مصدر مقرب من حزب الله: الغارة الإسرائيلية استهدفت معاون مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب
كشفت العديد من التقارير الصادرة خلال الآونة الأخيرة، عن وجود روابط محتملة بين النوم والزهايمر، خاصة مع تزايد أعداد المصابين بهذا المرض حول العالم.
وبحسب موقع "فوتورا" المتخصص في مجالات العلوم والصحة والتكنولوجيا، فإن مرض الزهايمر "هو الشكل الأكثر شيوعا للخرف في فرنسا" على سبيل المثال، مشيرا إلى أن هناك ما يقرب من مليون فرنسي مصابون بهذا المرض.
ويضيف الموقع في تقرير نشره مؤخرا، إلى أنه "مع تقدم السكان في العمر يمكن أن يرتفع هذا العدد بشكل حاد في السنوات المقبلة، خاصة أنه حتى الآن لا يتوفر أي دواء يستهدف سبب المرض، والعلاجات الموجودة تستهدف فقط الأعراض".
ويحاول الخبراء منع ظهور المرض أو على الأقل تأخير ظهوره، وهو ما يتطلب تحديد عوامل الخطر وعمل إجراءات تهدف إلى الحد من تأثيرها.
لكن هل لاضطرابات النوم دور في ظهور مرض الزهايمر؟
وبحسب تقرير "فوتورا"، أظهرت دراسات بالفعل أن مشاكل النوم غالبا ما تكون موجودة لدى المرضى، منذ بداية المرض.
وبين أن "الصلة بين مرض الزهايمر والنوم تسير في اتجاهين، من ناحية فإن الآفات الدماغية التي يسببها المرض ستؤدي إلى تدهور مناطق الدماغ التي تتحكم في النوم وبالتالي تعطله، ومن ناحية أخرى تؤدي اضطرابات النوم إلى حدوث نفس هذه الآفات".
ويضيف التقرير: "في الواقع ترتبط قلة النوم عند الحيوانات بزيادة كمية مجاميع ببتيدات بيتا أميلويد ومن بروتينات تاو في الدماغ، وهما من المؤشرات الحيوية للمرض".
ويوضح أنه "بهذا المعنى فإن النوم السيئ هو عامل خطر يمكن أن يؤدي إلى الإصابة بمرض الزهايمر، لكنه عامل خطر يمكن التأثير عليه".
وللتمكن من التأثير على عامل خطر اضطرابات النوم، يجب توصيفها بشكل أوسع.. هل الليالي قصيرة جدا؟، هل هناك صعوبات في النوم؟، هل هي ليال مجزأة؟.
يعد الفهم الأفضل للآليات الأساسية أمرا ضروريا قبل التمكن من تحديد استراتيجية وقائية مناسبة، ثم تقديم رسائل في الصحة العامة ذات الصلة.
فإذا كان لا يزال من المستحيل تحديد جوانب النوم المتورطة في ظهور مرض الزهايمر على وجه اليقين، إلا أنه ثبت بوضوح من خلال العديد من دراسات مؤسسة Inserm، أن النقص الحاد في النوم (أقل من 6 ساعات في الليلة) هو عامل خطر للإصابة بأنواع الخرف.
كيف تحسن نومك؟
تحاول دراسات إجراء تقييم علمي لتأثير النشاط البدني أو التأمل على نوعية ومدة نوم الأشخاص، خاصة أن التأمل أثبت بالفعل فعاليته في إبطاء شيخوخة الدماغ وتقليل التوتر والقلق، وهو ما يكفي لتعزيز النوم الجيد، بحسب التقرير.
وحتى الآن سعى العلماء إلى فهم الآليات البيولوجية التي تربط مرض الزهايمر بنوعية النوم الرديئة التي من المعروف أن لها آثارا ضارة بلا شك على الدماغ.
وتم الكشف عن هذه التغيرات الناجمة عن انقطاع النفس أثناء النوم من خلال تقنيات التصوير الدماغي المختلفة، في أدمغة كبار السن الأصحاء.
وتعد متلازمة انقطاع النفس الانسدادي النومي، من اضطرابات التنفس أثناء النوم الأكثر شيوعا، حيث تصيب أكثر من 30% من سكان العام بعد سن الـ65.
وعند الأشخاص المصابين يؤدي هذا المرض إلى انقطاعات متكررة وغير منضبطة للتنفس أثناء النوم، مرتبطة بانسداد مؤقت للممرات الهوائية العليا، على مستوى الحلق.
ويرتبط انقطاع النفس النومي بالعديد من المشاكل الصحية، وعلى رأسها أمراض القلب والأوعية الدموية، ومع ذلك تظل هذه الحالة المَرضية "صامتة" لفترة طويلة، لذلك ربما لا تلقى الاهتمام اللازم عند عامة السكان.
وفي السنوات الأخيرة، أظهرت دراسات وجود صلة بين جودة النوم، وعلى وجه الخصوص وجود انقطاع النفس النومي، وبين تطور مرض الزهايمر.
ومع ذلك لا يزال يتعين توضيح الآليات البيولوجية الكامنة وراء هذه الصلة.
ولتحقيق رؤية أكثر وضوحا أجرت الباحثة في Inserm، جيرالدين راوخس، دراسة في مختبر فسيولوجيا المرض وتصوير الأمراض العصبية (إنسيرم / جامعة كاين نورماندي) بالتعاون مع مختبر علم النفس العصبي والتصوير للذاكرة البشرية (إنسيرم / جامعة كاين نورماندي / المدرسة العملية للدراسات المتقدمة - PSL).
وفي هذه الأعمال التي نُشرت في 23 آذار/ مارس الماضي في مجلة JAMA Neurology، استخدم الباحثون العديد من تقنيات التصوير الدماغي لرسم خريطة تغيرات الدماغ لدى الأشخاص الذين يعانون من انقطاع النفس النومي غير المعالج، هيكليا وجزيئيا، وأيضا وظيفيا.
واستعان الباحثون بـ127 مشاركا تزيد أعمارهم عن 65 عاما، وباستخدام جهاز محمول لتسجيل نومهم وتنفسهم في المنزل أثناء الليل، اكتشف الباحثون وجود توقف في التنفس أثناء النوم لديهم، بدرجات متفاوتة من الخطورة، في 75% منهم.
وخضع جميع المشاركين أيضا لسلسلة من الاختبارات لتقييم أدائهم الإدراكي، بما في ذلك الذاكرة والوظائف التنفيذية.
وأجاب المشاركون على الاستبيانات المتعلقة بتصوراتهم عن وظائفهم المعرفية ونوعية نومهم، ثم تم إجراء العديد من فحوصات تصوير الدماغ؛ من أجل دراسة أدمغتهم من جميع الزوايا وتحديد التغيرات المحتملة التي يمكن أن ترتبط بمرض الزهايمر.
وعلى الرغم من عدم وجود فروق بين المشاركين في الأداء المعرفي فقد كشف تصوير الدماغ عن العديد من التغييرات الملحوظة في أدمغة الأشخاص الذين يعانون من توقف التنفس أثناء النوم.
حلول
في الواقع، عند هؤلاء المشاركين يكون تراكم بروتين "بيتا أميلويد" في الدماغ أكثر وضوحا، فمن سمات مرض الزهايمر أن هذا البروتين يتراكم في شكل لويحات يمكن أن تؤدي، حسب توزيعها في الدماغ وكثافتها إلى ظهور علامات سريرية للمرض.
وبالإضافة إلى ذلك لاحظ الباحثون زيادة في كتلة المادة الرمادية واستهلاك الجلوكوز؛ مما يشير إلى وجود عمليات التهابية في الدماغ.
