تشهد العاصمة الكينية نيروبي تزايدًا في انتشار محطات غسل السيارات، التي تحولت إلى رمز يعكس النمو الاقتصادي والتباين الاجتماعي في البلاد.
ووفقًا لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن صعود الطبقة الوسطى وازدياد خدمات النقل الخاصة أضاف أبعادًا جديدة لمفهوم محطات الغسل، إذ لم تعد مقتصرة على تنظيف المركبات فقط، بل أصبحت مراكز اجتماعية تعبّر عن الفوارق الاقتصادية.
في حي كيليشوا السكني، تزدحم محطات الغسل بسيارات مختلفة، إذ يبدأ سعر الخدمة الأساسية من 150 شلن (نحو دولار أمريكي واحد)، ويوضح إيان ثوو، وهو سائق أوبر، أن سيارته تُعدُّ بمنزلة "مكتب متنقل"، مضيفًا: "من غير المقبول أن أعمل في مكان غير نظيف".
"لوموند" أشارت أيضًا إلى أن ارتفاع الطلب على السيارات، مع تراجع كفاءة وسائل النقل العام، قد عزّز ثقافة امتلاك المركبات في كينيا.
وتشهد الطبقة الوسطى نموًّا لافتًا، ويؤكد إكس إن إراكي، اختصاصي الاقتصاد، أن انتشار هذه المحطات يعكس تطورًا في الاقتصاد الكيني، ويشير إلى أن البلاد تتمتع بفرص اقتصادية تفوق دولًا مجاورة مثل تنزانيا وأوغندا.
وبعض محطات الغسل تقدم خدمات تتجاوز مجرد التنظيف، إذ تتضمن مرافق ترفيهية مثل المقاهي والمطاعم.
ففي محطة "Geco Car Wash" بحي كيليماني، يُقدم غسيل كامل مقابل 1000 شلن (نحو 7 دولارات)، ويوفر المقهى المجاور أجواءً أنيقة للاسترخاء، وتقول ماريان موندي، مديرة المحطة، إنهم يقدمون خصومات خاصة يوم الأربعاء للنساء، ما يجذب الزبائن، بمن فيهم بعض السياسيين والدبلوماسيين.
وأصبح مقهى Geco ذو التصميم العصري والموسيقى الحية وجهة مفضلة للسهرات، ويقول مالكه ماتيوس فيناتو: "يأتي الناس هنا للاسترخاء، سواء أكانوا يرتدون ملابس غير رسمية أم ملابس أنيقة".
وتؤكد الزبونة ويندي، التي تستمتع بالمكان حتى دون امتلاك سيارة، أنها تفضل أجواء المقهى عن محطة غسل السيارات.
ورغم مظاهر الرفاهية هذه، تظل نيروبي تعاني تفاوتًا اقتصاديًّا كبيرًا، إذ يعيش العديد من السكان في أحياء فقيرة، ويرى فيناتو الذي يدير نشاطه في منطقة يقصدها الأثرياء والمغتربون، أن الفجوة بين الأغنياء والطبقة الوسطى تزداد وضوحًا، ما يبرز التحديات الاجتماعية التي تواجه المجتمع الكيني.
وختمت الصحيفة بالقول إنه في هذه المحطات الحديثة، حيث تتلألأ السيارات النظيفة وتزدهر المقاهي الفاخرة، تبقى الفوارق الاجتماعية جلية، مسلطة الضوء على عمق التغيرات التي تشهدها العاصمة نيروبي.