سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الضوء على قطاع صغار التجار في تركيا الذي بات يعاني من تخبط سياسات البنك المركزي بعد تجربة رفع الفائدة على القروض، ومن قبلها تعرضهم لضغوط أزمة انتشار وباء فيروس كورونا.
وقالت الصحيفة: إن أردوغان الرافض لسياسة رفع الفائدة بسبب ما تلحقه من أعباء على كاهل المشروعات الصغيرة، أطاح في آذار مارس بمحافظ البنك المركزي، ناسي أغبال.
ومؤخرًا خلال الأسبوع الجاري أطاح أردوغان بنائب المحافظ أيضًا، بعدما رفع فائدة الاقتراض بنسبة 19%، حيث إن الفائدة المرتفعة أضرت بـ3.2 مليون من الشركات الصغيرة والمتوسطة وتسببت في ديون بقيمة 107 مليارات دولار وهو ما يمثل ربع إجمالي القروض غير المسددة لتركيا.
واهتمت الصحيفة بمعاناة بعض الشركات الصغيرة والتي تعرف في تركيا باسم (اسناف) من عدم الحصول على دخل وبالتالي انعدام القدرة على تسديد الضرائب خلال فترة الانهيار الاقتصادي جراء كورونا، حيث تقدم أكثر من 120 ألفا من الاسناف بطلبات إفلاس في العام الماضي، بحسب السجلات الرسمية.
يقول بنديفي بالاندوكين، رئيس اتحاد التجار والحرفيين في تركيا، الذي يوظف أعضاؤه واحدًا من كل ثمانية أتراك أن معظم الأعمال التجارية في تركيا تواجه ديونا ومن النادر وجود شركات على عكس ذلك الوضع.
وعن أهمية صغار التجار بالنسبة للاقتصاد التركي، يضيف أونر جونكافدي، خبير اقتصادي في جامعة إسطنبول التقنية، قال إن هؤلاء التجار يشكلون "العمود الفقري لاقتصاد البلاد محنتهم تصيب عائلات بأكملها، لذلك عندما تكون (فئة) الاسناف في مأزق فإنها تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الأوسع".
وأضاف جونكافدي أن هذه الفئة من التجار هم قاعدة الدعم لحزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان.
من ناحية أخرى، نقلت الصحيفة رأي تونكاي أوزيلهان، رئيس مجموعة توسياد، وهي أكبر مجموعات الأعمال في تركيا حول "الإشارات المختلطة" التي تجعل الصناع غير مقبلين على الاستثمار في البلاد.
وأضاف في خطاب متلفز أذيع الثلاثاء: "نحاول جميعًا فهم وتقييم التطورات المتتالية وغير المتوقعة خلال الأشهر القليلة الماضية ومعرفة إمكانية ما سيحدث في المستقبل، ولكن كيف يمكن اتخاذ القرارات عندما يصبح الموقف غير واضح ومعايير السلطة والمسؤولية غامضة؟ ".
وقدرت ليندسي ليدل، كبيرة مديري مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني في لندن، أن القروض الممنوحة للشركات الصغيرة شكلت الجزء الأكبر من الديون المعدومة للبنوك التركية، حيث إن نسبة القروض المتعثرة في تركيا وصلت نسبة 4.1%.
فيما أكد باولو موناكو من مجموعة تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتنمية التابعة للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، والتي تقدم المشورة والإقراض للشركات التركية أن هذه الشركات بالرغم من أنها أصبحت أكثر عرضة للصدمات بسبب قلة الأموال وتسيير الأعمال برصيد نقدي منخفض، لكنها أصبحت مرنة للغاية مقارنة بنظيراتها من الشركات الغربية.
ويقول مالك حانة، يدعى فوات أكيول في منطقة بيوغلو، وهي منطقة وسط إسطنبول تضم 350 ناديا وحانة، إن المنطقة أصبحت تحت حماية حراس يفحصون درجات الحرارة ويحدون من الحشود للحد من انتشار كورونا.
ومالك الحانة هو أحد ملاك المشروعات الصغيرة الذي يحاول سداد قرض قيمته 500 ألف ليرة تركية (63 ألف دولار) لتجنب الإفلاس.
ويضيف مالك الحانة: "لقد أصبحت حالة عدم اليقين أكثر حدة، البنوك التي لن توافق على إقراضنا لأننا لا نملك دخلاً الآن، لن تفكر أيضًا في إعادة هيكلة قروضنا".
واختتم أكيول أنه لا يستطيع دفع تعويضات نهاية الخدمة وغيرها من الالتزامات لأنه لا يعرف ما إذا كان مشروعه سيبقى على قيد الحياة، خاصة مع عدم وجود مؤشرات على عودة الحياة لطبيعتها بسبب ارتفاع معدل الإصابات بكورونا.
وافترض في نهاية حديثه للصحيفة، أن هناك اثنين من السيناريوهات المحتمل حدوثها، "إما الإغلاق أو المساعدة"، ثم عقب قائلا "لا أحد يعلم أي منهما سيكون المشكلة الأكبر".