نجح المغرب في تجفيف "الفكر المتطرف" بسجون المملكة، عبر برنامج "مصالحة" الخاص بإعادة تأهيل وإدماج السجناء المدانين بقضايا الإرهاب.
واستفاد من البرنامج، منذُ إطلاقه في عام 2017، 322 سجيناً، وأسهم بالإفراج عن 235 سجينًا، بينهم 170 نزيلًا أفرج عنهم بموجب عفو ملكي، بحسب أرقام رسمية.
ويعمل البرنامج على محاربة التطرف، بالاعتماد على تربية القيم الدينية والمواكبة النفسية، وتنظيم ورش عمل تُعنى بالقانون ونشر ثقافة حقوق الإنسان وتقديم تأطير سياسي واقتصادي.
وقال الباحث المغربي المتخصص في الجماعات الإسلامية والفكر الإسلامي الدكتور إدريس الكنبوري، إن برنامج "مصالحة" هو بمثابة حبل مُد إلى السجناء فتشبثوا به للخروج من براثن التطرف، مشيراً إلى أن البرنامج أعطى نتائج طيبة بفضل تظافر مجموعة من الجهود.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن انخراط السجناء المدانين بقضايا التطرف والإرهاب في هذا البرنامج يؤكد بالملموس رغبة هؤلاء في طي صفحة الماضي بعد تأكيدهم على تشبثهم بثوابت البلاد ونبذهم للتطرف ومراجعة أفكارهم.
وبين الكنبوري أن البرنامج "مصالحة" جاء بعد فشل مجموعة من البرامج، التي كانت تستهدف السجناء المدانين بقضايا التطرف والإرهاب بالمملكة، خلال فترة سابقة، وتحديداً إبان فترة الاعتقالات الأولى التي أعقبت أحداثا إرهابية بالبلاد.
ومن جهته، قال مدير مركز "المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث" منتصر حمادة، إن البرنامج هو أحد أوجه التعامل المغربي الدولاتي مع ظاهرة التطرف العنيف في نسختها الدينية.
وأضاف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "الحديث عن نجاح البرنامج أو تواضعه، مسألة يفصل فيها السياق التاريخي، إلا أنه في الحالتين، نحن إزاء تجربة تستحق التنويه".
يهدف البرنامج إلى ضمان أمن وسلامة السجناء وإعداد المعتقلين للاندماج الاجتماعي والاقتصادي.
منتصر حمادة
وبين حمادة أن البرنامج يهدف إلى "تأطير السجناء المعتقلين في قضايا التطرف العنيف"، إضافة إلى "ضمان أمن وسلامة السجناء وإعداد المعتقلين للاندماج الاجتماعي والاقتصادي، وكذلك تحسين ظروف الاعتقال".
وأكد أن "هناك إرادة دولاتية (دولة) لفتح الباب أمام المعتقلين من أجل المراجعة، وفتح باب الأمل لإعادة النظر في الأحكام القضائية، في انتظار تسوية بعض القضايا أو التحديات المرتبطة بمرحلة ما بعد الإفراج".
وأشار حمادة إلى أن ثمة "تزكية كل هذه المشاريع والمبادرات، من خلال صدور العفو الملكي، أي العفو الصادر عن أعلى سلطة سياسية ودينية وأمنية في المغرب".
ولفت إلى أن تلك الخبرات تخول للمغرب الدفاع عن تجربته في تدبير معضلة التطرف العنيف، بما يفسر بعض أسباب الدعوات التي يتوصل بها المغرب من دول عربية وأفريقية وأوروبية، هدفها الاستفادة من تجربة المملكة في مواجهة التطرف العنيف، وهذا بحد ذاته مؤشر على الإنجازات التي تحققت حاليا، في انتظار مزيد من التقييم والتقويم.