الخارجية الروسية: اتفاق بين لافروف وروبيو على مواصلة الاتصالات على جميع المستويات
مع تصاعد الضغط الأمريكي على إيران، يواجه العراق معادلة صعبة بين الالتزام بالعقوبات والحفاظ على استقرار اقتصاده، خاصة بعد أن وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مذكرة تهدف إلى منع طهران من استغلال النظام المالي العراقي.
وتضمنت المذكرة التي وقعها ترامب، والتي تهدف إلى ممارسة أقصى الضغوط ضد إيران، "اتخاذ خطوات فورية، بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات الأخرى ذات الصلة، لضمان عدم استخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران للتهرب من العقوبات أو التحايل عليها".
وعلى الرغم من القيود الأمريكية المتزايدة، لا تزال إيران تعتمد على شبكات تجارية ومصرفية واسعة داخل العراق لضمان تدفق العملة الصعبة، إذ تستغل شركات وهمية ومستوردين لإجراء تحويلات مالية ضخمة تحت غطاء التجارة الرسمية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن مزاد العملة الصعبة في العراق ضخ أكثر من 81 مليار دولار خلال 2024، في زيادة كبيرة مقارنة بالعام السابق، حيث ذهبت معظم هذه الأموال إلى تمويل الواردات، لكن جزءًا منها يتم تهريبه بطرق غير قانونية.
بدوره، قال مسؤول حكومي عراقي، إن "بغداد تستعد لإطلاق حملة واسعة وإجراء مراجعات مكثفة تهدف إلى إجراء إصلاحات داخل بعض المصارف الحكومية والمؤسسات المالية الأهلية، وذلك في إطار مساعٍ لضمان إصلاحات مقنعة للمجتمع الدولي وتجنب أي تداعيات اقتصادية خطيرة قد تترتب على استمرار هذه الأنشطة".
وأوضح المصدر، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز"، أن "الإجراءات المرتقبة ستبدأ بمراجعة دقيقة لعمل المصارف، وشركات تحويل الأموال، مع فرض رقابة صارمة على قوائم الاستيراد التي يُشتبه في استخدامها كغطاء لعمليات تهريب العملة الصعبة إلى إيران، وذلك بهدف تقليص أي ثغرات قد تستخدم في التحايل على العقوبات الدولية".
وأشار إلى أن "الحكومة الحالية تدرك خطورة المرحلة، وتسعى إلى اتخاذ خطوات مدروسة تجنب البلاد الدخول في دائرة العقوبات الدولية، خاصة مع تصاعد الضغوط الأمريكية على العراق لضبط النظام المالي ومنع استخدامه كقناة لدعم الاقتصاد الإيراني".
يتراوح تصنيف العراق بين المرتبة الأولى والثانية كشريك تجاري لإيران من عام لآخر، مع استمراره في استيراد 72% من إجمالي السلع المحلية الإيرانية غير النفطية، ما يجعله أكبر سوق لصادراتها في هذا القطاع.
وفي الوقت الذي يتجاوز فيه حجم التبادل التجاري الحالي بين العراق وإيران 10 – 12 مليار دولار سنويًّا، تسعى طهران إلى رفع هذا الرقم إلى أكثر من 20 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وبحسب خبراء، فإن الميزان التجاري غير المتكافئ والتداخل العميق في العمليات الاقتصادية، إلى جانب العلاقات المتشابكة مع الميليشيات المسلحة والتمويلات غير الرسمية وعمليات التهريب، سهلت تحول الاقتصاد العراقي إلى رافد أساسي لدعم الاقتصاد الإيراني، ما جعل بغداد أحد أهم المنافذ التي تعتمد عليها طهران في مواجهة العقوبات الدولية.
بدوره، أوضح الخبير الاقتصادي دريد العنزي، أن "العراق لا يمتلك نظامًا اقتصاديًّا أو ماليًّا متماسكًا، ولا حتى منظومة نقدية واضحة، إذ تعاني الدوائر المالية والمصرفية هشاشة واضحة تجعلها غير قادرة على التعامل مع الأزمات أو الصدمات المحتملة".
وأضاف العنزي لـ"إرم نيوز"، أن "التبادل التجاري بين العراق وإيران يبلغ نحو 16 مليار دولار سنويًّا، بما في ذلك 12 مليار دولار عبر الاستيراد المباشر، في حين تصل تجارة المخدرات والاقتصاد الموازي إلى ما يقارب 4 إلى 5 مليارات دولار، وهو ما يكشف حجم التغلغل الإيراني في السوق العراقية".
واعتبر العنزي "فرض إجراءات أو معاقبة بعض المؤسسات التي تستهدف قنوات تهريب الدولار إلى إيران، ورغم أن هذه العقوبات قد تبدو سلبية، فإنها قد تعود بالنفع على العراق في بعض الجوانب، إذ قد تسهم في تقليص نزيف العملة الصعبة وتحفيز الاستثمار في قطاعات بديلة".
وأشار إلى أن "إحدى الفوائد المحتملة للعقوبات الدولية قد تكون في قطاع الطاقة، حيث إن انقطاع إمدادات الغاز الإيراني قد يجبر العراق على تطوير موارده المحلية والاستثمار أكثر في مشاريعه الغازية".