مقتل المتحدث باسم حركة حماس عبد اللطيف القانوع في قصف على مخيم جباليا شمال قطاع غزة
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إنه مع استعداد الأوكرانيين لدخول عامهم الرابع في مواجهة الحقائق اليومية القاسية للحياة أثناء الصراع مع روسيا، فإن قلة قليلة فقط تفكر في "الصحة الاقتصادية النسبية" للدولتين المتحاربتين.
وبحسب التقرير الذي نشرته الصحيفة، أظهرت أرقام التضخم الصادرة على جانبي الحدود استمرار الخسائر التي خلفها الصراع على مواطني البلدين، حيث بلغت نسبة ارتفاع الأسعار 9.5% في روسيا، و12% في أوكرانيا.
وبعد 3 سنوات من الحرب الروسية الأوكرانيا، يدرس خبراء الاقتصاد الحالة النسبية لاقتصاد كل بلد.
وعلى الرغم من العقوبات الواسعة النطاق، استمرت المصانع الروسية في الحصول على المكونات والمواد الخام اللازمة لإبقاء آلة الحرب مستمرة.
وقد سمح تدفق الأموال من بيع النفط غير المشروع، وبدرجة أقل من الغاز الطبيعي والنيكل والبلاتين، بتوسيع جهاز الدولة، وفق تقرير الصحيفة.
ويقول كريستوفر دنت، أستاذ الاقتصاد والأعمال الدولية في كلية إدارة الأعمال بجامعة إيدج هيل، إن جهود الرئيس الروسي لإحداث الدمار اللازم لإخضاع كييف والرئيس فولوديمير زيلينسكي وسكان أوكرانيا باءت بالفشل، مما يجعل أوكرانيا الرهان الأفضل للمستثمرين في حال انتهاء الحرب.
ويشير دنت إلى أن هذا يعكس الدور المتنامي لأوكرانيا في الشبكة الكهربائية الأوروبية العملاقة، حيث يتم تصدير الكهرباء بشكل رئيس إلى مولدوفا والمجر ورومانيا.
ولا تزال موانئ أوكرانيا على البحر الأسود تعمل، كما تتدفق التجارة غربًا عبر نهر الدانوب، وبدرجة أقل عبر السكك الحديدية. وفي الوقت ذاته، شهد القطاع الزراعي انتعاشًا كبيرًا.
وأضاف دنت: "لا تعمل البلاد بكامل طاقتها كما كان الحال عام 2021، لكن يمكن ملاحظة قدرتها على الصمود".
وبالنظر إلى السنوات العشر القادمة، تمتلك أوكرانيا ثروة ضخمة من رواسب المعادن، العديد منها نادر، وتُقدَّر قيمتها بنحو 11 تريليون دولار، وفق بعض التقديرات.
كما لا يزال النظام الضريبي في البلاد يعمل بفعالية، حيث سجلت عائدات الضرائب في ديسمبر/كانون الأول زيادة بنسبة 50% مقارنة بالعام السابق، مع ارتفاع الضرائب المدفوعة من قبل الشركات، إلى جانب تحسن استرداد ضريبة الدخل بنسبة 60%، وزيادة عائدات ضريبة الاستهلاك بنسبة 150%، مما عزز من صندوق الحرب للدولة.
ووفقًا لما قاله ماكسيم سامويليوك، من مركز الاستراتيجية الاقتصادية في كييف، فإن سوق العمل لا يزال أقل نشاطًا مما كان عليه قبل الحرب.
ويشير إلى أن معدل البطالة بلغ 16.8% في يناير/كانون الثاني، وهو ما يجعل أصحاب العمل في حاجة إلى مزيد من العمال، خاصة في ظل هجرة الأوكرانيين إلى الخارج والتعبئة في القوات المسلحة.
ولا يزال إنتاج الحديد والصلب أقل بكثير مما كان عليه قبل الحرب، حيث كانت المصانع تنتج نحو 1.5 مليون طن من الصلب شهريًّا، مقارنة بمتوسط 0.6 مليون طن في العام الماضي. وهذا أحد الأسباب الرئيسة، إلى جانب انخفاض أسعار الأغذية، التي تجعل الناتج القومي الإجمالي لأوكرانيا أقل بنحو 20% مما كان عليه قبل الحرب.
ويقول ليام بيتش، الخبير في الشؤون الروسية لدى شركة "كابيتال إيكونوميكس" الاستشارية، إن محادثات ترامب-بوتين تسير في اتجاه قد يفتقر إلى ضمانات أمنية كافية لأوكرانيا، مما يزيد من احتمالات اشتعال الصراع مجددًا في المستقبل.
وأضاف: "قد يحدّ ذلك من مقدار رأس المال الذي قد يكون المستثمرون على استعداد لالتزامه بإعادة إعمار أوكرانيا، كما قد يكون له آثار سلبية على الاقتصادات الإقليمية إذا زادت المخاطر المتصورة لممارسة الأعمال التجارية على الحدود الشرقية لحلف الناتو. إن الحاجة إلى إنفاق أكبر على الدفاع قد تزيد من الضغوط على الميزانيات المالية المتوترة بالفعل".
أما بالنسبة إلى روسيا، فإن العواقب الاقتصادية لأي اتفاق سلام ستعتمد على مدى تخفيف العقوبات المفروضة عليها. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن احتمال رفع العقوبات الأمريكية زاد، وهو ما سيكون إيجابيًّا بالنسبة للاقتصاد الروسي والأصول الروسية.
بينما قد تكون أوروبا أقل استعدادًا لاسترضاء بوتين إذا لم تكن الصفقة ملائمة لأوكرانيا، فإن بعض القادة، مثل رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، قد يحذون حذو الولايات المتحدة ويعترضون على تمديد العقوبات.
يقول مارك هاريسون، أستاذ الاقتصاد الفخري بجامعة وارويك، إن تردد الولايات المتحدة وأوروبا في إرسال إشارات قوية حول التزامهما المالي والعسكري تجاه أوكرانيا كان أحد العوامل التي ساهمت في صمود الاقتصاد الروسي.
وأضاف أن روسيا تمكنت من زيادة إنتاجها العسكري ودفع تعويضات كبيرة للأسر المتضررة من التجنيد الإجباري، وذلك بفضل عائدات النفط غير المشروعة.
وقد أثبتت الهند أنها مشترٍ رئيس للنفط الروسي، إلى جانب الصين، مما وفر مليارات الدولارات لحكومة بوتين، وفق قوله.
هذه الإيرادات حافظت على نمو الدخل القومي الروسي طوال فترة الحرب، وإن لم تعد موجهة نحو السلع والخدمات الاستهلاكية، بل نحو المعدات العسكرية.
يجادل ريتشارد كونولي، الخبير الروسي في معهد الخدمات المتحدة الملكي، ضد فكرة أن الاقتصاد الروسي بدأ يفقد زخمه.
وقال إن "السوق الروسية لا تزال قوية بما يكفي لمنح النظام القدرة على التكيف، والدولة قادرة على تعبئة الموارد الكافية لتحقيق أهدافها الأمنية. ما دام هذا التوازن قائمًا، فإن روسيا ستظل قادرة على توليد الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم قوتها العسكرية".
وأضاف أن أي آمال في أن تؤدي الضغوط الاقتصادية إلى إجبار روسيا على تقديم تنازلات غير واقعية، مشيرًا إلى أن البلاد قادرة على مواصلة الحرب لفترة طويلة.