إعلام حوثي: الطيران الأمريكي يستهدف بغارتين شمال محافظة عمران
غالبا ما ترتبط سينما الجريمة بالتشويق والإثارة من خلال إيقاع متصاعد في رحلة بحث رجال الشرطة عن الجاني وسط سلسلة لا تنتهي من الألغاز والمفاجآت، بحيث تشير أصابع الاتهام بنهاية العمل إلى آخر شخص كنا نشك فيه.
ومن الشائع في هذا السياق، أن يتمتع البطل، ضابط الشرطة، بمزيج لافت من الجاذبية والوسامة، لا سيما إذا كانت شريكته في التحقيقات الجنائية تحظى هي الأخرى بجمال واضح لينشأ خط رومانسي مواز للخط الأساسي.
يخالف فيلم "العدالة" البولندي الذي يُعرض مؤخرًا ضمن الأعمال الجديدة على شبكة "نتفلكس" هذا التصور تمامًا، فالشخصية الرئيسة هنا هو ضابط مسن مفصول من عمله يعاني البدانة ويبدو أقرب إلى جد وديع.
وتم فصل هذا الضابط من عمله نتيجة تورطه في الاعتداء على متهمين وهو ما يجعل المدعية العامة في البلاد تستدعيه لحل لغز جريمة سطو على أحد البنوك، نتج عنها مذبحة تتمثل في قتل حارس الأمن وثلاث موظفات بالبنك.
برع الممثل البولندي المخضرم أولاف لوباشينكو في تجسيد شخصية ضابط يعاني اللهاث بعد بذل أقل مجهود، لكنه يحتفظ بذهن يقظ وبراعة استثنائية في كشف أصحاب النفوس الشريرة الذين يخفون سر جرائهم في ركن بعيد مظلم داخل أرواحهم.
ولا تعتمد الحبكة على الغموض أو الألغاز، فمنذ البداية الأولى يتجه الشك إلى أحد حراس الأمن الشباب الذي تغيَّب عن مناوبته يوم وقوع الجريمة وقدم حجة غياب بدت مقنعة، لكن مع تصاعد قليل من الأحداث نصبح على يقين من أنه هو الفاعل، ويتبقى فقط العثور على الدليل.
يركز الفيلم على المشاعر الإنسانية، بدلا من التشويق، فالضابط كان زوجا وأبا سيئا، والآن هو جد سيئ لأنه لا يجيد التعبير عن مشاعره.
أما اللص القاتل الذي لعب دوره الممثل الشاب يندريه خيسنار، فأقدم على جريمته حتى يوفر لشقيقته الصغرى التي تقيم بملجأ لرعاية الأطفال مستقبلا لائقا بصحبته، بعيدا عن عروض العائلات الثرية لتبنيها.
حتى شريكة الضابط في التحقيقات، لعبت دورها الفنانة فيكتوريا غورادازكيا، فلا تراهن على جمالها أو حتى براعتها الاستثنائية في حل الجريمة، وإنما يقدمها الفيلم كنموذج إنساني آخر لامرأة بسيطة من أبناء الطبقة الوسطى تعيش وحيدة بلا صحبة دافئة، وكل ما تملكه هو عملها المرهق في تعقب مرتكبي الجرائم الصغيرة.
وهنا يتضح أن اسم الفيلم "العدالة" لا يشير فقط إلى المعنى المباشر الضيق الذي يعني إيقاع العقوبة بالمجرمين، بل ينفتح على معان أكثر شمولية تتعلق بالعدالة في حياتنا على الأرض ومصائر الشخصيات الوحيدة ومن يستحق حياة دافئة مفعمة بالمشاعر من عدمها.