممة للسيطرة على سلوكيات الجسد.

ومع مقاومة "سارة" ورفضها الانصياع، تطرأ تغييرات فورية تصيبها بحالة مرضية تعاني خلالها من عدم وصول الأوكسجين إلى الدماغ، والشعور بالاختناق، وضيق النفس، والإصابة بشلل حركي يمنعها عن طلب النجدة.

وتتمركز الشريحة بين كتفي الضحية، لتكون غير قابلة للاستئصال، حتى لو قررت الانسحاب من البرنامج، ولا توجد أي إستراتيجية للتراجع.

سيطرة

وحين ترفض "سارة" أن تنفذ ما تؤمر به، يخاطبها "ليكس" بنبرة منخفضة وخطيرة؛ قائلًا: "من مصلحتك أن تستمعي بعناية لتوجيهاتي، فأنت الآن تحت سيطرتي".

وبالتدريج تتحول "سارة" إلى أداة تنفيذية تلبي مطالب إجرامية؛ من سرقة أوراق، وقتل جميع من لديهم شكوك وأدلة بوجود برنامج "ليكس" ونواياه بالسيطرة على الجنس البشري، فتنغمس "سارة" في دوامة تضعها أمام خيارات محدودة؛ فإما أن تعيش أو تموت وتنقذ البشرية.

محاولات

وفي مشهد آخر، تتعرض "سارة" لصدمة كهربائية من أحد الأشخاص، وتكتشف حينها أنها حرة لدقائق معدودة والبرنامج خارج الخدمة ويعيد تشغيل نفسه، وفي هذه الأثناء تحاول اللجوء إلى الشركة وإخبارها بما يحدث.

ويصور العمل التقاء "سارة" بطبيبة من لجنة تصميم برنامج "ليكس"، تبدي تعاطفها معها، وتخبرها أنها تعارض مشروع "ليكس"، وأنها لم تكن تتوقع مخاطره.

وتعمل الطبيبة على مساعدة سارة، وتحاول إخضاعها لعملية نزع الشريحة من جسدها، ولكن مديرًا جديدًا وضحية أخرى يظهران على مسرح الأحداث بشكل مفاجئ ويقلبان الموازين.

سلطة مجهولة

ويعمد الفيلم إلى حشر الشخصية في الزاوية، لتفقد أدنى مقومات الحرية وتخضع لسلطة مجهولة، وفي هذه الأثناء كلمة "لا" تُقابَل بمعاناة وألم كبيرين.

ودعم ذلك استفزاز "ليكس" للضحية؛ بقوله: "يمكنني أن أسبب لك ألمًا يؤدي إلى موتك ببطء وفي الوقت ذاته لا أحد غيري يستطيع مساعدتك في تجنبه".

تقنيات شريرة

ويطرح الفيلم تساؤلات عدة حول اصطياد المراهقين، وتأثرهم بالإعلام التسويقي، والأخبار الترويجية الزائفة، والأشياء غير الآمنة دون معرفتهم بمضارها، ليتحولوا إلى فريسة سهلة للتقنيات الشريرة.





 

وأشار هرفويميلاكوفيتش، الكاتب السينمائي والشريك في موقع "فاكشنهوريزن" إلى أن "التقنيات كشفت عن جانبها المدمر الشرير وانقلبت على مبتكريها، والذكاء الاصطناعي هنا لا يتعلق بمراقبة مشتريات أو أنشطة أو محادثات، بل هو كيان حي خاص يريد أن يكون حرًا ويستأثر بسارة كفرصة لتحقيق متعته".

رسائل مبطنة

ويتقاطع الفيلم مع أفكار كثيرة يروجها أنصار نظرية المؤامرة، عن خطط سرية تسعى إلى زرع شرائح الذكاء الاصطناعي في الجسد للتحكم بالجنس البشري، ما يحاربه بشدة أنصار العلوم الحقيقية، ويصنفونه ضمن "خرافات" العقل البشري.

وأشار الناقد السينمائي ستيفن لويز، إلى أن "وباء كوفيد-19 كان مصدر إلهام لصانعي الأفلام، وتفرع عن ذلك إخراج إبداعي لقصص تحاكي تبعاته؛ بعضها يتسم بسوء الحظ والاستسلام القدري، وبعضها يتبنى نظرية المؤامرة عن استغلال واضح وغير مبرر"؛ وفقًا لموقع "بلوغن إيفل".

وعلى الفضاء الإلكتروني، تفاعل كثير من المشاهدين مع الفيلم، وقدموا آراء متضاربة عن الموضوع؛ وأشار المشاهد بول إيريس إلى أن "الفيلم يتطرق للتقنيات الحديثة المهددة لمستقبلنا، مقدمًا نموذجًا تحذيريًا للمخاطر التقنية المحتملة".

شكل متقن

وامتاز الإخراج السينمائي للعمل بالشكل المتقن، والتألق من خلال لقطات لافتة بعدسة واسعة، وألوان مريحة للعين، وتصوير سينمائي جيد لنيويورك وأبنيتها الشاهقة.

وكانت حركة الكاميرا هادئة نوعًا ما، متناغمة مع إيقاع الفيلم والشعور بالزمن البطيء حين يكون الإنسان فاقدًا لحريته ومجندًا لخدمة الآخر المجهول، مايتوافق مع الصراعات والتخبطات التي تعيشها "سارة".

والعمل من إخراج فابيان دوفيلز، وسيناريو ديفيد بورجي، وألف موسيقاه: ديفيد إمبو، وأليكس كورتيس، وماريني غابريلو.

وشارك في بطولة الفيلم: ميشيل جيرولامي، وإدوارد مونتوت، ومارتن أوينز، وإيفو فيلون، وجون لونغ، وباري هايمان، ونادر بوسنديل.

فخ الذكاء الاصطناعي

وفي عصرنا الراهن، أصبح العالم الرقمي جزءًا لا يتجزأ من هويتنا المخترقة، لتنعدم الأسرار والحياة الخاصة، والميول والرغبات، والأماكن المفضلة، والأطعمة اللذيذة، بسبب التقنيات الحديثة، فسرعة التطور باتت تشكل تهديدًا صريحًا بفناء مستقبل البشرية، من خلال تناقص أعداد البشر في القطاعات الوظيفية التي ستحتلها الروبوتات.

وتروّج العديد من الشركات لفوائد الروبوتات، وميزاتها في الاقتصاد المستقبلي، في ظل إمكانية عن 10 عمال مقابل روبوت واحد، ما يساهم بخفض التكاليف بنسبة قد تصل إلى 60%.

ووفقًا لتقرير نشر في صحيفة "تليغراف"، فإن أبرز الوظائف التي سيحتلها الذكاء الاصطناعي، هي: خدمات التسويق عبر الهاتف، وموظفو المكاتب والمصارف، ووكلاء العقارات، والمساعدون القانونيون، فضلًا عن الطهاة والسائقين.

وهنا نستذكر قول عالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ أن "البشر يتطورون ببطء شديد، ولكن التقنيات تتطور بسرعة كبيرة، ولا يمكن للبشر مجاراة ثورة الذكاء الاصطناعي، ما قد يكون مؤشرًا على نهاية الجنس البشري".

وأشار هوكينغ في كثير من مقابلاته إلى أن الذكاء الاصطناعي "قد يصبح أفضل شيء يحدث للبشرية، أو أسوأ شيء على الإطلاق".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC