ترامب: لم أناقش مع بوتين ملف المساعدات لأوكرانيا
برحيل المفكر البحريني د. محمد جابر الأنصاري أمس الخميس عن عمر ناهز 85 عامًا، يُغلق قوس الإسهام الفكري الذي انطلق على مدار نصف قرن، لواحد من أبرز المفكرين على الساحة العربية.
حيث اتسمت مؤلفاته بطابع مضاد للتخلف والجمود، فجاءت جريئة، وحيوية، وصادقة لا تنحاز إلا لأمتها، وتحرص على تخليص الفكر الجمعي للعرب مما علق به من غبار الجهل والخرافة على مدى عقود.
جمع الأنصاري على مستوى النشأة والتعليم بين "التراث والحداثة" وبين "الأصالة والمعاصرة" في صيغة فريدة، حيث ولد في البحرين عام 1939 وتخرج في الجامعة الأمريكية ببيروت 1963 بعد أن حصل على ليسانس الآداب، ثم "الماجستير" في الأدب الأندلسي عام 1966، ليكون أول بحريني يحصل على تلك الدرجة العلمية.
ورغم أنه توج صعوده الأكاديمي بالحصول على الدكتوراه في تخصص نادر ودقيق هو "الفلسفة الإسلامية المعاصرة" عام 1979، فإنه لم يكتف بذلك وانفتح على آخر أفكار العالم الحداثية من خلال مواصلة دراسته في اثنتين من أرقى الجامعات الدولية، وهما "كامبريدج" البريطانية و"السوربون" الفرنسية.
لم يسكن الراحل في برج عاجي، بل كان مثالًا لما يُعرف بـ "المثقف العضوي"، أي الذي يشتبك مع قضايا وطنه وأمته ويساهم في التغيير إلى الأفضل على أرض الواقع، دون أن يكتفي بالتنظير أو الشعارات، انطلاقًا من خلفيته بوصفه أستاذًا للحضارة الإسلامية والفكر المعاصر .
وهكذا شارك الأنصاري في إدارة وتأسيس عدد من المؤسسات والهيئات ذات الطابع الثقافي والأكاديمي مثل "أسرة الأدباء والكتاب" في البحرين و"كلية الدراسات العليا" بجامعة الخليج العربي، فضلًا عن دوره الرائد في تأسيس "معهد العالم العربي" في باريس.
تجاوزت مؤلفاته العشرين كتابًا قدم فيها أطروحات تكاد تكون غير مسبوقة في تحليل الفكر العربي الراهن وبيان أسباب تراجعه، واضعًا "خارطة طريق فكرية" نحو المستقبل من أجل إحداث نهضة شاملة وكبرى.
وتكفي نظرة سريعة لعناوين تلك المؤلفات حتى تتضح أهميتها اللافتة كما في "تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي"، و"الفكر العربي وصراع الأضداد"، و"تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية"، و"مساءلة الهزيمة: جديد العقل العربي بين صدمة 1967 ومنعطف الألفية"، و"العالم والعرب سنة 2000" ، و"الفكر العربي وصراع الأضداد: تشخيص اللاحسم في الحياة العربية"، و"رؤية قرآنية للمتغيرات الدولية"، و"شواغل الفكر بين الإسلام والعصر".
ويعد كتابه "التأزم السياسي عند العرب وموقف الإسلام" بمنزلة "وصفة عملية" لمحاولة إرشاد المسلمين لموقع أقدامهم على أرض الواقع، وكيف يمارسون تعاليم دينهم في الشورى والعدل وغيرهما من خلال آليات مجتمعية فاعلة لا تكتفي بترديد المبادئ المجردة، وإنما تُعنى بكيفية إنزالها على الواقع الحي.