وفي الوقت الذي لم تتوج فيه التجارب السريرية التي تهدف إلى اختبار علاجات مرض الزهايمر بالنجاح بعد، فإن تحديد عوامل الخطر والحماية التي يجب العمل على أساسها، تحظى باهتمام متزايد لدى الباحثين.
وتركز الباحثة جيرالدين راوخس وفريقها الآن، على تأثير علاج انقطاع النفس على تطور تلف الدماغ، كما سيحللون الاختلافات بين أدمغة الرجال والنساء الذين يعانون من انقطاع النفس أثناء النوم.
وربطت دراسة جديدة بين النوم وتكوين لويحات الشيخوخة، وهي هياكل توجد بكثرة في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر.
ويمكن أن تؤدي هذه النتائج إلى علاجات تهدف إلى تحسين نوعية الليالي للحد من تطور المرض.
ومرض الزهايمر هو شكل من أشكال الخرف يصاحبه تدهور تدريجي في الوظائف الإدراكية، ويفقد المصابون ذاكرتهم تدريجيا ويواجهون صعوبات في التعلم، ولا يعودوا قادرين على التعامل مع الحياة اليومية، ويحتاجون عموما إلى المساعدة الطبية.
تم إجراء أول وصف للمرض في عام 1906 من قبل الطبيب الألماني ألويس ألزهايمر الذي لاحظ وجود لويحات مشبوهة في دماغ أحد مرضاه المتوفين، ثم سميت هذه الهياكل باسم لويحات الشيخوخة، أو الأميلويد؛ لأنها تنشأ من تراكم بروتين بيتا أميلويد، بين الخلايا العصبية.
وتظهر هذه التجمعات بشكل طبيعي مع تقدم العمر، ولكنها تتراكم بكميات أكبر بكثير عند مرضى الزهايمر. ومع ذلك لا يزال أصل هذا التراكم المتسارع للبيتا أميلويد غامضا، وتجرى حوله حاليا الكثير من الأبحاث.
النوم الجيد يحمي الدماغ
حقق باحثون في جامعة "جونز هوبكنز" في بالتيمور تقدما في هذا الموضوع، من خلال الاطلاع على مجموعة من المعلومات،حيث أدركوا أن الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر ينامون بشكل عام أقل من غيرهم.
ثم تساءلوا عن الصلة بين النوم وتطور لويحات الشيخوخة، لتأتي إجابتهم في دراستهم المنشورة في مجلة "جاما نيورولوجي".
في تلك الدراسة اختار العلماء 70 شخصا في صحة جيدة بمتوسط عمر 76 عاما.
تم سؤالهم أولا عن عادات نومهم، ومدتها، وعدد حالات الاستيقاظ الليلي، وصعوبة النوم، والاستيقاظ المبكر، وغيرها من الأمور.
وباستخدام العديد من تقنيات التصوير الطبي، لاحظوا بعد ذلك توزيع وكمية لويحات الأميلويد في أدمغتهم.
ومن خلال جمع هذه المعطيات، اكتشف الباحثون وجود صلة بين تراكم لويحات الشيخوخة ومدة الليالي وجودتها. ومع ذلك لا يبدو أن عدد حالات الاستيقاظ الليلية يؤثر على تكوين هذه المجموعات في الدماغ.
وتتفق هذه النتائج مع دراسة حديثة أظهرت أن الدماغ يتخلص من المخلفات والسموم بمعدل مرتفع أثناء النوم.
وأظهر هؤلاء الباحثون على وجه الخصوص أن "بيتا أميلويد" قد تم التخلص منها مرتين بصورة أسرع أثناء النوم، عند الفئران.
واختتم موقع "فوتورا" تقريره بالقول إن "كل هذه النتائج تعزز فكرة أنه من المهم الاهتمام بالنوم للحفاظ على توازن جيد في الحياة، خاصة أن قلة النوم ترتبط أيضا بأمراض أخرى مثل السكري ومشاكل القلب والأوعية الدموية والسمنة واضطرابات الاكتئاب ومرض باركنسون".