لم تأت من فراغ حالة الصدمة والحزن الشديدين اللتين انفجرتا عبر منصات التواصل في الساعات الأخيرة إثر الإعلان عن رحيل الفنان المصري محمد رحيم عن عمر 45 عامًا، فالمتتبع لمسيرته يجد أنه حقق إنجازات مذهلة في فترة زمنية قصيرة وبسن صغيرة للغاية يستحق معها أن يوصف بـ "عبقري الجيل" و"صانع النجوم".
في أواخر عام 1997، استضافت كلية التربية الموسيقية بحي الزمالك بالقاهرة ندوة للفنان حميد الشاعري، ليتفاجأ "الكابو" بطالب في الصف الثاني من الكلية يخبره أن لديه لحنًا ويريد أن يعرضه عليه.
لم يكن هذا الطالب سوى محمد رحيم الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 18 عامًا، وذهب ليعرض لحنه على الشاعري في الاستديو الخاص به.
وتشاء الأقدار أن يكون الأخير على موعد مع عمرو دياب في الليلة نفسها ويستمع دياب إلى اللحن الذي أداه "رحيم" على الجيتار ويطير إعجابًا بجماله ويوزعه حميد في الليلة نفسها.
ويجد رحيم نفسه بين عشية وضحاها، وتحديدًا في صيف 1998، ملحنًا لأغنية "وغلاوتك" التي حققت نجاحًا كبيرًا وقتها في ألبوم "عودوني" لعمرو دياب.
سرعان ما تحرر رحيم من فكرة "الملحن الملاكي لعمرو دياب" ليصبح موهبة متفجرة ذات مشروع كبير يتسم بالشمولية والعمق، ويتوالى تعاونه مع رموز الغناء الآخرين في ذلك التوقيت.
ووقعت أشهر مطربات لبنان في غرام أعماله، وتنافسن عليها كما حدث مع نوال الزغبي وميريام فارس، لكن نانسي عجرم حظيت بالنصيب الأكبر، إذ صنع عددًا من أشهر أغنياتها مثل "ابن الجيران إللي قصادي" و"فيه حاجات تتحس" و"الدنيا حلوة" و"أنا ليه بحب حبك أوي كده ليه".
ارتكز المشروع الفني لرحيم على سمات مختلفة تتجاوز مجرد أن بداياته جاءت مع "العمالقة" في سن مبكرة للغاية، فقد كان شديد التجديد والتجريب، وانتقل سريعًا من إيقاعات الفلامنكو والجيتار والـ "لاتين بوب" إلى الإيقاعات الشرقية وحتى الأناشيد والابتهالات.
انطلقت مسيرة رحيم ليتصدر المشهد الموسيقي في سنوات قليلة بوصفه أحد أهم ملحني "الموجة الجديدة" في الغناء العربي بعقد الألفية الجديدة، لكن المدهش حقًّا أنه تحول وهو في العشرين من العمر إلى "صانع للنجوم" و"مكتشف للمواهب".
وضع الألحان الأولى لعدد من النجوم الذين تسيدوا الساحة لاحقًا، مثل تامر حسني وهيثم شاكر وجنات، فضلًا عن مايا نصري وروبي.
والمثير للتأمل أنه كان صاحب الألحان التي صنعت انتشارًا كبيرًا وحققت الـ " الهيت، Hit"، بلغة صناع الموسيقى، بمعنى النجاح المدوي في مسيرة نجوم الطرب، كما حدث في أغنية " أنا شكلي هحبك ولا إيه" لتامر حسني و"سهرانين" لكارول سماحة و "أنا طبعي كده" لنيكول سابا و"أجمل إحساس" لإليسا.
وجاءت وفاة محمد رحيم بشكل مفاجئ نتيجة تعرضه لأزمة قلبية حادة أدت إلى وفاته، بحسب مصادر طبية مصرية.
ونعى طيف واسع من المشاهير، من الوسط الفني والمجتمعي، الفنان الراحل، معربين عن حزنهم وألمهم لرحيله.
وقال الملحن تامر حسين في نعيه لزميله الراحل: "خبر مؤلم جدًّا جدًّا جدًّا وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها".
وأضاف في منشور عبر "فيسبوك": "وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير / محمد رحيم لا حول ولا قوة إلا بالله".
ونعت الفنانة الإماراتية أحلام رحيم قائلة عبر حسابها بمنصة "إكس": "إنا لله وإنا إليه راجعون فعلًا خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له ويجعل هذي الأيام خير أيامه يا رب ادعوا له #محمد_رحيم في ذمة الله".
