قصف إسرائيلي على مناطق بشمال وجنوب قطاع غزة
اشتُهرت بمدينة الفقر والفكر، نظراً لكثرة الأدباء والسياسيين فيها، كما أن موقعها إلى الشرق من حماة بـ 30 كيلومتراً، جعلها بوابة تصل البادية والمنطقة الداخلية.
هكذا صعدت مدينة "سلمية" لواجهة الأحداث، بعد سيطرة المعارضة السورية المسلحة على المنطقة بلا معركة، إثر انسحاب الجيش منها.
وتُعرف "سلمية" بعشقها للفنون والآداب، كما تنتشر فيها الأحزاب السورية جميعها، وهي الأعلى نسبة في أعداد المعتقلين السياسيين على مر العصور.
ومنذ عام 2011، شهدت مظاهرات ضخمة مناهضة للحكومة السورية أسوة ببقية المناطق.
وتمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة على سلمية وريف حماة الشرقي، بعد سيطرتها على جبل زين العابدين الاستراتيجي، حيث فُتحت أمامها الطريق الممتدة شرقاً نحو البادية، وجنوباً باتجاه حمص، مما يمكنها من الوصول إلى حمص من جهة الشمال الشرقي.
وعند وصول قوات المعارضة المسلحة إلى مشارف مدينة سلمية، عمل المجتمع الأهلي على تجنيب المدينة أية معارك تؤدي لتدميرها، بعد انسحاب الجيش منها، فتم الاتفاق مع المعارضة على تحييدها، وتكليف قوات من أهل البلدة لحفظ الأمن وتسيير حياة الناس.
ويذكر الباحث التاريخي عارف تامر، في كتابه "سلمية في خمسين قرناً"، أن المدينة عرفت بهذا الاسم، تخليداً لذكرى معركة "سالميس" التي انتصر فيها اليونان على الفرس عام 480 ق.م، لكن ياقوت الحموي في "معجم البلدان"، يقول إنه مشتق من "سلم مئة"، عندما سلم مئة رجل فيها من إحدى الكوارث.
وعرفت سلمية بطريقين تجاريين هامين يعبرانها، الأول يبدأ من سواحل الخليج العربي مروراً بالبصرة والبادية وصولاً لدمشق، والثاني من حلب فالسفيرة والأندرين إلى جنوب دمشق.
ونظراً لموقعها الاستراتيجي، تعرضت سلمية للتدمير عدة مرات، فقد لحقها الخراب على يد الفرس، عام 547م، وفي أواخر القرن الثالث للهجرة، دمرها القرامطة.
وتبعاً للدكتور تامر، كانت تتبع لمملكة "قطنا" أيام الأموريين بين عامي 2100-2400 ق.م، ثم خضعت للآشوريين عام 1500 ق.م.
ومن القصص اللافتة في تاريخ المدينة، حكاية قناة العاشق لجر المياه، التي يبلغ طولها 150كم وتعود لأكثر من 2000 عام، وقد كانت مهراً قدمه ابن أميرها، لابنة ملك "أفاميا" بعد أن اشترطت عليه مدّ القناة من سلمية، لإرواء مدينتها، حتى تقبل الزواج منه.
ومن معالم مدينة سلمية، قلعة "شميميس" الأثرية، التي يعتبر احتلالها شرطاً للسيطرة على البادية والمنطقة الداخلية.
وفي المراحل جميعها، اعتبرت هذه القلعة حصناً عسكرياً منيعاً ضد الجيوش القادمة من الشرق، وحرص القادة على احتلالها نظراً لأهميتها الاستراتيجية.
وتعاني مدينة سلمية وريف حماة الشرقي، من قلة المياه الجوفية والتصحر، رغم شهرتها القديمة بكروم العنب والتين وحقول القمح والشعير، فقد أصبحت تعتمد على الزراعة "البعلية"، وأصبحت تصنف ضمن المناطق الفقيرة.
وفي العصر الحديث، اشتهرت سلمية بالشعر، وقدمت لديوان العرب أسماء شعراء هامين، مثل محمد الماغوط، وعلي الجندي، وفايز خضور، وإسماعيل عامود، وسليمان عواد وغيرهم. كما تزدهر فيها الفرق الموسيقية الشابة وأشهرها فرقة "تكات" المعروفة عربياً.
واستقبلت مدينة سلمية خلال حرب حلب وحماة، أعداداً كبيرة من النازحين بسبب المعارك، ونشطت فيها فرق التطوع والجمعيات الخيرية ومشاريع الدعم النفسي والمادي للمتضررين من الحرب، ما جعلها الوجهة المفضلة للفارين من مناطق الاشتباكات المشتعلة في المنطقة الوسطى هذه الأيام.
