عاجل

وول ستريت جورنال: أمريكا لا تتوقع اتفاقاً بين إسرائيل وحماس قبل انتهاء ولاية بايدن

logo
منوعات

قصص الأطفال العربية.. إشكاليات صناعة المشهد البصري

قصص الأطفال العربية.. إشكاليات صناعة المشهد البصري
13 مارس 2022، 10:18 ص

لقصص الأطفال أهمية بالغة في بناء وترتيب عقلية الطفل، حيث يتلقى من خلالها التفاصيل التي تعلمه مفاهيم الحياة، وتزيد من تعمّقه وإدراكه للأحداث.

ويجب أن يتحدد هذا وفقًا لرؤية ثاقبة من مبدعي الكتابة للطفل، لتتمكن القصة من التأثير والتعبئة التي تحفز التفكير الإبداعي لدى الطفل، وتلفت انتباهه إلى الأفكار الصغيرة التي تصنع الفارق في تعامله مع المواقف.

عناصر جذب

وتعتبر رسومات القصة، منذ الماضي، من الجزئيات التي تدعم الحالة السردية لها، وتزيد من عناصر الجذب. إذ لجأ الناشرون وصنّاع المحتوى القصصي للطفل، لدمج رسومات محاكية لأحداث القصة، بهدف توضيحها، وكذلك منعًا للملل الذي يتسرب للطفل من قراءة أو سماع اللغة. لكن من ضمن التوجهات الحداثية لمنتجي قصص الأطفال، قيامهم بالإيعاز للرسامين بالإيغال أكثر، في محتوى القصة القصيرة، والإضافة إلى المحتوى، بحيث تكون الرسومات ليست محاكية فقط، وإنما مكملة للمعنى، بل وتصنع الإضافة، حيث تدخلت المنهجية الرمزية في إنتاج الرسومات، وتدرّجات الألوان، وحجم الشخصية، امتدادها داخل النص، بالإضافة إلى أدوات المتعة البصرية التي تمنحها الرسومات للقارئ، وما تقوم به من إعادة تمثيل بصري للسرد.

وكما للكاتب مهمة في جعل المحتوى مادة قابلة للفهم لوعي الطفل، يكون على الرسام وضع حبكة فنية للصور، تساعد الطفل على تحليل النص، وإدراك خفاياه.

منتج تجاري

وفي ظل الأدوات الحداثية للتكنولوجيا، لا تزال قصة الطفل العربي تعاني إشكاليات الصناعة، حيث يواجه المنتج الأخيرة أزمات الكاتب المتكررة مع التمويل وحقوق النشر، فيما يعاني رسامو قصص الأطفال، من قلة العائد المادي، وعدم اهتمام معظم دور النشر بجودة الألوان والطباعة، أو الرسومات، وميل الأغلب للمنتج التجاري. وهو ما خلق أزمة في الربط بين الكاتب والرسام، وغياب الحافز للعمل المشترك بينهما، لتكون القصة أكثر فاعلية. كما وأن الحافز للإنتاج العربي لقصص الأطفال، يقع تحت حد الطلب الضعيف من قبل الأهالي، الذين لا يضعون القراءة في سلّم أولويات حياة أطفالهم.

غياب التنسيق

تقول رسامة قصص الأطفال الفنانة اللبنانية نور يا: "هنالك أزمة في مجال صناعة القصة العربية للطفل، ويعود ذلك للتشتّت في إنتاج المحتوى، وغياب التنسيق بين الكاتب والمختصين في مجالات مختلفة متعلقة بعلم النفس وعلم الاجتماع، لذا تغيب المنهجية عن العمل، ويغيب السياق، والمتطلبات المنهجية لحل المشاكل الاجتماعية، فلا يستطيع العمل ملامسة حواس الطفل، وتتكرر نفس أخطاء الماضي".

وتضيف نور يا: "هنالك جانب متعلق بالمؤسسة الثقافية العربية والأهل، فلا يتم تقديم القصة للطفل بشكل مناسب، ما يجعله ينفر عنها في نهاية المطاف، والمطلوب دمج الأدوات التي تزيد من حب الطفل للقراءة، وتطويرها، من أجل مجتمع مستقبلي قارئ.

ففي ألمانيا حيث أقيم، تقدم العائلات لأطفالهن، قلمًا إلكترونيًا يقرأ للطفل القصة، في حال تغيب الأهل في عملهم".

الرسام هامشًا

أما الفنان الفلسطيني والرسام خالد جرادة فيقول لإرم نيوز: "من الواضح تواجد رسامين عرب كثر، يقدمون إبداعات مميزة، لكن يعاني الرسام العربي من اعتبار الناشر له مكملا للعمل، وليس ركيزة في مسيرة إنتاج العمل، فيتم التعامل مع الرسام كمترجم للنص، وليس محركًا لأحداث القصة، وصاقلًا لأفكارها، ويتم كذلك منع الرسام من وضع الأفكار التي يراها مناسبة للعمل، ويتم تفضيل ذائقة الناشر خلاله".

ويضيف جرادة: "إشكالية أخرى تتعلق بثيمة الرسم عند الفنان العربي، التي تتأثر بشكل كبير بطريقة الرسم الغربي، فتكون اللغة عربية، لكن المشهد البصري بطبيعة فرنسية أو ألمانية أو يابانية، من حيث البيئة والملابس وحتى الملامح. وهو ما يضع الطفل في حالة انفصام بين واقعه، مشاهده اليومية، وبين الرسومات التي تصنع وعيه في القصة، وكذلك تفقد القصة ومحتواها البصري الإحساس الحقيقي".

عدم تقدير

الرسامة الفلسطينية لميس الشريف، ترى بأن "الرسومات العربية التي يقدمها الفنانون للأطفال، لا تعبر عن صوت المجتمع الطفولي، ولا حتى صوت الفنان، ويرجع ذلك لكون الفنان العربي غير مؤهل ماديًا، للإبداع والتفكير في أساليب وطرق مختلفة لصناعة الفن، فالحالة الاقتصادية لمعظم المبدعين العرب على الحافة، نظرًا لعدم التقدير المادي من المؤسسة الرسمية العربية، والمؤسسات العاملة في الوسط الثقافي والفني".

وتضيف الشريف: "الرسومات التي يتم تقديمها للطفل العربي، عند المعظم، تخضع لمعايير وقيود، تجعل من المشهد البصري مغبشًا، ولا يستطيع الطفل اتخاذه كصديق له أثناء يومياته، لأن اللحظة البصرية عن الطفل، لحظة إحساس بالصدق، ومحاكاة الخيال عنده، وهو ما يتم منعه عبر قيود الناشر، وقيود الممول في أوقات كثيرة".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC