عاجل

السلطات الأوكرانية: مقتل شخصين وإصابة آخرين في قصف جوي روسي على مدينة سومي

logo
منوعات

يهود تونس.. السؤال المتكرر حول الاندماج والتعايش

يهود تونس.. السؤال المتكرر حول الاندماج والتعايش
06 أبريل 2022، 11:07 ص

يستعد اليهود في تونس لموسم الحج بكنيس "الغريبة"، في جربة جنوب البلاد، وهو أقدم معبد يهودي في أفريقيا ويستقطب أكبر تجمع لهم خلال شهر نيسان/أبريل، من كل عام.

ومع حلول هذا الموسم، يُعاد طرح التساؤلات عن قدرة الطائفة اليهودية على الاندماج في المجتمع التونسي والتعايش مع المسلمين.

ووفق آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عام 2018، يبلغ عدد اليهود في تونس 1100 شخص، بعدما كانوا يعدّون عشرات الآلاف خلال العقود الماضية.

وعلى الرغم من أن اليهود جزء من مكونات المجتمع التونسي، فإن هناك سؤالا يتردد بإلحاح، وهو: "هل نتحدث عن أقلية يهودية أم جالية أم طائفة؟".

تبدو التسمية الأخيرة، وفق مراقبين، الأقرب إلى المنطق، "فاليهود الذين يعيشون في تونس اليوم، هم تونسيون أبا عن جدّ، يحملون الجنسية التونسية ويتمتعون بكامل مقومات المواطنة في البلاد".





ويقول الكاتب والباحث في العلوم الاجتماعية محمد ذويب، إنّ "يهود تونس مواطنون عاديون يتمتعون بكامل حقوقهم المضمونة في الدستور، ولا شيء يفرّق بينهم وبين مكوّنات النسيج الاجتماعي التونسي".

ويرى ذويب في حديث لـ "إرم نيوز"، أن "القضية تكمن في النظرة التحقيرية، أحيانا، من التونسيين للطائفة اليهودية، وهذا موجود في الخطاب وفي السلوكيات".

وأوضح أن "الأمر هنا لا يقتصر على اليهود، بل إن نظرة المجتمع التونسي إلى بعضه البعض لا تخلو أحيانا من عنصرية، تجاه البيض والسود، وبين المناطق الريفية والمناطق الحضرية".

ويعتبر ذويب أن "على وسائل الإعلام والنخب أن تلعب دورا في إلغاء هذه الفوارق، لتحقيق التعايش السلمي بين اليهود وبقية مكونات الشعب التونسي".





التعايش قائم

ويؤكد يهود تونس أنّ التعايش بينهم وبين المسلمين قائم منذ وقت طويل، وأنه مثل واحداً من مقومات الهوية التونسية المتنوعة، على الرغم من تعرّض عدد كبير منهم للتهجير والاعتداءات مع النكبة الفلسطينية عام 1948 ثم بعد حرب 1967.

كما شهدت فترة ما بعد 1967، رحيل عشرات الآلاف منهم من مدن تونسية مختلفة.

وينتشر اليهود أساسا في تونس العاصمة، وخصوصا في مدن حلق الوادي ونابل وقابس وتوزر وجزيرة جربة، جنوب شرقي البلاد.

وتمثل جربة موطنا لأغلب اليهود التونسيين، ولا سيما "الحارة الصغرى" و"الحارة الكبرى" التي يعيش فيها أغلب يهود الجزيرة.

وهي لا تختلف كثيرا من حيث معمارها ونمط عيش أهلها عن بقية الحارات والأحياء في تونس، فالجدران مطلية باللون الأبيض والأبواب والنوافذ يغلب عليها اللون الأزرق.

غير أنّ يوم السبت يمثل خصوصية لهذه الحارة من خلال انصراف سكانها إلى الصلاة وإقامة الطقوس والاحتفالات الدينية وترديد الأناشيد.

وعلى الرغم من الاختلافات الجوهرية من حيث العقيدة، يعيش اليهود هناك بشكل عادي، ويجلس الأطفال اليهود والمسلمون إلى طاولة واحدة، يدرسون في مدارس المسلمين.

لكنهم لا يدرسون مادة التربية الإسلامية، التي عادة ما يتم برمجتها يوم السبت للتلاميذ المسلمين، أي يوم الراحة اليهودية.

بينما يدرس أطفال اليهود التوراة طوال أربع سنوات، وفق ما يؤكد عدد من أهالي الحارة الكبرى بجزيرة جربة.





وفي "حومة السوق" بجربة، تنتصب المحال التجارية ومحال الذهب، إذ يُعرف اليهود بتجارة الذهب.

وتضم هذه الدكاكين وثائق ومخطوطات مكتوبة بالعبرية، وحتى دعاء جلب الرزق والبركة للمحلّ يُكتب بهذه اللغة.

وفي هذه الحارة أيضا غالباً ما تكون المحال التجارية التابعة ليهود ملاصقة تماما لمحال أخرى تابعة لمسلمين، ومن النادر أن تسمع يوما بحصول مخاصمات أو خلافات بين هؤلاء الجيران.

وفي "الحارة الصغرى" أيضا، التي لا تبعد سوى بضع مئات من الأمتار عن الحارة الكبرى، يتعايش اليهود والمسلمون، وتنجذب أعين الزائرين عند مداخل الحارة إلى الزينة ونظافة الشوارع ورسائل السلام والود والتسامح المكتوبة على الجدران.

ويقول الباحث التونسي محمد أمين العاقل إن "اليهود في تونس مثلوا على امتداد الفترات التاريخية الحديثة عنصرا فاعلا في الحياة الاجتماعية والسياسية".

وأضاف العاقل لـ "إرم نيوز"، أنه "لم تكن مسألة الاندماج الاجتماعي يوما أمرا مطروحا ولا محل إشكال بين التونسيين".





الأملاك اليهودية

ويشير العاقل إلى أن الطائفة اليهودية لها مصالحها وحقوقها التي تعتبر أنها مهضومة، ولا سيما مسألة الأملاك اليهودية التي لجأت الدولة التونسية إلى مصادرتها في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين بعد هجرة العائلات اليهودية.

ويرى أن هذه المسألة خلافية، وتمثل واحدة من المسائل التي قد تعكّر صفو التعايش السلمي، معتبرا أن حلها يتطلب قرارا سياسيا.

وكان الناطق باسم الطائفة اليهودية في تونس، بيريز الطرابلسي، أعلن تأييده للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز/ يوليو الماضي، داعيا إلى تسوية ملف الممتلكات اليهودية.

وبينما يستعد التونسيون لاستقبال شهر رمضان، بدأت حارة اليهود في جربة استعداداتها لأكبر عملية حج لآلاف اليهود من مختلف أنحاء العالم، حيث يأتون كل سنة بين 20 و25 أبريل/ نيسان إلى كنيس الغريبة الذي يضم أقدم نسخة من التوراة، وفق الروايات اليهودية.

ويتزامن الحج اليهودي هذه السنة مع العشر الأواخر من رمضان، التي يحييها المسلمون بالقيام وصلاة التراويح وبأجواء خاصة استعدادا لعيد الفطر، ما يعكس أجواء من التعايش في هذا البلد.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC