logo
منوعات

حذاء الزيدي.. من سلاح للكرامة إلى استعراض صحفي

حذاء الزيدي.. من سلاح للكرامة إلى استعراض صحفي
09 أغسطس 2015، 3:34 ص

للحذاء في إرث الشعوب معنى يجافي الأخلاقيات، إذ أن الحذاء يعبر عن المهانة طالما أن القدمين تنتعلانه للمشي فيهما، وفي النهاية الاستغناء عنه بعد أن يبلى رغم خدمته لنا لزمن قد يمتد إلى سنوات.

واتخذ الحذاء دائما مكانة غير محبوبة، خاصة في عقائد الناس، حيث أن العديد من أماكن العبادة تحرّم الدخول إليها بالحذاء، احتراما للمكان وحفاظا على طهارته.

وشعوب عديدة تخلع أحذيتها قبل أن تدخل منازل الآخرين تعبيرا عن الاحترام للآخر وللمكان.

كما يعتبر الحذاء علامة فارقة بين الأثرياء والفقراء، بل ويكشف الكثير عن شخصية صاحبه، فالذي ينتعل حذاء رياضيا يعبر عن روح منطلقة، والذي ينتعل حذاء رسميا يعبر عن روح تقليدية.. الخ.

وهو جانب استغله الرسام الشهير "فان جوخ" ليبدع بلوحة تعد من أشهر لوحات العالم وتحمل اسم الحذاء، والتي تستطيع أن تعكس حياة الإنسان من خلاله وتعرّف بالكثير عنه.

كما اشتهر في القصة الكلاسيكية "ساندريلا" والذي أوصلها الحذاء إلى قمة الثراء والمجد بعد أن كانت تعيش في قاع الفقر والظلم.

وانطلاقا من معاني الإهانة والتقليل من شأن الآخرين، اتخذ الصحفي العراقي منتظر الزيدي قرارا بقذف الرئيس الأمريكي جورج بوش بحذائه، ردا على إهانة الولايات المتحدة للعراق باحتلالها، ويبدو أن القرار كان حاسما لكون المؤتمر الذي عقده جورج بوش كان الأخير في العراق وقبل فترة وجيزة من انتهاء ولايته الرئيسية، مما دفع صاحبه لاستجماع شجاعته وخلع حذائه ورمي رئيس أعظم دولة في العالم به.

ليصبح الحذاء الذي قذف به الزيدي "بوش" علامة فارقة في الصحافة وشجاعة منقطعة النظير، لتحوز على إعجاب ملايين العرب المكبلين بغضبهم والمجردين من أسلحة الدفاع عن كرامتهم، ليتحول سلاح "الحذاء" الضعيف إلى صوت صارخ في وجه الأقوياء والمستبدين. وليصير الصحفي منتظر الزيدي بين ليلة وضحاها بطلا من العيار الثقيل للشعوب المقهورة حول العالم، وليصبح حذاءه رمزا للنضال وليعلو شأن الأحذية منذ تلك اللحظة وأهميتها. بل وليصير "حذاء الزيدي" مطلوبا بملايين الدولارات.

وكعادة الرموز صار "حذاء الزيدي" فعلا ممارسا من قبل مختلف الشعوب، ولكن الفعل الذي بدا لدى الزيدي عفويا ومحض تعبير انفعالي، بدا كأنه صار للآخرين شكلا من أشكال الاستعراض، ودربا قصيرا ومختصرا للشهرة، ولربما لجعل أحذيتهم تصير كذلك بأهمية "حذاء الزيدي".

أحذية على خطى "حذاء الزيدي"

بعد واقعة الحذاء الذي وصم الرئيس الأمريكي جورج بوش وختم مسيرته الرئاسية لأعظم قوى عالمية، توالت الأحذية المقذوفة في وجوه المسؤولين.

فمن ضمن من تعرضوا للقذف بالحذاء، الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد أثناء زيارته للقاهرة في 2013، من قبل أحد المعارضين السوريين، احتجاجا على دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد.

وفي عام 2010 تعرض رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي وقتئذ، لمحاولة مماثلة عندما قذفه أحد الأكراد برشقه بالحذاء إلا أنه لم يصبه، وفي عام 2014، شهدت الولايات المتحدة الأميركية، وتحديدا في ولاية نيفادا، حادثة أخرى، حيث قامت امرأة أمريكية برشق وزيرة الخارجية الأميركية وقتها، هيلاري كلينتون بحذائها، خلال حديثها أمام مؤتمر عقد بلاس فيجاس.

ومؤخرا قامت الصحافية اليمنية ذكرى العريقي بقذف حمزة الحوثي، أحد قيادات الحوثيين، بالحذاء، أثناء المؤتمر الصحفي الذي عقد في جنيف، ليعيد إلى الأذهان تاريخا طويلا من هذه الحوادث، التي استخدم فيها الحذاء سلاحاً.

ورغم أن الحذاء صار سلاحا هاما للتعبير عن الغضب المكبوت، إلا أن الحادثة الأخيرة بقذف الحوثي من قبل الصحافية اليمنية، يفتح الباب على مصراعيه على سؤال ملح.. هل صار "حذاء الزيدي" دعاية مجانية طلبا للشهرة واستعراضا للعضلات؟ وصحفي يريد أن يقول للعالم.. "أنا هنا"؟.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC