مسؤول في الخارجية الأمريكية: نستكشف جدية قيادة سوريا في تغيير مسارها الأيديولوجي السابق

logo
اقتصاد

فصل الموظفين السوريين.. إعادة هيكلة أم "تعسّف"؟

فصل الموظفين السوريين.. إعادة هيكلة أم "تعسّف"؟
مقر الحكومة السورية بدمشقالمصدر: أ ف ب
13 أبريل 2025، 9:18 ص

ارتفعت حدّة الاحتجاجات بسبب فصل الكثير من الموظفين السوريين من أعمالهم، في مختلف مؤسسات الدولة، بذريعة هيكلة الدوائر الرسمية، ومعالجة الترهل الوظيفي، وانتشار الفساد بسبب سياسات النظام السابق.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تم فصل أكثر من 100 ألف موظف من المؤسسات الرسمية، منهم 1,580 في الخطوط الحديدية، و12 ألفاً في قطاعَي الصحة والتربية ومرفأ اللاذقية. كما تم فصل 3 آلاف معلم من الخدمة، بينما قامت شركات المنتجات الحديدية بإيقاف 500 عامل عن العمل لأجل غير مسمّى.

أخبار ذات علاقة

أردوغان للشرع: تركيا تسعى لرفع العقوبات الدولية عن سوريا

وعندما استلمت الإدارة السورية الجديدة مقاليد الحكم، كان هناك ما يقارب مليون ونصف المليون موظف، بحسب أرقام المكتب المركزي للإحصاء، يعملون في وزارات الدولة المختلفة. لكن وزارة المالية الجديدة قالت إن نحو 400 ألف موظف "شبح" يتقاضون رواتبهم دون حاجة لوجودهم.

ومنذ سقوط النظام في الـ8 من كانون الأول/ ديسمبر 2024، بدأت الحكومة المؤقتة بإجراءات فصل وُصفت بالتعسفية للموظفين، دون تبيان الأسباب، كما تم منح آلاف آخرين إجازات مأجورة لمدة ثلاثة أشهر، لكن لم تتم إعادتهم إلى العمل.

ويقول المحامي محمد المهايني لـ"إرم نيوز" إن فصل الموظفين من قبل حكومة تصريف الأعمال ليس شرعيًّا، لأنه لا يستند إلى مادة قانونية، بل يتم عبر مديري المؤسسات الجدد الذين عيّنتهم الإدارة السورية الجديدة.

ويضيف: "لا يملك حق طرد الموظف من عمله سوى رئيس مجلس الوزراء، بناءً على أسباب يتم توضيحها في القرار. لكن ما يجري الآن من فصل يُعدّ غير شرعي لأنه يصدر عن مديرين قامت السلطة الجديدة بتعيينهم، مع أن القانون لا يخولهم ذلك".

ويؤكد المهايني أن حكومة تسيير الأعمال اتخذت منذ استلامها قرارات ليست من صلاحياتها، باعتبارها حكومة أمر واقع، وُجدت بحكم "الشرعية الثورية"، وفي مقدمة تلك القرارات فصل الموظفين وتعديل المناهج.

ويضيف: "حتى الحكومة التي شُكّلت بعد صدور الإعلان الدستوري، سارت على خطى الحكومة السابقة، فتم فصل أعداد كبيرة من الموظفين، ما جعل آلاف الأسر السورية بلا مدخول".

وفي استطلاع أجرته "إرم نيوز"، شمل موظفين من مختلف القطاعات، وصف المشاركون إجراءات الحكومة بالتعسفية، متهمين إياها باستهداف لون محدد من مكونات المجتمع السوري، والعمل على تسريح الموظفين المنتمين إليه.

ويقول أحد الإعلاميين، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنه فوجئ بقرار فصله من الصحيفة التي يعمل فيها، بتهمة "تهديد السلم الأهلي".

وأضاف:"فصلوني بسبب مشاركتي لأحد منشورات المرصد السوري لحقوق الإنسان على فيسبوك، وتم حرماني من حقوق التقاعد والتعويضات واللجوء إلى القضاء".

ومنذ استلامها السلطة، قامت الحكومة بحلّ الجيش، فسرّحت مئات آلاف الموظفين، إلى جانب فصل عناصر شرطة المرور والشرطة المدنية.

d399560c-f476-4987-a15c-9534d19d8593

ويقول المساعد أول في الشرطة، "ع.ع"، لـ"إرم نيوز":"أعمل في سلك شرطة المرور منذ 20 عامًا، ما علاقتي بالحرب وأعمال القتل والصراع الدائر؟ لقد حرموني من راتبي الشهري، وأنا الآن أعيل أسرتي من بسطة خضار على أحد أرصفة دمشق!".

لم ينجُ قطاع الصحة من عمليات فصل الموظفين، ومثله قطاع رجال الإطفاء. وقد أدت هذه الإجراءات إلى قيام العمال بتظاهرات ووقفات احتجاجية في دمشق والعديد من المدن السورية، رفضًا لتلك القرارات.

كما تقول الممرضة "ج.س": "فصلوا عددًا كبيرًا من الكوادر التي تحتاجها المشافي، مثل: مصوري الطبقي المحوري، والرنين المغناطيسي، وفصلوا عددًا كبيرًا من الممرضين والممرضات، وكان من الواضح أن إجراءات الفصل تمت بناءً على انتمائهم الطائفي".

ويؤكد من تبقّوا على رأس عملهم في الوظيفة حتى الآن أنهم ينتظرون صدور قرارات فصلهم في أي لحظة، استنادًا إلى انتماءاتهم الطائفية.

وأوضح الموظف في وزارة المالية "س.م": "لا نريد أن نختبئ خلف أصابعنا، فإجراءات الفصل تتم بناءً على هوية الشخص والقرية التي يتحدّر منها، والدليل أنهم يرفضون أي طلب تطوّع في قوات الشرطة أو الجيش، خارج المكوّن الذي يعتمدونه في جميع الوظائف".

من يأتي للعمل فعليا في سوريا؟

وكان وزير المالية في الحكومة السابقة، محمد أبازيد، قال لوسائل الإعلام إن هناك نحو 1.3 مليون موظف يتقاضون رواتب من الحكومة، لكن من يأتي منهم للعمل فعليًّا لا يتجاوز 900 ألف فقط.

وتتهم الحكومة السورية النظام السابق بالفساد، وتوظيف أعداد هائلة من الموظفين الذين لا حاجة لهم في مختلف قطاعات الدولة، ومثال ذلك وجود أكثر من 5000 موظف في التلفزيون السوري، مع أن طبيعة العمل لا تتطلب هذا الرقم.

وكان وزير التنمية الإدارية، محمد السكاف، الذي يشرف على تعداد العاملين في القطاع العام، صرّح بأن الدولة ستحتاج إلى ما بين 550 ألفًا و600 ألف موظف، أي أقل من نصف العدد الحالي.

لكن المحامي المهايني يشير إلى أن إعادة هيكلة المؤسسات مطلوبة ولا غبار عليها، شرط أن تتم بشكل عادل، ولا تستهدف فئة معينة من الموظفين بذريعة مكافحة الفساد. 

ويضيف: "لقد فصلوا مهندسين أصحاب خبرات طويلة من مرفأ اللاذقية، بسبب انتماءاتهم، ووظفوا مكانهم شبانًا صغارًا غير مختصين أكاديميًّا ولا خبرات لديهم".

ولفت المهايني إلى مفارقات غريبة في عمليات الفصل والتوظيف التي تقوم بها الإدارة اليوم، ويقول:"يقبض الموظف السوري اليوم قرابة 30 دولارًا في الشهر، بينما الموظفون الذين تستقدمهم الإدارة الجديدة تُخصص لهم رواتب تتراوح بين 170 و200 دولار في الشهر!".

وبموازاة عمليات فصل الموظفين، يؤكد العديد من الصحفيين لـ"إرم نيوز" أنهم تفاجؤوا بتعيين رؤساء تحرير ومديرين عامين في المؤسسات الإعلامية، أعمارهم في العشرينات، وليس لديهم أي تجربة في الإعلام، ولم يسبق لهم أن نشروا مقالًا في حياتهم!

ويبدو أن ملف الموظفين يسير بلا قانون ناظم، فقرارات الفصل والتوظيف يمكن أن يقوم بها أي مدير، مع أن قانون العاملين في الدولة يحمي الموظفين المثبّتين، ويحصر موضوع فصل أي منهم بيد رئيس مجلس الوزراء.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC
مركز الإشعارات