logo
اقتصاد

شيخوخة المجتمع الصيني تضع البلاد أمام رياح اقتصادية معاكسة

شيخوخة المجتمع الصيني تضع البلاد أمام رياح اقتصادية معاكسة
نساء مسنات يجلسن في حديقة بوسط مدينة شنغهاي في 16 مارس/آذ...المصدر: رويترز
04 يوليو 2024، 2:19 م

تواجه الصين رياحًا اقتصادية معاكسة كبيرة؛ بسبب شيخوخة السكان وتقلص عددهم، إذ يتوقع تراجع عدد سكان الصين في سن العمل بسرعة على مدى العقد المقبل، الأمر الذي قد يؤدي إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي سنويًا بنسبة 1%.

 ومن شأن هذا التحول السكاني أن يفرض ضغوطًا هائلة على السياسة المالية وأنظمة الرعاية الاجتماعية في الصين، بحسب تقرير لشبكة "CNBC" الأمريكية.

وبينما يتوقع دارين تاي من مركز أبحاث "BMI Country Risk & Industry Analysis"، تراجعًا بنسبة 1٪ في نمو الناتج المحلي الإجمالي سنويًا على مدى العقد المقبل؛ بسبب انخفاض عدد السكان في سن العمل، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة، تسلط وحدة الاستخبارات الاقتصادية "EIU" الضوء على الضغوط المالية المباشرة الناجمة عن الشيخوخة، مع التركيز على الحاجة إلى تحقيق التوازن بين عوامل النمو الاقتصادي الإنتاجية، وتراكم رأس المال، ومدخلات العمالة، في ظل تقلص القوى العاملة.

رفع سن التقاعد

وللتخفيف من هذه التحديات السكانية، تقترح وحدة المعلومات الاقتصادية رفع سن التقاعد كحل قابل للتطبيق. 

ووفق تقرير الشبكة الأمريكية، تشير الحسابات إلى أن رفع سن التقاعد إلى 65 عامًا بحلول عام 2035، يمكن أن يقلل العجز في ميزانية التقاعد بنسبة 20%، ويزيد صافي المعاشات التقاعدية بنسبة 30%، ما يخفف الضغوط المالية على كل من الحكومة والأسر.

وعلى الصعيد العالمي، أسهم انخفاض معدلات المواليد في هذه المشكلة السكانية، حيث انخفضت معدلات الخصوبة في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى النصف، من 3.3 طفل لكل امرأة في عام 1960، إلى 1.5 في عام 2022.

ويلفت التقرير إلى أن الانخفاض السكاني في الصين بدأ في عام 2022، وذلك بانخفاض قدره قرابة 850 ألف شخص، وهو أول انخفاض منذ المجاعة الكبرى في أوائل الستينات.

 وفي عام 2023، انخفض عدد السكان مجددًا بمقدار 2.08 مليون نسمة، ليصل المجموع إلى 1.409 مليار نسمة، الأمر الذي يعزى إلى حد كبير لسياسة الطفل الواحد التي طُبِّقَت في ثمانينات القرن الماضي.

وتشير التوقعات إلى أن عدد سكان الصين قد يتقلص إلى 1.317 مليار نسمة بحلول عام 2050، وإلى 732 مليون نسمة بحلول عام 2100، إذ ينخفض معدل الخصوبة في الصين بشكل أسرع من نظيراتها من الدول الإقليمية الأخرى، مثل كوريا الجنوبية واليابان، نظرًا لارتفاع مستويات المعيشة وعدم كفاية الدعم المالي للإنجاب.

وفي ظل ارتفاع تكاليف السكن، تزداد المشكلة تعقيدًا، ويصبح من الصعب على المواطنين الصينيين شراء منازل وتكوين أسر، إضافة إلى أن ساعات العمل الطويلة في القارة الآسيوية تقف عائقًا كبيرًا أمام بناء أسرة، لا سيما في الصين وكوريا الجنوبية، بحسب تقرير الشبكة.

أخبار ذات علاقة

هل سيستفيد الغرب من قتل الاقتصاد الصيني؟

 

تقلص القوى العاملة

وقال التقرير إن تقلص القوى العاملة بسبب انخفاض معدلات الخصوبة يشكل تحديًا مزدوجًا، فهو يقلل من عدد السكان العاملين، ويزيد نسبة كبار السن الذين يحتاجون إلى الدعم من جيل الشباب، كما يضع هذا التحول السكاني أعباء مفرطة على أنظمة الرعاية الصحية ومعاشات التقاعد، فضلًا عن زيادة الضغط على الأجيال الشابة التي يتعين عليها رعاية أطفالهم وذويهم المسنين في الوقت نفسه.

من جهتهم، يعطي صناع السياسات في الصين الأولوية لنمو الإنتاجية من أجل مواجهة تراجع مساهمة العمالة في الناتج المحلي الإجمالي، حيث استثمرت الصين بكثافة في التحول إلى الحلول الرقمية وتطوير التقنيات مثل الأتمتة والرقائق المتقدمة، بهدف جعل الصناعات التقليدية أكثر كفاءة، وتحسين الإنتاجية بشكل عام، وفق التقرير.

ولفت إلى تأكيد الاقتصاديين أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود لتحسين بيئة العمل، مثل التطبيق الأكثر صرامة لقوانين العمل، وتعزيز التوازن بين العمل والحياة.

ويتفق خبراء الاقتصاد على أن صناع السياسات في الصين لا بد أن يعملوا على رفع سن التقاعد، وخلق المزيد من الخصومات الضريبية القوية على التكاليف المتعلقة برعاية الأطفال، وتكثيف الجهود لبناء مساكن ميسورة التكلفة.

ورغم تباطؤ النمو المتوقع في الصين بسبب المشكلة السكانية، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بمعدل 9٪ سنويًا منذ عام 1978، وفق بيانات البنك الدولي.

 

6a033258-3bf8-44a8-9c37-89ba7b378d93

مخاطر اقتصادية

وحتى لو تباطأ النمو الاقتصادي في الصين إلى نحو 3%، فإنه سيظل إنجازًا ملحوظًا، وفقًا للخبراء، فمعدل النمو البطيء هذا سيؤدي إلى زيادة بنسبة 13% في الدخل الحقيقي للمواطن الصيني العادي بحلول عام 2033.

 ورغم التحديات الكبيرة التي يفرضها التحول السكاني، مثل الشيخوخة وتقلص السكان، فإن التحسن في مستويات المعيشة يشير إلى أن الصين قادرة على تحقيق تقدم اقتصادي كبير، وفق التقرير.

واختتمت الشبكة تقريرها بالقول إن تقلص عدد السكان والشيخوخة السكانية في الصين تشكل مخاطر اقتصادية يتعين على الحكومة أن تعالجها بشكل استباقي من خلال مجموعة من تدابير تعزيز الإنتاجية، وإصلاحات الرعاية الاجتماعية، والسياسات الداعمة للأسرة، لكن المخاطر تبقى كبيرة، لكون التحول السكاني في الصين قد يخلف عواقب عميقة على مسار البلاد الاقتصادي واستقرارها الاجتماعي مستقبلًا.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC