البنتاغون: وزير الدفاع الأمريكي يأمر بإرسال عتاد جوي لتعزيز الوضع العسكري بالشرق الأوسط
لا يعتبر الفقر المدقع في أوروبا مسألة مستحدثة طفت على السطح مع أزمة الطاقة وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فمنذ سنوات عديدة يوجد مواطن أوروبي يعيش بحوالي 100 يورو، وآخر يقف على طابور طويل شهرياً ليحصل على معوناته، لا سيما في أوروبا الشرقية في دول مثل رومانيا ومولدوفا والتشيك وهنغاريا.
وتعاني أفقر دُول القارة الأوروبية عموماً، وهي دول أوروبا الشرقية من تضخم يفوق الـ 10 %، في الوقت الذي تقترب فيه كل منطقة اليورو من الركود، ما دفع هذه الدول الشرقية إلى إيقاف السياسة النقدية المتساهلة، والسعي إلى تحولها إلى اليورو لعلها تظفر ببعض مظاهر الحماية الاقتصادية في هذا الظرف الصعب الذي يسوده حالة من عدم اليقين.
وأُجبرت البنوك المركزية في المجر والتشيك ورومانيا وبولندا على الشروع بتطبيق سلسلة من الزيادات السريعة لأسعار الفائدة، ما أدى لازدياد حدة الاضطرابات الاقتصادية في شرق الاتحاد الأوروبي.
ووصلت أزمة تكاليف المعيشة في بولندا إلى الحد الخانق، وكذلك في رومانيا والمجر مع أزمة الجفاف الحاد، إضافة إلى تأثير اعتمادية هذه الدول على التجارة مع 19 دولة في منطقة اليورو، ما أدى لتقلص الاقتصاد نتيجة الهزات الاقتصادية في تلك الدول.
ووفقًا لتوقعات المفوضية الأوروبية سيزداد هذا التقلص الاقتصادي في الدول الشرقية خلال الربع الأول من العام المقبل، نتيجة هذه الظروف.
مستقبل قاتم ينتظر المجر
وتواجه المجر الآن احتمال حدوث تراجعين متتاليين في الإنتاج في الربع الأول والثاني من العام المقبل، وفقاً لما كتبه جانوس ناجي، المحلل في مصرف Erste Bank المجري على "تويتر"، مضيفاً أن "التوقعات على المدى القريب قاتمة إلى حد ما، بسبب احتمالية المزيد من الركود في الأشهر القادمة".
وقال أستاذ الاقتصاد الاجتماعي في جامعة ديبرتسن المجرية باتيان لاسلو لـ "إرم نيوز": "في سبتمبر تجاوز معدل التضخم السنوي رسمياً 20 % وفي أكتوبر ارتفع أكثر إلى 21.1 %، ومن شبه المؤكد أنه سيستمر في الارتفاع في الأشهر المقبلة".
وأضاف لاسلو: "عند فحص طبيعة التضخم الحالي تُظهر البيانات أن العلاقة بين التضخم ونمو عرض النقود قوية بشكل استثنائي على المدى الطويل والقصير، ويتبين أيضاً أن السياسات المتبعة من الحكومة أنتجت واقعاً لا يتوافق مع التوازن الحقيقي للاقتصاد، لذلك يجدر التفكير في هذه السياسات وسياسة البنك المركزي المحلي التي ركزت على رفع مستوى الاستثمار من خلال تعزيز الإقراض وخلق بيئة سعر فائدة منخفضة والحفاظ عليها".
وبحسب لاسلو، يمكن إيقاف التضخم إذا تم إغلاق صنابير الأموال، وبالتالي يمكن للسياسة النقدية المحلية الحالية المقيدة للسيولة أن تساهم بشكل فعال في خفض التضخم، ومع ذلك يجب الحذر من أن الاستقرار المؤقت سيؤدي بالنهاية إلى أزمة سيولة.
وتابع لاسلو: "الارتفاع القوي في أسعار الغذاء والمنتجات لا يؤدي فقط إلى زيادة التضخم على المدى القصير إنما يؤدي أيضا إلى ارتفاع دائم في معدل التضخم، وفي هذه الحالة يتطلب وقف التضخم المرتفع جهودًا لكسر الآليات التي تعطي التضخم زخمه الخاص".
وختم لاسلو حديثه: "يجب زيادة أجور العاملين إلى مستوى يتجاوز حجم التضخم، ففي هذا الوضع الحالي لسوق العمل لا يمكن لأي تجربة مغايرة أن تكون ناجحة في البلاد".
التشيكيون أنفقوا مدخراتهم
ولا تزال تكلفة المعيشة في جمهورية التشيك تساهم بشكل كبير في التضخم، رغم تسجيل بعض الانخفاضات مؤخراً.
ووفقاً للبيانات الأخيرة الصادرة عن مكتب الإحصاء التشيكي "ČSÚ"، فقد انخفض التضخم بنسبة 2.9 نقطة مئوية على أساس شهري، وهذا هو أول انخفاض شهري منذ عام كامل، لكنه مع ذلك لا يزال عند أعلى مستوياته منذ 30 عاماً.
وقالت التشيكية أولا باني (28 عاماً) لـ "إرم نيوز": "ارتفعت أسعار العقارات بنسبة عالية كما ارتفعت إيجارات الشقق بنسبة 5.4 % على أساس سنوي، وارتفعت معها أسعار المياه والتدفئة والمياه الساخنة، وكل هذه النفقات آخذة في الارتفاع".
وأضافت باني: "قدمت الحكومة بعض الحلول وانعكست هذه التغييرات على أسعار الكهرباء للمنازل والوقود، لكن ذلك ليس كافياً، وما زالت العائلات تدفع الكثير مقابل الطاقة بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في مساكن خاصة بهم أو مستأجرة".
وبحسب شهادة باني، ارتفعت أسعار الطحين والحليب والدواجن والخبز بنسبة تتراوح بين 30 و 50 %، بينما أصبحت الخدمات أكثر تكلفة بنسبة 13.4 %.
وقالت باني: "نفذت مدخرات الأسر ذات الدخل المحدود بسبب ارتفاع تكاليف الغذاء، وهذا الوضع محزن للغاية، خاصة مع اقتراب مواسم الأعياد".
وقالت وزارة المالية التشيكية إن الاقتصاد ربما دخل بالفعل في ركود ضحل، فيما دعا محافظ البنك المركزي التشيكي أليس ميشيل إلى الحد من نمو الأجور، وحث الحكومة على الالتزام بتشديد الإنفاق المالي بعد الامتناع عن رفع أسعار الفائدة في الاجتماعات الثلاثة الماضية.
تزداد المعاناة شرقاً
ولا يتخلف الوضع كثيراً في رومانيا وصربيا وبولندا عن التشيك والمجر، نتيجة لاتباع سياسات رفع أسعار الفائدة وانخفاض الطلب على الرهون العقارية، وارتفاع الأسعار الذي لا يمكن أن تحتويه الدخول الشهرية في هذه الدول.