عاجل

الجيش الإسرائيلي يعلن شن ضربات على "حزب الله" في جنوب لبنان

logo
منوعات

حفلات توقيع الكتب.. إعلانات مشروعة أم "بريستيج" زائد؟‎

حفلات توقيع الكتب.. إعلانات مشروعة أم "بريستيج" زائد؟‎
من معرض القاهرة للكتاب (أرشيفية)المصدر: غيتي
24 يوليو 2024، 1:58 م

منذ أيام، أقام أحد المسؤولين، حفل توقيع لكتابه الجديد في فندق "شيراتون" في العاصمة السورية دمشق. وكانت الدعوة شخصية، شبيهة بدعوات الأعراس، إذ طُلب من الجميع تأكيد حضورهم مسبقاً، أو الاعتذار؛ لأن كل شيء في الحفل، محسوب تبعاً لعدد الكراسي.

في الفترة نفسها، أعلنت إحدى الشاعرات الجدد، عن حفل توقيع لكتابها الأول، في أحد المراكز الثقافية، واقتصر الحضور على الأقرباء الداعمين والمشجعين لصاحبة التجربة الجديدة.

بالتوازي مع ذلك، أعلن الكاتب فراس السواح، عن إقامة حفل توقيع لكتابه الجديد، في مرسم الفنان فاتح المدرس، حيث من المتوقع حضور جمهور النخبة من المتابعين لدراسات السواح المعروفة.

وتثير حفلات توقيع الكتب، أسئلة حول الهدف منها، وهل هي من حق الكتاب المشهورين أصحاب التجارب فقط، أم لا بد أن تكون مفتوحة للجميع بمن فيهم المغمورين وأصحاب الإصدار الأول؟

وكثيراً ما تتجاوز تكاليف بعض حفلات توقيع الكتب، تكلفة طباعة الكتاب نفسه، خاصة عندما تكون في "لوبي" فندق شهير، مع ضيافة معتبرة ووسائل إعلام تغطي الحدث. فهل تستوي المبالغة في البذخ هنا، مع حفل يقام في مكان بسيط وبلا ضيافات للحضور؟!

 

حفلات تعويض الخسائر

يقول الروائي خليل صويلح، صاحب رواية "اختبار الندم"، الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب، لـ"إرم نيوز": "كانت حفلات توقيع الكتب تخص المؤلفين المعروفين، بمعنى أن هناك صلة قربى إبداعية بين المؤلف والقارئ، وما الكتاب الموقّع إلا مناسبة للاتصال مجدداً بينهما، لكن زحف المؤلفين الجدد أدى إلى إقامة حفلات التوقيع  لـ"تعويض الخسائر"، أي استعادة المبلغ المدفوع في طباعة الكتاب".

ويرى الكاتب المسرحي والسينمائي، سامر محمد إسماعيل، أن الكاتب أصبح اليوم أهم من الكتابة. ومن أجل ترسيخ هذه القناعة تقام حفلات توقيع الكتب. ويضيف إسماعيل، لـ"إرم نيوز": "حضرت مؤخراً حفل توقيع في أحد الأماكن الفارهة، فاعتقدت للوهلة الأولى أن دستوفيسكي، هو من سيوقع الكتاب".

وفيما يخص أعمال الكتّاب الجدد، يرى الروائي صويلح، أن معظم دور النشر لا تغامر بتبني أعمالهم؛ لذلك تأتي حفلة التوقيع كنوع من الزكاة، لتحقيق شهرة مؤقتة في وسائل التواصل الاجتماعي.

ويضيف صويلح: "حفلات كهذه محاولة محمودة لانتشار الكتاب بين القراء في ظل غياب قارئ المكتبات. ويمكن اعتبارها وليمة أخيرة في وداع الكتاب، فالمؤلف المعروف أو المستجد، ضيف على طرف مائدة الناشر، فما المانع أن يغرف حساء اللحم لمرة واحدة، قبل أن يعود إلى كومة العظام أو ما يسمى حقوق المؤلف؟".

 

الكتاب يستحق الاحتفاء

ويرى الروائي يعرب العيسى، صاحب رواية "المئذنة البيضاء"، أن الاحتفاء بإصدار الكتاب، أهم من الاحتفاء بأعياد الميلاد وذكرى الزواج ونيل الشهادة الإعدادية. ويضيف يعرب، لـ"إرم نيوز": "لا أظن أن حفلات توقيع الكتب مناسبات مشروعة ومقبولة فقط، بل ضرورية؛ لأنها طريقة الكاتب أو الناشر أو كليهما، لإخبار العالم أن لديه حدثاً سعيداً".

وتبدو ظاهرة توقيع الكتب، بالنسبة للكاتب سامر محمد إسماعيل، جيدة وتساعد على انتشار الكتاب. لكن المشكلة تكمن في صورة الكاتب التي يراد تسويقها. ويضيف إسماعيل: "هذا النشاط يمارس لمحاكاة صورة الكاتب التي كرستها أفلام السينما ومسلسلات التلفزيون. الموديل المصدر عن الكاتب صاحب التوقيع الذهبي، أمسى طقساُ لاستعراض الأزياء وموائد الطعام وحفلات الكوكتيل".

ويرى الروائي يعرب العيسى، أن قيمة الكتاب لا يحددها حفل التوقيع، بل قدرة الكتاب على البقاء والاستمرار، ويضيف: "الكتاب الجديد شبيه بمولود جديد، ستحتفل أمه وجدتاه وخالاته وعماته، سيصنعن رز بحليب أو مغلي كراوية بالجوز، وستأتي نساء الحي للتهنئة، دون أن تؤثر مباركاتهن، على مستقبل المولود، الذي سيكبر مجرماً أو مبدعاً، منسياً أو عاقاً، أو أي شيء يريد ويستحق".

 

دُور النشر تتكاثر مثل الفطر

وتظهر مشكلة أخرى على هامش توقيع الكتب، تتعلق بغياب الرقابة الإبداعية عن دور النشر، التي يصفها الكاتب إسماعيل، بأنها تتكاثر مثل الفطر. ويضيف: "تلك الدور تنشر ما هبّ ودبّ، بدءاً من مذكرات المسؤولين السابقين، إلى السير الذاتية لوزراء ومتنفذين، يعتقدون أنهم يوقعون كتبهم "الخالدة" في سجل الخالدين".

ويحمّل إسماعيل أجهزة الرقابة، مسؤولية ذلك، ويصف القائمين عليها بالأميّين. ويضيف: "أولئك الرقباء الأميّون، ستراهم على رأس قوائم المدعوين في حفلات توقيع الكتب. أما الكاتب فغالباً لن يجد أجرة طباعة كتابه، ولا تكاليف توقيعه في مطعم من الدرجة العاشرة".

ورغم أن الجميع يتفقون على أهمية إقامة حفلات توقيع للكتب الصادرة حديثاً، من أجل إشهار الكتاب والاحتفاء به تشجيعاً للكاتب، إلا أن المشكلة في أسلوب إخراج تلك الحفلات التي يبالغ فيها أحياناً، فتكون أهمّ من الكتاب نفسه.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC