البنتاغون: وزير الدفاع الأمريكي يأمر بإرسال عتاد جوي لتعزيز الوضع العسكري بالشرق الأوسط
إلياس حنا الرحباني (1938 - 4 يناير 2021)، هكذا سارعت موسوعة ويكيبيديا الحرة إلى إقفال القوس على حقبة فنية لبنانية مشرقة ألهمت أجيالا من الموسيقيين، لتؤكد رحيل الموسيقي الفذ إلياس الرحباني، الركن الثالث في مدرسة الرحابنة إلى جانب الراحلين منصور وعاصي.
وجاء نبأ رحيل إلياس الرحباني في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات سياسية واقتصاية فاقمتها تفجير مرفأ بيروت المأساوي، ليزيد من قتامة المشهد، فكل ما هو مضيء في هذا البلد الذي وصف ذات يوم بـ"سويسرا الشرق"، سرعان ما ينطفئ ويضمحل أمام الخيبات المتراكمة.
لم يعرف الراحل معنى العبوس والتجهم، فعبر مختلف المحطات كان إلياس الرحباني دائم الابتسام، يتسم بروح خفيفة مرحة وشبابية تسربت إلى موسيقاه التي جاءت، وفق نقاد موسيقيين، كنسمات رقيقة تصل الأسماع وتدخل القلوب دون استئذان.
استطاع إلياس الرحباني، الموسيقي والملحن وكاتب أغان وقائد أوركسترا، أن يجسد عبر فنه طوال أكثر من نصف قرن موسوعة موسيقية نادرة، كادت أن تشكل مدرسة متفردة بذاتها.
خطا إلياس الرحباني لنفسه مسارا خاصا بعيدا عن المدرسة الرحبانية التقليدية التي طغى عليها اسم عاصي ومنصور، لكن ما حققه الشقيق الأصغر يمثل، في نهاية المطاف، إضافة واستكمالا لمنجز الأخوين رحباني الحافل بكل ملامح البساطة والتجديد والخروج عن السائد.
ولطالما سُئل إلياس الرحباني، لماذا لم ينضم إلى شقيقيه الكبيرين عاصي ومنصور ليكونوا ثلاثة رحابنة معا، وكان يرد بعفويته: "بحياتنا ما عملنا جمعية، وكنا دايماً سوا وأنا حبيت الموسيقى من خلالهما وعملا اللي خططولو وأنا اشتغلت اللي بفكر في، ودايماً كنا سوا".
وكتب رئيس الوزراء المكلّف بتأليف الحكومة سعد الحريري عبر "تويتر" أن "إلياس الرحباني غصن آخر من الشجرة الرحبانية يهوي بعد مسيرة حافلة في الإنتاج الموسيقي الراقي".
وفيما رأت المغنية نجوى كرم عبر "تويتر" في وفاة الرحباني "خسارة كبيرة للبنان"، غرّدت المغنية أليسا أن لبنان "خسر ثالث العمالقة من آل الرحباني"، معتبرة أن الراحل "لا يتكرر بفطرته وموهبته وأعماله الخالدة".
أنجز إلياس الرحباني تلحين أكثر من 2500 أغنية ومعزوفة شرقية وغربية، وألّف موسيقى تصويرية لعشرات الأفلام والمسلسلات، ووضع معزوفات كلاسيكية على البيانو، وأنتج وألَّف عدة مسرحيات، حتى إنه نال شهرة واسعة في مجال فن الإعلان... وغيرها الكثير من الأعمال الموسيقية التي أسهمت في ثراء ورقيّ الفنون العربية خلال القرن العشرين.
وخلدت فيروز بصوتها الشجي بعضا من أجمل ألحانه مثل أغنية "أوضة منسية" و"حنا السكران" و"كان عنا طاحون" و"طير الوروار" وغيرها من الأغاني التي انتشرت في حينها وما زالت تحظى بالرواج والإعجاب.
ولحن إلياس الرحباني أغاني لأبرز المطربين اللبنانيين مثل وديع الصافي وملحم بركات وسمير حنا وصباح وماجدة الرومي وجورجيت صايغ ونصري شمس الدين وسواهم.
عندما كان إلياس في عمر الخامسة توفي حنا الرحباني والد العائلة الرحبانية، فعاش الابن الأصغر في كنف الأخوين عاصي ومنصور اللذين أشرفا على تربيته ونشأته الموسيقية.
درس الموسيقى، خلال الخمسينات، في الأكاديمية اللبنانية والمعهد الوطني للموسيقى، إضافة إلى تلقيه دروسا خاصة لعشرة أعوام، تحت إشراف أساتذة فرنسيين في الموسيقى.
وفي العشرين من عمره (1958) استدعته إذاعة "بي بي سي" البريطانية بفرعها في لبنان وتعاقدت معه على تلحين 40 أغنية و13 برنامجا، فكان ذلك أول عمل رسمي له.
كان عام 1962 محطة رئيسة في حياته؛ فقد بدأ فيه التعاون مع المغنّين المعروفين، بأغنية "ما أحلاها" للمغني نصري شمس الدين، وبدأ العمل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان، وتعرّف على حبيبته "نينا خليل" وتزوجها، وأنجبا ابنين هما غسان وجاد.
بقي في إذاعة لبنان حتى 1972، واشتغل أيضا منتجا موسيقيا لدى شركات منتجة للإسطوانات، وفي 1976 سافر مع عائلته إلى باريس.
تلقى العديد من الجوائز، منها: جائزة مسابقة شبابية في الموسيقى الكلاسيكية 1964، جائزة عن مقطوعة La Guerre Est Finie في مهرجان أثينا عام 1970، شهادة السينما في المهرجان الدولي للفيلم الإعلاني في البندقية عام 1977، الجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان عام 1995، الجائزة الأولى في روستوك بألمانيا عن أغنية Mory، وجوائز في البرازيل واليونان وبلغاريا، وعام 2000 كرّمته جامعة بارينغتون في واشنطن بدكتوراه فخرية، وكذلك جامعة أستورياس في إسبانيا.
كان من أعضاء شرف الموسمين 10 و11 من برنامج ستار أكاديمي (للتعليق على الأداء)؛ ومن أعضاء لجنة تحكيم برنامج سوبر ستار (أراب آيدول).